الحمد لله الحكم العدل الخبير والصلاة والسلام على رسوله الأمين البشير وبعد فان الاستشارات القانونية والمحاماة في بلادنا الغالية عمل تخصصي تتم ممارسته بهدى القواعد الشرعية فليس لهذه المهنة مبادئ خاصة بها تختلف عن القواعد العامة لخلق المسلم وسلوكه سواء في مجتمعه الإسلامي أو في خارجه . ولئن تطلبت مصالح العباد وجود قواعد تنظيمية تفصيلية عديدة أصبحت تفرض قدرا من المعرفة بما اقتضى التخصص في فروع تلك القواعد وعلومها فان ذلك يتم ضمن إطار قواعد المعاملات التي تزخر بها المصادر الشرعية ويلتزم بها المسلم أياً كانت طبيعة عمله وترجع إلى الأصل الجامع وهو العدل والإحسان , قال تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاى ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) الاية90(النحل) وقوله تعالى (قل أمر ربي بالقسط )الاية29(الأعراف) وفي قوله تعالى ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون )الآية 33(الأعراف) وقوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) الآية 153(الأنعام) ذلك غيض من فيض فالمستشار وهو في سبيل أدائه لعمله يلتزم أساساً بجميع القواعد الشرعية , بحيث يكون تطبيقه للنظام موافقاً لتلك القواعد . ونحن في مجتمعنا بالمملكة نحمد الله الذي قيض لنا حكومة رشيدة تضع تلك الأسس دستوراً لها فجميع الأنظمة الصادرة في المملكة روعي في إعدادها شمولها بالدراسة الدقيقة من قبل أهل العلم لتحرى موافقتها للقواعد الشرعية ثم مصادر النظام الأساسي وكرس هذا المبدأ , وبحيث تعتبر الأنظمة والعمل بها اجتهادا يقره ولاة الأمر لجانب من الأمور الحياتية وتنظيماً لمصالح العباد بموجب ما تقتضيه قواعد المصالح المرسلة . فمع تعدد المصالح الحياتية في مختلف المجالات صدرت أنظمة تجارية وصناعية وزراعية وإدارية , واقتضت أيضاً صدور لوائح تنفيذية , كما أن العلاقات الدولية نقلت ألينا أو تطلبت فرض قواعد متعارف عليها دولياً سواء من خلال الاتفاقيات أو العقود أو الممارسة وكل ذلك أصبح يتطلب تخصصاً وعلما ً ومتابعة ليأمن المواطن في تعامله مع غيره على مصالحه . كما أقتضى التطوير نشر تلك العلوم والاهتمام بها فانشأت الدولة من خلال الجامعات الأقسام المتخصصة لتدريس النظم , كما أنشأت الوظائف المتخصصة في علومها ضمن أجهزتها , إدراكا لمسئوليتها لمواكبة متطلبات الحياة بوجود المتخصصين لأداء هذه الوظائف لأفراد المجتمع وهم المستشارون القانونيون الذين أصبحوا يمثلون تخصصاً لاغنى عنه . فالأنظمة السعودية في تصورنا وتطبيقها التطبيق الصحيح يعتبر عملاً شرعيا تنفيذاً لأوامر وتعليمات ولي الأمر فالمؤمن مكلف بإطاعة ولي الأمر قال تعالى (ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )الاية159(النساء) . ولا نرى أن دور المستشار في عمله باعتباره مستشاراً أميناً يوضح حكم النظام وقواعد العرف ضمن إطار الشريعة الإسلامية بما يصدر عنه وفقاً لحدود التخصص بما يدركه من علم إلا عملاً شرعياً , وقد يعهد إلى المستشار القانوني القيام بتمثيل صاحب الشأن في منازعة قضائية لإثبات حقوقه , وفي هذه الحالة يتحمل المستشار أعظم مسئولية طبقاً للقواعد الشرعية بما ينبغي معه أن يكون عوناً للقضاء لتحقيق العدالة بين الناس وأن يبتعد عن البغي والظلم والادعاء بغير الحق عملاً بقوله تعالى (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً)الاية105(النساء) , وقوله تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله أن الله عزيز حكيم ) الآية 71(التوبة) , وقوله تعالى (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ..)الآية 85(النساء) وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام (إنكم تختصمون إلىّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض , فاقضي له على نحو مما أسمع منه , فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً , فلا يأخذه , فإنما أقطع له به قطعة من النار). وختاما أوصي نفسي وإخواني المحامين والمستشارين بان يكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر فقد قال رسول الله (إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر , وان من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ). هذا والحمدلله رب العالمين... المستشارالقانوني فيصل بن عبدالعزيز الخريجي