، أعرب الأستاذ إبراهيم الحكمي ، المرشد الطلابي بالمدرسة التي يدرس فيها الطفل عبدالله الذي نحره والده بدم بارد اليوم " الثلاثاء " عن أسفه وامتعاضه عن حادثة قتل طفل نحرا وبواسطة والده ، واسنهل حديثه قائلاً : مات عبدالله بشجاعة ! وأوضح الجكمي ذكرياته عن عبدالله يرحمه الله : " أحد طلابي بالصف الرابع كل البراءة والوداعة والهدوء .. لا اراه الا ضاحكا .. جاء إلى المدرسة للصف الاول وكان يرافقه جده وحينما سألت عن والده قالوا إنه في السجن !طوال مدة دراسته لم يكن أبدا مصدر ازعاج لمعلم او زميل ولم يكن طرفا في أي مشكلة يومية .. طالب مهذب بشوش تحبه حين تراه .. ترى الأمل والقوة والشجاعة والتفاؤل في ضحكته ونظرة عينيه . . كان قويا بشكل يفوق طاقاتنا ونحن نكبره بعقود .. كان يمني نفسه كثيرا بخروج والده من السجن ليعوضه عن سنين الفقد والحرمان .. كان يحلم بيوم يخرج فيه من المدرسة ليشاهد والده ينتظره بكل سعادة وحنان الى بيته .. كان يتخيل مع كل طرقة لباب فصله أنه والده يبشره بخروجه من السجن ليحضنه ويقبله .. كان يتمنى ويتمنى مثله مثل أي طفل في سنه . خرج والده من السجن وجاء الى المدرسة وطرق باب الفصل فتح المعلم الباب .. الا وهو يرى والده .. فز فرحا وابتهاجا . . أراد ان يباهي به ولسان حاله يقول هذا والدي انظروا يا زملائي .. اعتقدتم أنني بلا أب .. قلت لكم أنه كان مسافرا وجأء الان إلي مباشرة إنه يحبني ويريد أن يدللني .. منّى نفسه داخل نفسه أن يذهب به الى محل للألعاب ليختار له لعبة او اكثر يحبها .. تخيل وضعه أمام محل ملابس الأطفال ووالده يقول له اختر ما نحب .. تخيل كثيرا .. توهم كثيرا .. أخذه والده من المدرسة وهو لا يكاد يصدق الفرحة التي بداخله فهي المرة الأولى التي يصطحبه فيها من المدرسة .. كان يشعر أنه يحلم .. أحساس لا يقارن .. شعور فوق الوصف .. سعادة لا مثيل لها .. يأخذه والده صباح هذا اليوم في منتصف اليوم الدراسي .. يذهب به بصمت الى حوش مهجور يأخذ سكينه ويسنه أمامه . . احس بالرعب والخوف اقترب منه والده طرحه ارضا .. احتضن عبدالله مصحفه وكتبه .. بدأ والده بنحره .. لم يرفع عبدالله يديه ليدفع السكين أو يقاوم الذبح .. كان يحمي مصحفه ومقرراته ومات حاضنا لها هكذا قال لي أول من باشر الموقف من رجال الأمن .. مات شجاعا .. مات بطلا .. مات رجلا .. قُتل عبدالله .. قتله من يدعي أنه والده ! مات عبدالله .. وماتت بداخله أحلامه وأوهامه وآماله عن أبيه !مات عبدالله وقد تغيرت قناعاته في حبه لأبيه وفي انتظار السنين ! كانت يرى أن روحه في كتبه فدافع عنها بكل شجاعة .. حماها بكل بسالة .. لم تتناثر .. ولم تتقطع ..اختلط حبر مصحفه الطاهر بدمه النقي ! والله إن الألم لا يطاق والحسرة عليك لا تحتمل !خذلناك جميعا يا عبدالله .. نعم خذلناك جميعا! ستبقى في ذاكرتي ما حييت .