ليس لدي شك في أنني سأوضح الفكرة وأخرجها بشكل سليم ، ولكن الشك في أن يتم تقبلها في الأوساط الثقافية ، هذا المقال ليس سوى محاولة فهم ، وتوضيح وجهة نظر شخصية ، إلى وقت قريب لا زال هناك تفريق كبير بين المثقف المفكر وبين الساذج ذو الأفكار المحدودة وذو الإدراك السيئ للأمور ، فالسذاجة : هي كل فعل خارج عن حدود العقل والمنطقية في التصرفات ، فمن يحمل هذه الصفة فهو في مشكلة ، لن أقول أن لا ذنب له بل كان لابد أن يطور من نفسه ويجعل في نفسه روح التحدي بأن يقرأ ويحاور ويختلط بالمثقفين ، ولكن هل نسمح بمثل هذا أن يختلط معنا ؟ هذا سؤال موجهة للجميع ، فالتافه في أفكاره يريد أن توافقه الرأي ووجهة النظر وعادة ما يميل إلى تفسير الأمور بتفاهة ، بمعنى أنه يتجه إلى التحليلات المعقدة التي لا أمل في حدوثها إلا نادرا ، فنحن نعرف أن أنماط الشخصية أربعة : ودي ، ومتفرج ، وتعبيري ، وتحليلي ، وهو بالتأكيد ليس من النوع الأخير _ كما يتظاهر بذالك _ ، ولا اعتقد انه تعبيري ، لذا يتبقى إما أن يكون متفرج " وهو الذي ينتظر النتائج فقط " أو ودي . ( إلى مجتمع بلا تافهين ) عبارة طالما سمعتها من كثير من المثقفين ، وممن كنت اعتقد بأنة كبير في فكرة ، في هذه الأرض قوى توازن ، فالشمس و القمر يعنيان الضوء والهدوء ، الصيف والشتاء يعنيان الحر والبرد ، كل هذه أمثلة على التوازن ، إذاً ماذا لو كان المجتمع بأكمله مثقفا ! هل تدوم الثقافة ؟ من أبرز مهام المثقف نقل صورة على ثقافة المحيط وتمريرها للمستمع وتلقينها له بإرادته ، فأين لنا بالحمقى إذا كان شعارنا إبادتهم ؟ أنا لا أدافع عن هؤلاء فهم _ واعذروني _ عالة على المجتمع إذا استمروا على هذا الطريق ، لا حق لنا أن ننتقدهم أو أن نقلل من شأنهم ، هم أرادوا هذا ، ولعلي انقل قول احدهم ( لماذا اشغل عقلي بقضايا الثقافة ومعمعتها ) ، ولو تلاحظون أنني أنا من أضاف (معمعته) فكيف بتافه أن يحتوي مرجعة وقاموسه على هذه الكلمة ! ، اعترف أنني من أوائل الذين ينتقدونهم وقد فعلت ذالك مسبقا إلى أحد أصدقائي _ من هنا أرجوا أن يسامحني _ ، ولكن عند استماعي للدورة التدريبية للدكتور ُمريد الكُلاب _ بضم الكاف _ بعنوان " أنماط الشخصية وفهم النفسيات " تغيرت مداركي كثيرا بل جذريا تجاههم وتراجعت عن عنوان كنت متخذه منذ فترة وهو تغيير العالم ليصبح أفضل بلا تافهين ، المجتمع يحتاج إلى عينات مختلفة وهذا ليس عذرا لنا بأن نضعهم تحت المجهر وأيضا ليس عذرا لهم ليغرقوا في وحلهم أعمق ، معاملتهم باللطف وإشعارهم بأنهم ذو قيمة أول خطوة للتصحيح فلا حياة لكائن ما من غير أن يشعر بأنة ذو قيمة . يقول الكاتب النفسي جون ديوي " أعمق واقع للإنسان إلى العمل هو الرغبة في أن يكون شيئا مذكورا " ، وأنا أضيف أن يكون شيئا متفردا شيئا بارزا يتحدث الناس عنه ، فالكل يحتاج إلى التقدير في عمله من زملائه ورؤساءه ، لو عاملنا الأغبياء والتافهين بجفاء وبسخرية والأدهى بنقد فسندمر أي بادرة تجعلنا نقيم معهم علاقة التي من شأنها أن تحسن من وضعهم ولزاد عنادهم أكثر من الرغم من أنهم يعاندون أنفسهم في الواقع ، وقد عبر الكاتب والباحث الأمريكي ( ديل كارنيجي ) الشعور بالأهمية لدي المخلوق الحي بأنة " السر الأكبر للتعامل مع الناس " ، ولقد سئل أحد المديرين عن سر نجاحه في التعامل مع الناس فقال : "إنني أعتبر مقدرتي على بث الحماسة في نفوس الناس هي أعظم ما أمتلك وسبيلي إلى ذلك هين وميسور فإني أجزل لهم المديح والثناء وأسرف في التقدير والتشجيع " . التقدير والمدح أهم السبل للوصل إلى قلوب الآخرين ، وأهم السبل للحصول على ما تريد ، فالقادة العظماء بذلوا وأعطوا وتعبوا فقط لينالوا المدح والتقدير من مواطنيهم ، والطغاة سفكوا وأراقوا الدم انهارا فقط ليبقى اسمهم محفورا في التاريخ _ ولعل في أمثلة جنكيزخان وهتلر توضح للفكرة _ ، إن لم يكن هناك تقدير فلن يكون هناك عمل ، الأمر ليس صعبا _ المدح والإطراء _ إذا ما مورس لأكثر من مرة صار عادة نفعلها بدون أن نشعر ، فقط عليك أن تثني على الناس ، تعامل كل واحد منهم على أنه مهم ، اهتم بأحاديثهم ، باهتماماتهم ، بأفكارهم ، واحترم وجهة نظرهم " اقتباس من كتاب الشخصية الساحرة لكريم الشاذلي " . إذاً نحن كمثقفين وأدباء لا يحق لنا أن ننتقد ونتكبر على هؤلاء ولا يجب أن نبعدهم عن حدود الثقافة والأدب وننفرهم منه بل أن نتعامل معهم على أسس مختلفة فمعرفة نمط الشخصية لكل فرد يسهل علينا التعامل مع من نخاطب وفي المقابل هذا ليس عذرا لهم لكي يستمروا على ما هم عليه فما بني على خطأ سيؤول إلى خطأ حتما مهما مر الزمان ، ولعلي هنا انوه إلى الأطفال فهم الأحق بهذه النظريات والأساليب ." لحياة بلا تافهين " لعمري من يتبنى هذا الموقف هو التافه . يحيى آل زايد [email protected] مدونتي :