بسم الله الرحمن الرحيم حث ديننا الحنيف على عبادة الله وحده لا شريك له ، و حث على مكارم الأخلاق ، وترك الذنوب والمعاصي التي أمر الله بتركها .. لكن النفس البشرية أمّارة بالسوء .. والإنسان مذنب لا محالة : ( عن أبي أيوب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا أنكم تذنبون خلق الله خلقًا يذنبون فيَغفر لهم( .. ولذلك فالخطأ آت لا محالة ، كبيراً كان أم صغيراً ، عمداً كان أم جهالةً ..أما علاجه فهو الإستغفار والتوبة والندم ، قال تعالى : (ومن يعمل سوءا او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ). وإنني هنا أردت الحديث عن من نسميهم في عصرنا الحاضر ب (المطاوعة ) أو ( المتدينين ) او ( الملتزمين ) .. وهم أشخاص أخذوا على عاتقهم ترك المعاصي والمنكرات فيما يقدرون عليه ، وأطلقوا اللحى و قصروا ثيابهم تنفيذاً لأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم .. وأتساءل في هذا المقال عن سبب رؤيتنا للخطأ الصادر منهم كخطأ كبير لا يغتفر .. وأن فعلهم للمعاصي أشد وقعاً من فعلها من الأشخاص العاديين ( غير الملتزمين ) .. أليسوا بشراً مثلنا يخطئون ويذنبون ؟ أم أنهم معصومون من الخطأ ،، ولذلك يكون فعلهم مستنكراً وغريباً جداً ؟ من الأسباب الرئيسية هو أننا في هذا العصر قد أخذنا في تفكيرنا أن من يلتزم بالدين ويعلن ذلك عبر تغيير مظهره وعاداته فإنه شخصٌ قد فعل شيئاً عظيماً يدل على قوة عزيمته وصبره على الصعوبات والإغراءات ، وننسى بأنه كجميع البشر معرض لنقص الإيمان وتعرضه للنزوات وإغراءات شياطين الإنس والجن ، وأنه يدخل مع الجميع في حديث ( لو لم تذنبوا ...) . أي أن الذنوب والمعاصي موجودة عند الجميع ، لكن هناك من يقاومها وهناك من يفتح لها الأبواب ،، وهناك من يجاهر بها ويفتخر بها وهناك من يستر على نفسه ، وهناك من يخطئ ويجهل ، وهناك من يتعمد .. وهذا هو الفرق .. ومن الأسباب أيضاً أننا لا نقبل بأن نرى شخصاً يمثل الدين بمظهره ، يفعل أفعالاً نهى الله عنها ويراه الناس على ذلك ، فهذا ربما يشوه الدين عند من لا يعرفه ، و حقيقةً فإن المسؤولية تقع على عاتق جميع من هو مسلم ، وليس على عاتق الملتزمين فقط ، فغير المسلم لا يعرف الفرق بين الملتحي أو غير الملتحي ، فقط يعرف بأننا مسلمين وحسب ، ولا أنكر أن من له مدةً طويلةً في بلادنا قد أخذ فكرةً بأن الملتحي هو المتدين الحقيقي ، وفي هذه الحالة يجب على المستقيمين التعامل معهم كممثلين على الدين ، لأننا أعطيناهم هذه الفكرة شئنا أم أبينا . فلذلك يجب علينا التعامل مع الشخص الملتزم أو المتدين كتعاملنا مع أي انسان آخر ، وليس كتعاملنا مع شخصٍ معصوم ، فلا يوجد معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويجب أن نحسن الظن في الملتزم ، وألا نظن أنه قد وضعها رياءاً أو لسبب دنيوي من أي خطأ نراه منه ، وحتى لو حدث ذلك ، فهذا لا يعمم، ويجب أن نعرف أن الرجال تعرف بالدين ، ولا يعرف الدين بالرجال ، وليس كل من أطلق لحيته فهو يمثل الدين ، فالدين الإسلامي كامل لا نقص فيه ، لكن الناس تختلف في تطبيقه .. وأسأل الله أن يهدينا ويهدي جميع المسلمين لما هو خير لهم في دينهم و دنياهم .