تحركات واسعة تقوم بها مصر في إطار سعيها لإعادة الانخراط في المسار التفاوضي سعيًا لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي تُفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة على خطوط عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. آخر هذه التحركات تلك الزيارة التي أجراها وزير الخارجية المصري سامح شكري، الاثنين، إلى رام الله، حيث التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للتأكيد على الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية والتوصل إلى السلام المنشود. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ، إن زيارة "شكري" تأتي في إطار التحركات المصرية المتواصلة للبناء على وقف إطلاق النار، ومناقشة سبل إحياء مسار السلام. وتأتي زيارة الوزير المصري إلى رام الله بعد ساعات من لقائه العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين، الذي تناول مُستجدات القضية الفلسطينية في أعقاب التطورات الأخيرة. وقال وزير الخارجية المصري إن الأولوية الحالية تنصب على تثبيت التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وملف إعادة الإعمار بقطاع غزة، دون إغفال جوهر القضية الفلسطينية، عبر ضرورة العمل على توافر الإرادة السياسية اللازمة وخلق المُناخ المناسب لإحياء عملية السلام، والتعويل على مختلف الجهود الدولية لتحريك الجمود الحالي، وصولًا إلى تسوية شاملة للقضية الفلسطينية، وبما يحول دون تجدُّد المواجهات مستقبلًا ويُرسخ ركائز السلم والاستقرار في المنطقة. زيارة بلينكن.. والملف العاجل* قال عضو المجلس المصري للشئون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق، رخا أحمد حسن، إنَّ جولة وزير الخارجية بعمانورام الله، تهدف إلى مناقشة عدة ملفات رئيسية، على رأسها تثبيت وقف إطلاق النار لكي يصبح مستمرا بضمانات للطرفين، والثاني المساهمة والمشاركة في إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل في غزة لأن هذه العملية تحتاج إلى جهود كبيرة. الملف العاجل في رأي حسن من جولة وزير الخارجية المصري، هو التنسيق مع الأردن وفلسطين قبل زيارة الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة، لدعم جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفلسطين. وكان بلينكن قال في تغريدة اليوم، إنه "بناء على طلب الرئيس بايدن، أسافر إلى القدسورام اللهوالقاهرة وعمّان للقاء الأطراف لدعم جهودها في ترسيخ وقف إطلاق النار". وأضاف عضو المجلس المصري للشئون الخارجية أن شكري ينسق الجهود بين مصر والأردن وفلسطين استعدادًا للمباحثات التي ستجرى مع وزير الخارجية الأميركي، وإمكانية إطلاق مسار التسوية الكلية للأزمة الفلسطينية على أساس حل الدولتين. وقال إن "بايدن وبلينكن أكدا في وقت سابق أن الحل المتاح حالياً هو حل الدولتين، وبالتالي فمصر ترغب في التنسيق المشترك للأساس الذي سيطلق عليه مسار إعادة إحياء عملية السلام، فضلًا عن مجموعة من التفاصيل للتشاور بشأنها وبالتالي عندما يصل الوزير الأميركي يكون هناك استعداد لأي طرح على أساس الموقف العربي لإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 67 وعاصمتها القدسالشرقية". وأوضح حسن أن إحياء مسار السلام يتطلب ترتيب الوضع الفلسطيني من الداخل، ومدى إمكانية إجراء الانتخابات أو تشكيل حكومة وحدة وطنية تتفق عليها فتح وحماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى لتكون مسؤولة عن قيادة المسار لعملية السلام. وقف العنف.. ومباحثات مباشرة من جانبه، أكد مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية العميد خالد عكاشة، في تصريحاته، أن جولة وزير الخارجية المصري في الأردن وفلسطين، إضافة إلى تحركات الوفد الأمني المصري مهمة للغاية في هذا التوقيت، وتعد استثمارًا إيجابياً لحجم الثقة التي تحظى بها مصر من كافة الأطراف، ومحاولة الانتقال من محطة وقف إطلاق النار إلى مساحات أبعد لها علاقة بهدنة طويلة الأمد، وتنظيم عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة بشكل قانوني وفني منضبط. وأشار إلى أن التحركات المصرية تهدف في جانب رئيسي منها لفتح مجالات جديدة مع القيادات الفلسطينية وعلى رأسها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وقيادات حركة حماس، لبحث إمكانية العودة مرة أخرى إلى مباحثات ومفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين ترعاها مصر، أو تشارك فيها تحت رعاية دولية سواء من اللجنة الرباعية أو الأممالمتحدة. وأضاف مدير المركز المصري للفكر والدارسات الاستراتيجية، أن هذه الجولات تنقل الأمر بشكل سريع وتدخله في محاولة خلق مشهد إيجابي بعد الأسابيع التي كانت مليئة بالعنف والاقتتال والانتهاكات بالأراضي الفلسطينية على مدار الأسابيع الماضية. 4 مسارات مصرية ويرى الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير، في تصريحاته، أنَّ هناك 4 مسارات مصرية لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، على رأسها العمل بالمقام الأول على تثبيت التهدئة من خلال السعي لتحويلها من هدنة مؤقتة إلى دائمة وطويلة المدى، قد تصل في المرحلة الأولى لأكثر من عام. وأشار سمير إلى أن الهدف الأسمى للقاهرة من تحركاتها الأخيرة خاصة زيارة وزير الخارجية إلى عمانورام الله، يتمثل في استئناف المفاوضات الفلسطينية والإسرائيلية المتعطلة منذ عام 2014، ومن حينها لم تكن هناك أي محاولة جادة من المجتمع الدولي لاستئناف المفاوضات. وقال إن هناك مجموعة من المحاور التي يمكن من خلالها أن تجمع القاهرة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للجلوس معًا على مائدة واحدة سواء من خلال عقد مؤتمر دولي للسلام بالاشتراك مع الجانب الفرنسي، أو من خلال استئناف عمل اللجنة الرباعية الدولية التي ترعى حل الدولتين والتي تضم روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة. وأشار الخبير المتخصص في العلاقات الدولية إلى أن القاهرة تخوض محادثات مكوكية بين تل أبيب وغزةورام الله لتذليل عقبات إعادة الإعمار في قطاع غزة، إلى جانب السعي لتنفيذ صفقة تبادل بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل حول الجنود وجثامين الجنود الإسرائيليين في قطاع غزة، مقابل المرونة الإسرائيلية في إدخال كل مواد البناء اللازمة لتحقيق إعادة الأعمار وهو ما يحقق طموحات الشعب الفلسطيني.