أتذكر أنه قبل ما يقارب ثلاث، سنوات وعبر هذه النافذة كتبت مقالا بعنوان "الخرج عاصمة الألبان الطازجة" ولعل ما دعاني لطرح هذا الموضوع هو تحقق هذه المقولة بإقامة مهرجان الخرج للألبان تحت عنوان "الخرج عاصمة الألبان" وكنت أتمنى من المنظمين لهذا المهرجان أن يضيفوا كلمة الطازجة على مسمى هذا المهرجان لكيلا يكون هناك لبس بين الألبان كمنتج غذائي أو الألبان كقومية حيث لو أدرت محرك البحث على الشبكة العنكبوتية عن كلمة ألبان ستجد أن هناك مزجا بين الكلمتين، وبهذه المناسبة أقدم خالص الشكر والتقدير لسمو محافظ الخرج على رعايته هذا المهرجان وكذلك غرفة تجارة وصناعة الخرج على إقامته الذي عكس نشاط الغرفة في الفترة الأخيرة وما يميز نشاطهم أنه ارتبط بصناعة الألبان الطازجة، التي حققت عوائد إيجابية بحق تمثلت في العنصر البشري السعودي المؤهل الذي يدير منشآت هذه الصناعة، وتوطين تقنية الإنتاج والتسويق لهذه الصناعة. كما أسهمت مخرجات هذه الصناعة في التثقيف الاستهلاكي للألبان الطازجة ومشتقاتها، نظراً لتوافر المنتجات المتميزة، والوسائل الدعائية التعريفية التي تقوم بها المشاريع الوطنية العملاقة للتعريف بإنتاجها من الأصناف المتميزة التي أصبحت مطلبا للمستهلك بشكل منتظم، وهذه الصناعة أخذت وضع الريادية بالنسبة للمنتجات الزراعية الوطنية، وتشكل لها كيان على الرغم من وجود بعض الصعوبات في الإنتاج والتسويق في المنشآت الصغيرة شأنها شأن أي صناعة أخرى. وصناعة الألبان الطازجة بدأت في المملكة بطرق بدائية، وشبه اكتفاء ذاتي لكل أسرة من حليب الأغنام والإبل والأبقار، التي تربى في المزارع أو بالقرب أو داخل المنازل منذ فترة زمنية طويلة، إلا أن هذه الصناعة لم تبدأ بشكل منظم إلا في أواخر الثلاثينيات الميلادية، حيث قام أول مشروع زراعي متخصص للإنتاج الحيواني والنباتي سنة 1938م في محافظة الخرج تحت اسم "مشروع الخرج الزراعي". وخلال فترات زمنية متفاوتة قامت صناعة الألبان الطازجة، وتحقق لها الكفاءة في الإنتاج، ورغم انتشار مشاريع إنتاج الألبان الطازجة في بعض مناطق المملكة بشكل محدود إلا أنها تركزت في منطقة الرياض، حيث يوجد فيها 20 مشروعا تمثل نحو 67 في المائة من إجمال عدد المشاريع في المملكة وبطاقة إنتاجية نحو 74 في المائة من إجمالي إنتاج مشاريع الألبان الطازجة. وتتركز مشاريع منطقة الرياض في الخرج، حيث يمثل إنتاج المشاريع المتركزة فيها فقط أكثر من 64 في المائة من إجمالي إنتاج المملكة من هذه المشاريع وقد يكون للعوامل التاريخية علاقة بتوطن هذا النوع من المشاريع في هذه المحافظة لقيام مشروع الخرج الزراعي، وكذلك حجم السوق لقربها من العاصمة الرياض. وفي الخرج انطلقت صناعة الألبان الطازجة، وحققت نتائج إيجابية جعلت من هذه الصناعة مفخرة للمملكة بصفة عامة وللقطاع الزراعي بشكل خاص، ورسمت هوية للألبان الطازجة السعودية، وجعلتها مطلبا للمستهلكين، كما أن الخرج تحتضن مشروعين من أكبر المشاريع لإنتاج الألبان الطازجة على المستوى العالمي، بل يوجد فيها أكبر مزرعة ألبان طازجة متكاملة في العالم دخلت معها هذه المزرعة موسوعة الأرقام القياسية العالمية، ونتيجةً لهذه المعطيات ألا تستحق الخرج أن تكون عاصمة الألبان الطازجة. والله ولي التوفيق