تنظر المدرسة الحديثة إلى المنهج على أنه منظومة متكاملة يتصل بها كل ما يتعلق بالعملية التربوية من مقرر مدرسي ومبنى ومعلم ووسائل تعليمية ... وغيرها من المفردات التي تتعلق بالعملية التربوية إلى أن تصل في شموليتها إلى ما يتناوله الطالب من حجرة المقصف المدرسي . وقد سعت وزارة التربية والتعليم جاهدة إلى تحقيق هذا المفهوم الواسع للمنهج فأحدثت الإدارات والأقسام التي تعنى ببعض جوانبه والتي لم تكن موجودة فيما مضى داخل المنظومة الوزارية .وقد زودت هذه الأقسام والإدارات بجميع احتياجاتها التنظيمية والإدارية والتي تكفل لها القيام برسالتها سواء أكان ذلك على مستوى الإدارات التعليمية أو داخل المدارس . إلاّ أنه في اعتقادي الشخصي أن الممارسات التطبيقات النظرية والعملية بقيت عاجزة أن تخدم هذا المفهوم الواسع للمنهج في جزء من أجزائه الرئيسة وهو جانب النشاط الطلابي حيث بقي هذا الجزء المهم يعاني ضعف القرارات الإدارية والتنظيمية التي تهيئ له النجاح داخل المؤسسات التربوية على اختلاف مستوياتها فالبرغم من أهمية النشاط الطلابي لدى المسؤولين عن التربية ودورها الرئيس في بناء شخصية الطالب وأثره على النمو الشامل المتكامل له . ( والمستعرض للدراسات العربية حول واقع التربية المدرسية بشكل عام والنشاط الطلابي بشكل خاص يلاحظ مظاهر متعددة للقصور وتتعلق بجانب أو أكثر من جوانب الممارسة المتعلقة بالنشاط . فعلى السبيل تشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من المربين يرون عدم ملاءمة مستوى النشاط الطلابي الممارس في المدارس الابتدائية والمتوسطة وأن هناك معوقات تحول دون أداء النشاط على الوجه المطلوب لعل من أبرزها عدم تأهيل رواد النشاط لأداء عملهم فضلاً عن عدم تفرغهم لذلك . وتشير دراسة أخرى إلى أن قلة العناية بالأنشطة غير الصفية في كثير من المدارس ظاهرة يمكن ملاحظتها بوضوح . وترجع هذه الظاهرة إلى العمل في ضوء الفلسفة التنفيذية للمنهج التي تعنى بثقافة الذاكرة وتركز على التحصيل المعرفي وليس على السعي لإنماء المتعلم تنمية شاملة متكاملة تركز على الجوانب العقلية العليا جنباً إلى جنب من الجوانب المهارية والوجدانية (1) ) . بقي النشاط الطلابي الذي لا زال يسمى عند بعضهم إلى اليوم ( للأسف ) النشاط غير المنهجي بقي يعاني قصور النظرة لدى بعض القائمين على القرارات التربوية والإدارية .وقد أفرزت هذه النظرة آثارها في الميدان التربوي ومن هذه الآثار عدم التكامل بين المهتمين المعنيين بالعملية التربوية فيما ينفذ داخل إدارات النشاط التنفيذية لا يتعلق في كثير من برامجه وآلياته بالإشراف التربوي ( إشراف المواد التدريسية ) وإن حصل شيء من التعاون والتكامل الجزئي فهو يتم بصورة اجتهادية غير مبني على تخطيط من الجهات التشريعية وطرفي هذا التنسيق والتعاون في عرف ( أصحاب المدرسة القديمة في التربية ) مجتهدين لأن مشرف المادة لا علاقة له بما ينفذ من أنشطة تربوية خارج غرفة الصف الدراسي ولذا لا تتملك الدهشة إذا رأيت جماعات كثيرة من مشرفي المواد الدراسية تأتي للمدرس ولا يعنيها من برامج الأنشطة الطلابية شيئاً لأن طبيعة أعمالهم لا تفرض عليهم ذلك فالمنهج يمعناه الواسع يبقى نظرياً لا تطبيقياً كما أن مشرفي النشاط الطلابي تبعدهم طبيعة أعمالهم عن أي أمر يتعلق بالمواد الدراسية والكل يزور المدرسة ويشرف على الجانب المتعلق بعمله المحدد . كما أن من آثار هذه النظرة القاصرة للمنهج أن عاش النشاط الطلابي أسيراً لأي كوارث إدارية تحل بالعاملين فيه كإلغاء الدورات الخاصة برواد النشاط الطلابي وإلغاء تفريغ رواد النشاط بالمدارس وما الحاجة إليهم والمنهج في عرف البعض المقرر المدرسي فقط . كما أن من الآثار أن حركة التوزيع والاحتياج داخل إدارة التربية والتعليم وخارجها تتم دون النظر إلى العاملين في مجالات الأنشطة الطلابية . فالمهم هو الفصل الدراسي فلا تعجب أن رأيت رائداً للنشاط خطط لأعماله داخل إحدى المدارس الثانوية وبدأ فيها بكل جد واقتدار ثم يتفاجأ بخير نقله إلى مدرسة أخرى لأنه زاد في مدرسته فهو زائد عن العمل التربوي الذي يرونه وهو ( المقرر المدرسي فقط ) أما ما يقوم به في نظرهم ليس من المنهج في شيء ونقله تم بناء على المصلحة التربوية والتعليمية وكأن التربية بطوعه والتعليم قصراً على المقرر المدرسي فإلى مزيد من تفعيل المنهج بمعناه الجديد الواسع أيها التربويون . محمد بن ابراهيم الصويلح مشرف النشاط اللاجتماعي بإدارة التربية والتعليم بمحافظة الخرج ---------------------------------- (1) اللقاء السنوي التاسع للجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ( النشاط الطلابي ودوره في العملية التربوية والتعليمية ) .