نهاية كل عام وقبل وبداية آخر تتكشف لنا حجم الجريمة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة، مستخدما القوة المفرطة وضاربا بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف الدولية، وفي نفس الوقت كان للمقاومة الفلسطينية تطور جديد على أسلحتها. عام 2011 شهد ارتفاعا في سقوط أعداد الشهداء والحرجى منذ الحرب الأخيرة على غزة، ففد استشهد 123 مواطنا وأصيب أكثر من 600 آخرين نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية على المواطنين سواء عبر الغارات الجوية على الأهداف المدنية والمناطق المفتوحة أو القصف المدفعي أو بالرصاص. وأوضح أدهم أبو سلمية الناطق الإعلامي باسم اللجنة الوطنية العليا للإسعاف والطوارئ في قطاع غزة لمراسلة "جازان نيوز ": أن من بين الشهداء 20 طفلا، وسيدتين، و15 شهيدا سقطوا بسبب القصف المدفعي، مؤكدا أن معظم الشهداء سقطوا جراء الاستخدام المفرط للقوة والأسلحة النوعية من خلال القصف الجوي على أهداف مدنية. وأشار إلى أن القصف في مجمله تركز على ارض فارغة , وبيوت مدنيين , وسيارات، مبينا أن شهر مارس وابريل يوليو شهد العدد الأكبر في عدد الشهداء، وبالتالي يعتبر هذا العام هو الأعلى في عدد الشهداء والجرحى منذ الحرب على غزة، مضيفا أن معظم جثامين الشهداء التي وصلت إلى المستشفيات من جراء القصف من طائرات الاستطلاع كانت مجرد أشلاء. القيادات المغتالة من ابرز القيادات التي تم اغتيالها خلال العام المنصرم 2011م: إسماعيل لبد الملقب "أبو جعفر" أحد أبرز قادة كتائب القسام، وشقيقه عبدا لله لبد وكلاهما من مخيم الشاطئ، ومحمد الداية من حي الزيتون عندما كانوا يستقلون سيارة مدنية بيضاء اللون من نوع تويوتا كانت تسير على طريق صلاح الدين الواصلة بين مدينتي "خان يونس ودير البلح" بصاروخ واحد من قبل طائرة استطلاع إسرائيلية في الثاني من نيسان/ ابريل الماضي. كما اغتيل في التاسع من نيسان / ابريل الماضي القيادي في كتائب القسام تيسير أبو سنيمة "أبو المجد" ومساعده محمد عواجا "أبو عبد الله" جراء إطلاق طائرة إسرائيلية صاروخا على سيارة من نوع سوبارو بيضاء اللون في تل السلطان برفح. وفي شهر رمضان من العام نفسه ؛ وقبل موعد الإفطار بدقائق وفي الثامن عشر من آب / أغسطس الماضي شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوما عنيفا على ألوية الناصر, ولجان المقاومة الشعبية ؛الجناح العسكري لها في قصف على رفح، حيث استشهد ستة مواطنين جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في المدنية أدى إلى استشهاد أبو عوض النيرب الأمين العام للجان المقاومة الشعبية , وقائد اللجان العسكري عماد حماد, وأبو جميل شعت مسؤول التصنيع في لجان المقاومة ,وخالد المصري، عماد نصر، والطفل مالك خالد شعث عامين. أما عن الإصابات خلال العام فقد أعلن أبو سلمية وقوع قرابة 590 مصاباً جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، موضحا انه من بين المصابين أكثر من 200 طفل و 75 من النساء والفتيات و30 مسنا. وأعرب الناطق الإعلامي باسم اللجنة الوطنية العليا للإسعاف والطوارئ عن أمله أن يكون العام القادم هو عام هدوء واستقرار وأن يحيى الشعب الفلسطيني كما كل شعوب العالم بأمن وآمان بعيدا عن الاعتداءات الإسرائيلية والانتهاكات المستمرة من قبل هذا الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة. وقال أبو سلمية إن إسرائيل تمارس انتهاكات ممنهجة بحق القانون الدولي الإنساني وبحق الإنسانية برمتها من خلال استهداف المدنيين وخاصة الأطفال، الأمر الذي يتطلب من كل الأطراف الدولية والمؤسسات الحقوقية أن تتضافر جهودها من اجل وقف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين على صعيد المقاومة وفي التاسع عشر من أكتوبر الماضي وبعد اغتيال خمسة من قادة سرايا القدس ومن بينهم احمد الشيخ خليل ظهرت أسلحة جديدة لدى المقاومة، فقد كشفت السرايا عن مقطع فيديو لراجمة الصواريخ استخدمتها في إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية ردا على اغتيال قياداتها. الصيادين والاحتلال كما شهد العام 2011 ارتفاعا ملحوظاً في حجم الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصيادين الفلسطينيين على عكس المتوقع بعد إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة جلعاد شاليط . ولعل ابرز الانتهاكات هي تقييد حركة الصيادين من 12 ميلاً بحريًا كحد أقصى حسب اتفاقات أوسلو إلى 6-7 ميل في أعقاب انتفاضة الأقصى وصولا إلى 3 أميال بحريًا بعد الحرب الأخيرة على غزة وقيامها في العام 2011 بوضع الحدود البحرية التي يتعرض من يتجاوزها من الصيادين لإطلاق نار. وقال نزار عايش نقيب الصيادين في قطاع غزة أن القوات البحرية الإسرائيلية تنفذ عمليات مطاردة وملاحقة للصيادين وإطلاق نار عليهم بشكل يومي، بالإضافة إلى قتل 5صيادين بعرض البحر وإصابة 4 صيادين بجراح مختلفة حيث تم نقلهم أثرها لتلقى العلاج في مشافي غزة . وأشار عايش إلى حالات الاعتقال التي تم رصدها وهي 38 حالة اعتقال وتم الإفراج عن 36 منهم وبقي 2 في أيدي القوات البحرية الإسرائيلية، كما وثق 51 حالة مصادرة من شباك ومراكب ومواتير منها 13 حالة مازالت في ايدى القوات البحرية تشمل المراكب والمحركات . ويأمل الغزيون وخاصة الصيادون بان تشكل بداية العام الجديد باكورة عمل عربي ودولي لكسر الحصار عن غزة من جهة البحر ليكون منفذا للقطاع المحاصر نحو العالم. أطلاق سراح شاليط كان الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط على موعد في العام 2011 مع التحرير بعد احتجاز دام خمس سنوات لدى المقاومة الفلسطينية منذ 26 حزيران 2006، سنوات لا يمكن مقارنتها بعدد من أمضى سنوات عمرهم خلف قضبان الاحتلال أمضى منها نائل البرغوثي إلى 34 عاما. شاليط الذي احتجزته المقاومة الفلسطينية في أصغر بقعة جغرافية على وجه الأرض كلّف الفلسطينيين الكثير من الشهداء والدمار والحرب في حرب شنتها إسرائيل أواخر العام 2008 ولكنه كلف إسرائيل أن تقبل الإفراج عن أسرى ما كانوا ليخرجوا لولا صفقة التبادل وكانت إسرائيل ترفض الحديث عنهم. في 11 أكتوبر، أعلن من القاهرة عن توقيع اتفاق صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، يتم بموجبها الإفراج عن 1027 أسير وأسيرة على مرحلتين، مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة جلعاد شاليط. ولأول مرة منذ أسره في عام 2006 ظهر الجندي الأسير على شاشات التلفزيون المصري بتاريخ 18-10-2011 موعد إتمام صفقة التبادل والى جانبه أحمد الجعبري قائد كتائب القسام وبعض عناصر الكتائب وبعض ضباط المخابرات المصرية الذين كانوا يتجهون به إلى أحد معسكرات الجيش المصري. وفي ذات الوقت كان ( 477 ) أسيرا وأسيرة، في الجانب المصري من معبر رفح في إطار عملية التسليم يدقون أبواب الحرية. في 18 ديسمبر 2011 انفردت إسرائيل بالكامل في وضع أسماء الدفعة الثانية من صفقة التبادل ( 544 ) أسيرا و( 6 ) أسيرات والذين أفرج عنهم لتكمل صفقة شاليط. من جانبه اعتبر عبد الناصر فروانة المختص في شؤون الأسرى صفقة التبادل انجازا وطنيا وانتصارا للشعب الفلسطيني بكل المقاييس وانتصاراً للمقاومة وللفصائل الآسرة أيضاً، بالرغم مما سُجل ويمكن أن يُسجل عليها من ملاحظات وثغرات وانتقادات والتي لا تقلل من شأنها بتاتاً. وقال فروانة :"كان يؤمل أن تنجح صفقة التبادل في فرض شروطها بالكامل وأن تحقق ما عجزت عن تحقيقه العملية السلمية وأن تضمن إطلاق سراح كافة الأسرى القدامى ورموز المقاومة والقيادات السياسية، بالإضافة إلى استعادة جثماني الشهيدين اللذين استشهدا خلال مشاركتهما بعملية "الوهم المتبدد" التي أسر خلالها شاليط وهما محمد عزمي فروانة – حامد الرنتيسي.. وبين فروانة أنه أعقب الصفقة تصعيد إسرائيلي خطير ضد الأسرى لان إسرائيل تسعى للانتقام من الأسرى حيث زادت من أعداد المعزولين وصعدت من هجماتها للغرف وتمنع ذوي الأسرى من زيارة أبنائهم فهي تستغل انشغال الشارع بالاحتفالات بالمحررين والمصالحة وتصعّد من اجرائتها ضدهم. وبخروج الأسري في صفقة شاليط لا زالت إسرائيل تعتقل في سجونها 4400 أسير بينهم ما يزيد عن 130 طفلا و6 أسيرات و24 نائبا و أكثر من 40 معاقاً جسدياً ونفسياً. الحوار الفلسطيني الفلسطيني ولا نتناسى أن عام 2011 شهد جلسات متعددة للحوار الفلسطيني في العاصمة المصرية القاهرة فجمعت القاهرة الفصائل الفلسطينية في جولتين عامتين جمعت خلالها كافة الفصائل والقوى الفلسطينية، فالأولى كانت في "مايو" والثانية في "ديسمبر" كما عقدت في القاهرة وبرعاية مصرية عدة جولات ثنائية بين حركتي فتح وحماس تزعمها القيادي في فتح عزام الأحمد والقيادي في حماس موسى أبو مرزوق، كما دعت القيادة المصرية إلى حوارات ثنائية بين المخابرات العامة المصرية والفصائل الفلسطينية كلا على حدا. عشرات اللقاءات عقدت هذا العام عدا عن ثلاثة لقاءات جمعت الرئيس محمود عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس كان أولها اللقاء الذي جري في 4 مايو ووصفه المراقبون باللقاء الفاتر، ولقاء آخر جمع بينهما في شهر نوفمبر قبل اللقاء الأخير الذي وصف بلقاء الزواج بين فتح وحماس. الحوارات التي تمت بين الفصائل الفلسطينية شهدت في مايو من نفس العام ميلاد اتفاق المصالحة الفلسطينية، وبشكل مفاجئ للجميع، حيث وقعت حركة حماس على الورقة المصرية للمصالحة، وتداعت الفصائل إلى القاهرة التي غاب عنها الرئيس حسني مبارك بفعل ثورة ميدان التحرير اجتمعت الفصائل ووقعت على الاتفاق وتأخر حفل التوقيع لمدة ساعة، ومن ثم تم بث الحفل مسجل على الفضائيات المصرية وفي أعقاب الاتفاق شهدت الأراضي الفلسطينية حالة من الابتهاج عبرت عنها الجماهير في غزة عبر المسيرات التي جابت الشوارع وكانت ترفع العلم الفلسطيني والرايات ومن ضمنها رايات حركة فتح كما شوهدت الرايات الخضراء لحماس. ومضت عدة أشهر من العام ولم يبقي من اتفاق المصالحة على الأرض سوى الرايات الخاصة بالحركتين واستمر الاتفاق حبر على ورق إلى إن عقد اللقاء الثاني بين عباس مشعل برعاية مصرية هذا اللقاء، مهد الأجواء لجولة الفصائل للمصالحة في ديسمبر هذه الجولة التي توصلت فيها كافة الأطراف الفلسطينية إلى تفاهمات لتطبيق الاتفاق على الأرض وكان الاجتماع الأول للإطار القيادي للمنظمة بمشاركة قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي. وعلى الرغم من الاتفاق على التفاهمات والصور التي بثت من القاهرة, وعليها كل علامات الارتياح لدى القيادات الفلسطينية بحضور الرئيس عباس واجتماع اللجنة القيادية العليا ,والاتفاق على تشكيل كل اللجان من أجل تطبيق الاتفاق على الأرض فان هذا المخاض العسير والقيصري لاتفاق المصالحة في 2011 يترك الاختبار للعام 2012 الذي سيكون شاهدا على تطبيق الاتفاق وإجراء الانتخابات وتوحيد شطري الوطن المنفصلين. 5