على مقدونيا دفع مبلغ ستين ألف يورو لخالد المصري ( ألمواطن الألماني من أصل لبناني ) , تعويضاً له بعد أن جسّدت واقعته معاناة كبيرة على الصعيدين الجسدي والنفسي , تلك الواقعة , التي كشفت ما يُسمى بالسجون الطائرة , وفضحتها على رؤوس الأشهاد . ولا يحق لمقدونيا إستئناف الحكم الذي أصدرته بحقها محكمة ستراسبورغ فهو قرار قطعي . ألقرار أدان مقدونيا لأنها خالفت المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان . فقد أشار قرار المحكمة إلى أن مقدونيا أقدمت على انتهاك حقوق الإنسان بمعاملتها اللاإنسانية والمشينة لخالد المصري مخالفة بذلك المادة الثالثة من المعاهدة . وخالفت المادة الخامسة المتعلقة بالحرية والأمان , وكذلك المادة الثامنة التي تضمن الحياة الشخصية والعائلية بالإضافة إلى المادة الثالثة عشرة التي تنص على ضمان محاكمة عادلة . لم يعلق كوستادين بوغدانوف ممثل مقدونيا لدى المحكمة على القرار , مكتفياً بالقول إنه قرار مجلس المحكمة العالي , قرارٌ قطعي وغير قابل للإستئناف . أما المحامي فيليب ميدارسكي وكيل المصري فقد أعرب عن تقديره للقرار الذي تضمن ثلاث نقاط رئيسية تمثلت في الإعتراف بالواقعة والنقطة الثانية وهي مهمة وقد تمثلت في ضرورة تشكيل لجنة لغايات تدقيق الواقعة مرة أخرى وهو ما كنا قد طالبنا به منذ الوهلة الأولى والأخيرة وهي الإقرار بالضرر الذي لحق بموكلي جرّاء اختطافه لكن وبالضرورة هناك أضرار أخرى . وكانت المحكمة , قد قبلت , دعوى خالد المصري التي لخصت قصته التي بدأت باعتقاله في الحادي والثلاثين من ديسيمبر عام 2003 عندما استقلّ حافلة للركاب في تابانوفتسي متّجهاً إلى مقدونيا لقضاء عطلة . وفي لائحة دعواه , لخّص المصري , مأساته , بأن السلطات المقدونية إحتجزته في أحد الفنادق لمدة ثلاثة وعشرين يوماً قضاها تحت التعذيب النفسي والمعنوي فلم تنقطع معه التحقيقات بشأن انتمائه لتنظيم القاعدة وعلاقته بالإرهاب . ثم اقتيد معصوب العينين إلى أن وجد نفسه في طائرة تابعة للسي آي إيه حطّت به في أفغانستان ليمكث تحت التعذيب حتى الثامن والعشرين من أيار عام 2004 يعني خمسة شهور من الحجز التعسّفي والتعذيب . ثم أعادوه إلى ألبانيا . ومنذ ذلك الحين , وهو يتخذ إجراءات لازمة للمحاكمة وفي عام 2009 قاضى مقدونيا . وأصدرت ألمحكمة حكمها , بعد سبعة شهور من بدء نظرها في القضية . وكان وزير الداخلية المقدوني السابق قد شهد كتابيّاً في القضية , بأن شرطة بلاده شكّت في دخوله بوثائق مُزَوّرة فاقتادته رهن الحجز الإنفرادي ووجدت بأن هناك مذكرة اعتقال بحق شخصٍ يحمل نفس إسمه وعلى علاقة بالقاعدة صادرة من الولاياتالأمريكية فقامت بتسليمه على حدود كوسوفا . قضية خالد المصري , أثارت الرأي العام الأوروبي والعربي والعالمي . وفيم كان البرلمان الأوروبي ينتقد مقدونيا التي كانت مُنطلق افتضاح أمر السجون الطائرة أبلغني عدد من كبار المسؤولين المقدون بأن المصري جاسوس لدولة أوروبية أرسلته خِصّيصاً إلى مقدونيا للتجسس عليها , في محاولة غبيّة منهم , لجعلي أساهم في التقليل من ردة الفعل على ما جرى له . فأية مصلحة لبلده ألمانيا بالتجسس على مقدونيا وهي التي كشف نائبها العام عن أن هاتف المصري النّقّال كان تحت المراقبة حتى في أحاديثه مع محاميه . ولم تفلح الحكومة المقدونية في تسيير الصحافة لصالحها , بعد أن أصبح وزير داخليتها حينئذٍ ( غوران ميخايلوفسكي ) يذهب إلى المؤسسات الأوروبية المعنية باكياً . فقد نشرت الصحافة هناك مبيّنة إن مقدونيا لن تصبح عضواً في الإتحاد الوروبي لأن واقعة المصري ستظل على جبينها وصمة عار إلى الأبد . وأما المواطنون المقدون الذين يعرفونني فقد كانوا يشيرون إلى فندق أليكسندر بالاس ألمحاذي لنهر فاردار ويقولون لي : ( في هذا الفندق , تم احتجاز قريبك خالد المصري )