توقع البنك الأهلي التجاري أن يشهد قطاع الإنشاء السعودي ترسية مشاريع بقيمة تتجاوز 300 مليار ريال خلال العام المقبل، مؤكداً مواصلة قطاع الإنشاء الهيمنة على الحصة والحجم والقيمة الأكبر من العقود التي ستتم ترسيتها في غضون السنوات الخمس المقبلة. وأشار تقرير للبنك إلى أن قطاع الإنشاء سينمو بمعدل 6.4% خلال عام 2010، مدفوعاً بزيادة الاستثمارات الحكومية، على أن يستحوذ هذا القطاع على حصة قدرها 10.48% من الناتج المحلي للقطاعات غير النفطية في البلاد. تدخل الحكومة ووفقاً للتقرير فإن الأزمة الاقتصادية دفعت قطاع الإنشاء لاتخاذ دورة غير متوقعة نحو الأسوأ في نهاية عام 2008. غير أن تدخل الحكومة السعودية خفف الضغوط السالبة على القطاع. وانخفض معدل نمو الناتج المحلي لقطاع الإنشاء إلى 1.5% و4.7% في عامي 2008 و2009 على التوالي. وتوقع نائب رئيس أول كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي الدكتور سعيد الشيخ نمو قطاع الإنشاء بنسبة 6.4% في عام 2010 على خلفية زيادة الاستثمارات الحكومية، مضيفاً أنه رغم التراجع الضئيل في عام 2008 لحصة القطاع من الناتج المحلي للقطاعات غير النفطية، إلا أنه من المتوقع أن ترتفع هذه الحصة إلى 10.48% في عام 2010. وقال الشيخ إن الحكومة السعودية استهدفت إنفاقها على مشاريع البنية التحتية والطاقة الرئيسة، باعتبار أن هذه المشاريع مهمة وضرورية للتنمية الاقتصادية للبلاد على المدى الطويل. وأضاف أن هذه الأسهم في زيادة إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وعلى نحو خاص في المكون الإنشائي غير الإسكاني. ويتوقع تواصل هذا التوجه في عام 2010، على أن تشكل أعمال الإنشاء غير الإسكاني 72% من رأس المال المستثمر في الإنشاء. التمويل موضع صراع ولفت التقرير إلى أن التمويل أصبح موضع صراع مكثفاً بالنسبة للمقاولين، حينما تجمد الإقراض إبان التباطؤ الاقتصادي، وتراجع الإقراض المصرفي لقطاع الإنشاء بمعدل 17.7% إلى 44.7 مليار ريال في عام 2009، حيث أدركت البنوك بزيادة انكشافها بعد خمسة أعوام من الإقراض المكثف، ورغم أن هذا الوضع أدى إلى إرجاء وإلغاء العديد من المشاريع، إلا أننا نرى أن عام 2009 مثل فترة تكيف للقطاع المصرفي. وتوقع نمو الائتمان لقطاع البناء والإنشاء بنحو 7.5% في عام 2010. وأوضح كبير اقتصاديي البنك الأهلي أن ''الأثر السلبي للأزمة امتد أيضاً إلى قطاع المقاولات، ومع تضاؤل الإقراض المصرفي وهبوط ثقة المستثمرين، بلغت قيمة المشاريع المجمدة أو الملغاة في ما بين عامي 2008 و2009 أكثر من 52 مليار دولار. وحالياً، تمر 22% من المشاريع بمرحلة التنفيذ، وتضاعفت قيمة عقود الإنشاء التي تمت ترسيتها في عام 2009، ما يشير إلى أن سوق المشاريع في المملكة تقاوم التدهور مستندة إلى التمويل الحكومي". وأكد أن مشاريع الإنشاء والبنية التحتية والطاقة شكلت نحو 68% من كل المشاريع التي تمت ترسيتها، ويتوقع أن تبلغ قيمة المشاريع التي ستتم ترسيتها في عامي 2010 و 2011 نحو 64 مليار دولار (240 مليار ريال) و86 مليار دولار (322 مليار ريال) على التوالي. وسيواصل قطاع الإنشاء الهيمنة على الحصة والحجم والقيمة الأكبر من العقود التي تتم ترسيتها في غضون الأعوام الخمسة المقبلة. توفير وظائف وأظهر التقرير أن قطاع الإنشاء وفّر وظائف لأكثر من 2.51 مليون عامل في عام 2008، مشكلاً نحو 40.4% من إجمالي القوة العاملة في المملكة، مرتفعاً بنسبة 1.5% عنه في العام الأسبق. ويعكس النمو في الطلب على عمالة الإنشاء الحجم المتزايد للأعمال التي يجري تنفيذها. وفي تقديرنا أن الاستثمارات التي تمت خلال عام 2009 قد حققت زيادة في حجم القوة العاملة في قطاع الإنشاء بمعدل 4% لتبلغ 2.62 مليون عامل. ووفقاً لمؤشر التفاؤل بالأعمال، الذي أعدته "دان آند براد ستريت" بالتعاون مع البنك الأهلي التجاري، يتوقع أن تستخدم 52% من الشركات عاملين جدد خلال عام 2010، في حين يتوقع أن تسجل 5% فقط من الشركات تراجعاً في عدد عمالتها. وقدّر الشيخ "ارتفاع عدد العاملين في قطاع الإنشاء بنحو 5% على امتداد عام 2010 ليبلغ 2.75 مليون عامل''. التسهيلات الائتمانية وزادت التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك السعودية لقطاع الإنشاء بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 9.7% خلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2009، وهو معدل أسرع من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية المسجل لنفس الفترة والذي بلغ 9%، وهذا يعكس الدور الاستثنائي الذي تؤديه البنوك كمصدر تمويل لقطاع الإنشاء. فيما تراجعت حصة محافظ البنوك الإقراضية لقطاع الإنشاء والبناء في مجمل الإقراض المصرفي للشركات من 10.2% في حزيران (يونيو) 2008 إلى 9.4% في حزيران (يونيو) 2009. وأشار الشيخ إلى أهمية ملاحظة أن حصة قطاع الإنشاء والبناء من مجمل الائتمان المقدم للاقتصاد المحلي ظلت في تراجع تدريجي، وأردف ''لسوء الحظ فالأزمة الاقتصادية دفعت البنوك إلى اتخاذ مواقف تتسم بقدر أكبر من الحذر والاحتراس، فانخفضت حصة القطاع من ذروة 7.9% في الربع الثالث من عام 2007 إلى 6.1% بنهاية عام 2009. ورأى أن تمويل البنوك التجارية المحلية لواردات القطاع الخاص من مواد البناء شهد تراجعاً حاداً. وانخفضت خطابات الاعتماد الجديدة في عام 2009 بمعدل 41% على أساس سنوي لتصل إلى 11.5 مليار ريال، في حين تراجعت خطابات الاعتماد المسددة بمعدل 38% على أساس سنوي لتبلغ 11.8 مليار ريال في عام 2009''. مرحلة تكيّف ورغم هذه التراجعات، إلا أن عام 2009 كان يمثل مرحلة تكيف ضرورية لتنظيف وإعادة تقييم محافظ القروض عقب سنوات من النمو القوي للائتمان في المملكة. غير أن الائتمان المصرفي أبدى دلائل انتعاش تجلت في ارتفاع بمعدل 7.8% على أساس ربع سنوي في الإقراض المصرفي للقطاع في الربع الأول من عام 2010. وتوقع التقرير أن ينمو الائتمان المصرفي لقطاع البناء والإنشاء بمعدل 7.5% في عام 2010 ليصل إلى 59.5 مليار ريال. فرص المقاولات وتجاوزت قيمة المشاريع الجاري تنفيذها حالياً في المملكة، والبالغ عددها 687 مشروعاً، 2.6 مليار ريال (695 مليار دولار). وصنفت هذه المشاريع في القطاعات الرئيسة في الاقتصاد السعودي، وتشمل البنية التحتية، والطاقة، والنفط والغاز، والإنشاء، والبتروكيماويات، وتكرير النفط، والمياه والصرف الصحي، ضمن قطاعات أخرى. وتحوز مشاريع قطاع الإنشاء أكبر حصة من قيمة المشاريع الجاري تنفيذها، حيث بلغت 48.2%، وتضاعفت قيمة عقود الإنشاء التي تمت ترسيتها في عام 2009، ما يشير إلى أن سوق المشاريع في المملكة قاومت توجه التدهور العالمي خلال العام الماضي. فيما يحوز قطاعا البنية التحتية والطاقة على حصتي 12.8% و11.6% من إجمالي قيمة المشاريع على التوالي.