استنكرت جهات قانونية وإعلامية سعودية وصف الشيخ عبد الرحمن البراك الصحفيين بأنهم "جنود الشيطان". وقالت إن هذا الوصف يدل على ضيق أفق، كما أنه لا يجوز رمي الناس بالتهم, ويجب إبداء حسن الظن بالآخرين ولو اختلفت آراؤهم. وجاءت تصريحات البراك، وهو أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض سابقاً، في معرض حديثه عن عدم جواز كشف المرأة شعرها ورقبتها أمام بنات جنسها في الحفلات والأعراس، معتبراً ذلك مدخلاً "من مداخل الشيطان"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذه الفتوى ستثير الصحفيين ضده، لأنهم لا يرتضون الستر للمرأة، بحسب ما نقلت الطبعة السعودية لصحيفة "الحياة" اللندنية، الأحد 11-7-2010. وجاء في سياق درس الشيخ البراك قوله: "أنصح الأخوات الصالحات أن يقاومن هذه العادة، ويخرجن عليها بالمخالفة، ويُعودن أنفسهن لبس الخمار على رؤوسهن، حتى في حفلات الأعراس والمدارس. ولو أنهن فعلن ذلك، لا بد أن يثور جنود الشيطان من الصحافيين على هذا التوجه، فلا يرضيهم توجه الستر". ولم يمانع الشيخ البراك كشف المرأة وجهها وشعر لأقاربها وفي الجلسات المختصرة. وزارة الإعلام السعودية اعتبرت ما قاله البراك بحق الصحافيين قذفاً، إلا أنها أكدت أنه لا يوجد ضمن أنظمتها ما يمكنها من ملاحقته قضائياً. وتعليقاً على تصريحات البراك، تحدث رئيس هيئة الصحافيين السعوديين ورئيس تحرير صحيفة "الرياض" تركي السديري ل قناة"العربية"، معتبراً أن تصريح البراك "لا يمثل رأي هذا الرجل وحده، بل يمثل اندفاع الانغلاق، الذي كان مغطى في السنوات الماضية، بحيث كان الواحد منا لا يعرف نوعية ثقافته الدينية، وكان المجتمع مضغوطاً بقيود دينية سار عليها بدون شرح أو قناعة. ومن الواضح أن انتشار الثقافة والوعي والثقاقات أوضح أن المجتمع السعودي عاش بعيداً عن حقائق العقيدة الإسلامية". ويشير السديري إلى أنه، "منذ وقت قريب، استمعنا إلى شيخ الأزهر في ندوة مع الزميل داود الشريان، فتحدث بكلام لا أعتقد أن الشيخ البراك أو أمثاله قادرين على التحدث بمثل ذلك الوعي ولو بنسبة 2%". وتابع السديري: "أما أن يريدنا البراك أن نستمر بالعيش في بيت الطين القديم، بدون أن نعرف عن الثقافة الإسلامية الحقيقة، وحين لم نكن نعرف عن حقيقة الحياة في المجتمعات الإسلامية الحقيقية، فهذا ما يجب أن يعيشه هو في داخله أولاً، لأن من يفكر بهذه الطريقة هو البعيد عن الإسلام ومفاهيمه". ونفى رئيس هيئة الصحافيين السعوديين أن يكونوا ضد "الستر والحجاب"، قائلاً "لو سألت أي صحافي ما إذا كان يتمنى أن تعيش المرأة العربية والمسلمة في مجتمعات غير إسلامية، فسيكون الجواب لا، لأن الحرية في الغرب تجاوزت حدودها، ودخلت المرأة في مجالات غير سليمة. لكن ما يراد للمرأة المسلمة هو أن تأخذ كامل حقوقها، وأن تعود إلى ما كانت عليه في العصر الإسلامي الأول، حيث لم تكن مستبعدة من الحياة الإجتماعية، حين أعطاها الإسلام أدواراً إيجابية كبيرة. واعتبر السديري أن "ما نعيش فيه الآن ليس خلافاً بين رأي إسلامي ورأي آخر معارض أو مضاد، بالعكس فالجانب الإسلامي السليم والصحيح هو الذي يظهر في الآراء المنشورة في الصحافة، وليس في مثل هذا الانغلاق المعزول عن الحقائق الإسلامية الموجودة في دول أخرى". وعن مستقبل العلاقة بين الصحافيين وبعض المشايخ الذين يتبنون هذا الفكر، ذكر السديري أن العلاقة "متأزمة من السابق. ولو رجعنا بالذاكرة إلى سنوات سابقة سنجد أنه ليست الصحافة هي التي خرجت من الإطار المنغلق، ولكنها جزء من مظاهر اجتماعية عديدة نجدها في الجامعات ومدارس البنات والأدوار الوظيفية للمرأة وتمثيلها في مجالات إيجابية مثل الطب والمؤتمرات الدولية حول حقوق المرأة والإنسان. وهذه كلها جوانب شرفت المجتمع السعودي، وأخرجته من انغلاقات بيت الطين الذي جعل من الرجل حارساً ومالكاً ومسيطراً وسيداً، ضد أي شيء يخص المرأة".