أرجح البنك السعودي الفرنسي في مذكرة بحثية، ارتفاع المعدل العامّ لنمو الائتمان المصرفي خلال العام الجاري، وذلك بالرغم من استمرار حذر البنوك السعودية إزاء تقديم قروض جديدة، وقال تركي الحقيل، المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي في ورقة بحثية حصلت "الرياض" على نسخة منها، أن حجم الطلب على الاقتراض بات كافياً لرفع معدل نمو الائتمان المصرفي الكلّي إلى 9.1%، بما في ذلك رفع معدّل نمو الإقراض المصرفي إلى القطاع الخاصّ إلى 8.8%، وإلى القطاع العامّ إلى 8.6، مضيفاً : " هذه الأرقام تدعم توقّعاتنا بأنْ ينمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع المالي بمعدّل 2.7% في 2011 ". لكنّ الحقيل، أستبعد أنْ تعود معدّلات نمو النشاط الائتماني إلى الارتفاع إلى قرابة ال 10 في المائة أو أكثر قبل نهاية عام 2012، في حين توقع أنْ ينتعش هذا النشاط بشكل ملحوظ في عام 2013، لأنّ البنوك بدأت تميل إلى توسيع مشاركتها في تمويل المشروعات الضخمة على حد قوله. وقال :" في أعقاب الأزمة المالية، تراجع الاقتصاد السعودي بسرعة في أواخر عام 2008، وعلى مدى عام 2009، لعدة أسباب أبرزها الانخفاض الحادّ في أسعار النفط والطلب العالمي عليه وإلغاء أو تأجيل مشروعات توسيعة قُدّرت تكاليفها الكليّة بعشرات المليارات من الدولارات، إلى جانب قرار العديد من الشركات الخاصّة المحليّة والأجنبية انتظار نهاية الأزمة على الهامش،كما شحت السيولة في أسواق الائتمان، لأنّ البنوك توقفت عن الإقراض. وشدد المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي، على أن قطاع المال السعودي قد نما بمعدّلات ضعيفة خلال السنوات الأخيرة، بما فيها عام 2010. إذ بلغ مجموع الأرباح التراكمية للبنوك السعودية في 2010 نحو 26.12 مليار ريال سعودي، فانخفض بنسبة 2.7% من المستوى الذي سجّله في نفس الفترة من العام 2009، وقدره 26.83 مليار ريال سعودي. وتابع :" منذ عام 2006، انخفض المعدّل السنوي لنمو صافي أرباح البنوك السعودية سنة تلو الأخرى بعدما قفز إلى 185% بين عاميّ 2004 و2006. وتجلى لنا أيضاً أنّ مجموع الأرباح التراكمية لبنوك المملكة في نهاية عام 2010، كان أدنى من المستوى الذي سجّله في عام 2005 حيث ازداد بنسبة 54% من المستوى الذي سجّله في العام السابق. وفي الحقيقة، ساهم انخفاض أسعار الفائدة في تقليص أرباح البنوك السعودية". وبينّ أن معدّل نمو أصول البنوك السعودية سجل انخفاضاً ملحوظاً أيضاً، ففي عام 2010، كانت قيمة الأصول الكليّة لهذه البنوك قد ازدادت بنسبة 2.3% فقط من المستوى الذي سجّلته في نهاية عام 2009، وهذا أدنى معدّل من نوعه منذ عام 1990، وبين عاميّ 2005 و2009، بلغ متوسط معدّلات النمو السنوي لأصول البنوك السعودية 16.8%، مضيفاً : "نظراً إلى هذه البيانات الضعيفة، لم نتفاجئ بانخفاض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي لقطاع المال السعودي من 3.7% في عام 2009، إلى 1.4% في عام 2010، طبقاً للتقديرات الأولية، ليسجّل بذلك أدنى مستوىً له منذ عام 1998. وللمقارنة، نشير إلى أنّ معدل نمو هذا القطاع بلغ 6.4% في عام 2005، الذي شهد معدّلاً قياسياً مرتفعاً لنمو أرباح البنوك السعودية. وذكر الحقيل، أن انهيار سوق الأسهم السعودية في عام 2006، أظهر مدى انكشاف البنوك السعودية على الاستثمارات في هذه السوق، بدليل الضربة التي تلقتها معدّلات نمو أرباح هذه البنوك والقطاع المصرفي السعودي ككل، كما أنّ انهيار سوق الأسهم المحلية والأزمة المالية العالمية دفعا البنوك السعودية إلى مراجعة سياساتها الائتمانية، الأمر الذي تجلى بوضوح من خلال تشديد متطلبات الإقراض لتفادي أيّ ديون متعثّرة محتملة ودراسة طلبات الإقراض بعناية فائقة، وبالتالي، انخفضت معدّلات نمو الإقراض المصرفي إلى القطاع الخاصّ تدريجياً من المستويات التي فاقت العشرة في المائة خلال معظم سنوات العقد الماضي، إلى الانكماش الطفيف في عام 2009، ولم ينتعش الائتمان المصرفي بما فيه الكفاية في عام 2010، لأنّ معدّل نمو النشاط الائتماني جاء دون المستوى المتوقّع وقدره 6%. واستبعد الحقيل ، حدوث أيّ تغيير في السياسة النقدية لمؤسسة النقد العربي السعودي في عام 2011، خاصة وأنّ سعر صرف اليورو ظل مؤخراً أدنى بكثير من الحد المثير للقلق وقدره 1.5 دولار أمريك، ولم يتجاوز اليورو هذا الحد إلا في أوخر عام 2009، عندما كانت أسعار النفط دون مستوياتها الحالية بنحو 25 دولاراً. وأضاف:" لذا، نستبعد أي عودة قريبة للتكهنات التي تُرجّح إمكانية حدوث تغيير في السياسة النقدية السعودية. وظلّت أسعار فائدة القروض المتداولة بين البنوك ثابتةً عملياً خلال عام 2010. وفي أوائل يناير، تبادلت البنوك السعودية القروض الممنوحة لثلاثة أشهر بفائدة قدرها 0.75%، ما يُمثّل تغيّراً طفيفاً بالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي". ولفت إلى أن سياسة أسعار الفائدة قد تظلّ ثابتةً في العام الجاري، مع أن مؤسسة النقد العربي السعودي تتمتع بقدر من الحرية لتعديل هذه الأسعار بعيداً عن السياسة النقدية الأمريكية، إذ مضى أكثر من سنتيْن منذ أنْ خفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى ما بين صِفر و0.25%، متوقعاً في الوقت نفسه أنْ تظل أسعار الفائدة خلال العام الجاري عند مستوياتها الحالية في الولايات المتّحدة والاقتصاديات المتقدّمة الأخرى. وذكر الحقيل، أن حجم المخصصات المالية المأخوذة من البنوك المتداولة بالسوق السعودي وهي 11 بنك بلغ حوالي 9.05 مليار ريال في 2010 مقارنة بي 22.08 مليار ريال في 2009 و9.99 مليار ريال في 2008 .