لم تعلم «ليلى» أن أختها «جمعة» قد زُوجت ببياناتها، وأصبح اسمها مضافاً مع رجل في دفتر العائلة، وأما بيانات أختها (الاسم، والسجل المدني) فقد تم بيعها في جنح الظلام لامرأة أخرى «مجهولة»، «ليلى وجمعة» سقطتا في كمين نصبه لهما ب «إحكام» والدهما، لتصبحا بين يوم وليلة دون سجل مدني، بل ودون اسم ولا نسب ولا هوية، الأمر الذي حرمهما من حقوقهما كافة. ولم يسبق لبطلة هذه القصة «ليلى» (28 سنة) الزواج، وحاصلة على الثانوية العامة وتسكن مع والدتها السبعينية فاطمة كعبي (مهجورة من زوجها وحصلت على صك شرعي من المحكمة وبموجبه تستلم ضمانا اجتماعيا.)مع اثنتين من أخواتها، ووالدها متقاعد ومتزوج من اثنتين أخريين ويسكن في خميس مشيط، وكانت أسرة ليلى تسكن في قرية قوى في محافظة الحرث، وبعد حرب الحوثيين 20/11/1430ه نزحوا إلى محافظة أحد المسارحة حتى تاريخه، حيث تعيش ثلاث بنات مع أمهن في شقة إيجارها ألفا ريال شهرياً ودخلهم من الضمان الاجتماعي 1500 ريال، وتقدم لهم الجمعية الخيرية مع نهاية كل عام مبلغ 3000 ريال، وتصرف لهم مالية جازان شهرياً إعانة النازحين 5000 ريال. قصة مأساوية شهادة ليلى الثانوية وتعيش ليلى قصة مأساوية أخذت باعاً طويلاً من المعاناة وتجرّعت مرارة الظلم والحرمان فيها، ومازالت تغوص في بحره دون أن تعثر على حل لمشكلة وجدت نفسها فيها وليس لها أي ذنب إلا أنها ليلى بنت حسن حسين كعبي ولا غير ذلك على الإطلاق. تقول ليلى «طرقت أبواب الحكومة وأبواب العدالة وأبواب جمعيات حقوق الإنسان، متنقلة ما بين جازان والخوبة وخميس مشيط وأبها، ولم أجد حلاً لمعضلتي طوال هذه السنين» . اكتشاف المشكلة وتضيف ليلي «بعد حصولي على الثانوية العامة عام 1425ه أردت أن ألتحق بالجامعة، فتوجهت إلى أحوال جازان لاستخراج بطاقة شخصية، فاكتشفت أن معلوماتي في سجل الأحوال المدنية تفيد بأني متزوجة، وطلب مني الموظف يومها إحضار زوجي ك(معرف)، وعند سؤال والدي مرات متكررة أخبرني بالحقيقة المرة، وهي أن أختي (جمعة) التي هي في الحقيقة من أم أخرى وأضافها باسم أمها، والعكس معي، حيث أضافني باسم أم أخرى، كما أخبرني بأن أختي تزوجت باسمي عندما حضر نصيبها، واسم (جمعة) قد باعه لامرأة مجهولة وهي حالياً تسكن في الرياض. صعقت يومها من هول الخبر ودارت بي الأرض وضاقت بي الدنيا فسقطت مغشياً عليّ، وأدركت أن مستقبلي قد ضاع بسبب هذا الخطأ الشنيع من والدي»، وتساءلت كيف أقدم على مثل هذا التصرف وهو يعلم أنه قد قتلني وأنا مازلت أتنفس كبقية الخلق؟! وهل فكر في ماذا سينتج عن هذا العمل لحياتي ومستقبلي أنا ابنته؟! ألم يفكر أبي في مصيره بعد أن يُكتشف أمره؟! ضياع وتوهان وأضافت ليلي، هل ذلك المبلغ كان مجزياً ليبيع بيانات ابنته ويحطم حياة فلذة كبده؟! وهل كان يعي حينها ويعلم أبعاد فعلته؟! لقد دمّر حياتي كلها وجعلني حبيسة نفسي ومحيطي، بل قتلني وأصدر بحقي حكم الإعدام دون وجه حق ودون جريمة ارتكبتها. فلم أستطع أن أكمل تعليمي الجامعي أو أحصل على وظيفة تضمن لنا حياة كريمة مع أمي المسنة وأخواتي، ألا يكفي أنه أهملنا ولا يصرف علينا طوال تلك السنين، وجعل من أمي المسنة تتحمل مسؤولية الأسرة. أنا حالياً ضائعة وتائهة ولا أستطيع أن أمارس حقي كمواطنة لي الحق في العلاج أو السفر أو الزواج. أين الرحمة؟ وأين الإنسانية؟ أين الأبوة التي غابت من قلب أبي وأين العطف وأين الحنان؟! دوامة المراجعات خطاب محافظ الحرث لأحوال منطقة جازان وزادت ليلى، تقدمت بمعروض لإمارة جازان، وأخبرني الموظفون في الإمارة بأنهم طلبوا استدعاءه من مرجعه السابق في القاعدة الجوية بالرغم من أنه متقاعد، وأعيدت المعاملة ثم حولتها إلى محافظة الحرث، ومحافظ الحرث طلب إفادة عن المذكور من شيخ القبيلة أحمد معشلي، وإحضاره، ولكن رد الشيخ بأنه غير موجود، بعدها أعيدت إلى إمارة جازان، ثم حُولت المعاملة إلى محافظة خميس مشيط مرة أخرى للحقوق المدنية، وتم القبض عليه وخرج في نفس اليوم بكفيل لحضوره إلى الأحوال المدنية في جازان.. ولكنه لم يحضر حسب الموعد. حقوق الإنسان وأكملت، بعد ذلك ذهبت إلى جمعية حقوق الإنسان في جازان وقدمت شكوى ووضعت فيها رقمي، وبعد شهر اتصلوا عليّ وطلبوا مني رقم الشيخ ورقم جواله وقالوا لي انتظري ردنا، ومنذ يومها لم يتصلوا نهائياً إلى يومنا هذا. وتقدمت بشكوى بعدها إلى محكمة خميس مشيط حيث يسكن والدي، ومضت سنة كاملة تخللتها ست جلسات، والنهاية قالوا لا نستطيع إعطاءك مواعيد أخرى. التحقيق والادعاء التعميم بالقبض على الأب وتضيف «لم تكل عزيمتي ولم ينقطع أملي، فاتجهت بعد ذلك إلى إمارة عسير وتم تحويلي إلى هيئة التحقيق والادعاء العام في أبها، وتم فتح ملف قضية والتحقيق معي ومن ثم تم تحويلي إلى هيئة التحقيق والادعاء العام في خميس مشيط، وأحضرت لهم شهادات المدرسة وحفيظة النفوس لوالدي القديمة التي كانت قبل كرت العائلة، مع كرت العائلة، وإلى يومنا هذا لم يأتِني خبر». وختمت ليلى قائلة «تعبت وتعب كاهلي من هذه الدوامة التي عشتها كل تلك السنين وأنا امرأة قلت حيلتي، فليس لي حول ولا قوة وليس لدي إمكانات ولا إخوة أشقاء رجال كي يقفوا معي ويساعدوني، ولكني باستعانتي بالله وقوة إيماني. وآمُل أن تحل مشكلتي في أسرع وقت، فمازال لي أمل أن أحصل على حقوقي وأسترجع اسمي وأحصل على بطاقة أحوال شخصية، وإيماني أن القانون سيحميني ويحمي أمثالي. وضع صعب وقالت الأم السبعينية فاطمة الكعبي إن وضعهم المعيشي صعب جداً، وتأمل في مساعدتها للحصول على منزل في إسكان الملك عبد الله التنموي في أقرب وقت ممكن كونها مستحقة، كما تأمل مساعدة الجمعيات الخيرية وأهل الخير لأسرتها بتوفير متطلباتهم المعيشية وتقديم المساعدات المالية والعينية، وتأمين فرص عمل لبناتها. أرقام المعاملات وأكد الدكتور المشرف العام على هيئة حقوق الإنسان في عسير هادي اليامي، على ضرورة إرسال الأوراق الثبوتية وأرقام المعاملات، مبيناً أن هيئة حقوق الإنسان ستقوم بعمل الإجراءات اللازمة التي تضمن استرجاع اسمها وإثبات نسبها، ويمكن للهيئة التواصل مع الجهات المختصة واستدعاء والدها لتمكينها من حقوقها التي حُرمت منها كمواطنة سعودية لها الحق في التعليم والعلاج وخلافه. مراجعة الأحوال وطلب مدير الأحوال المدنية في منطقة جازان علي علوش مدخلي، أن تراجعه صاحبة القضية في مكتبه للتأكد من وجود معاملة لها في أحوال جازان. وبالنسبة للإجراءات التي تتخذ حيال الأب في مثل هذه الحالات، قال «إن الإجراءات التي تتخذ عادة هي أن يرسل خطاب إلى الشرطة ويكلف بإحضاره مخفوراً ليتم التحقيق معه من إمارة المنطقة والأحوال المدنية عن الأسباب التي دفعته لعمل هذا الشيء». البهكلي لا يرد واتصلت «الشرق» بالمشرف العام على جمعية حقوق الإنسان في جازان أحمد البهكلي، لأكثر من مرة، لكنه لم يرد لسؤاله عن رقم المعاملة عما تم اتخاذه حيال قضيتها من قِبلهم لأكثر من عامين من الآن. المحافظ لا يذكر كما أجرت «الشرق» اتصالاً بمحافظ الحرث محمد هادي الشمراني، لسؤاله عن هذه الحالة، فأجاب بأنه لا يذكر أنها مرت عليه، ولكنه طلب منها التقدم بمعروض مع أرقام المعاملات وصور من الخطابات كي يتم عمل اللازم وحل مشكلتها.