بالرغم مما قد يبدو للعيان أنه خلافات سياسية بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية، فإن الدولتين تعملان بهدوء ولكن بقوة على تعزيز علاقاتهما العسكرية وتوسيع نطاق تلك العلاقات إلى مجالات جديدة في التعاون العسكري. يتجلى ذلك بصورة واضحة في برنامج شبه سري لإنشاء قوة نخبة سعودية تكون مهمتها حماية المنشآت والثروات النفطية في المملكة وكذلك المنشآت النووية المزمع انشاؤها في المستقبل. هناك أيضا المحادثات الأمريكية السعودية بشأن تزويد المملكة بنظام دفاع جوي صاروخي يضمن تفوقها على أقرب مصدر خطر محتمل في المنطقة وهو إيران ، وأخيرا صفقة تاريخية قيمتها 60 مليار دولار لتزويد السعودية بعشرات من أحدث الطائرات الأمريكية من طراز إف 15 المقاتلة والتي من شأنها أن تضمن التفوق الجوي السعودي الكامل على إيران ولسنوات طويلة. وتبدو قضية تعزيز العلاقات العسكرية السعودية أمرا في غاية الحساسية بالنسبة للدولتين وإلى درجة أن وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين رفضتا السماح لأي من العاملين في الوزارتين بالإدلاء بأي حديث مسجل عن تلك القضية، كما رفض البيت الأبيض فيما يبدو السماح للجنرال روبرت كاتالانوتي ، وهو المسؤول عن برنامج إنشاء قوة الحماية السعودية الخاصة، بإجراء أي مقابلات صحفية. ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلبات التعليق على هذا المشروع. ولكن أمكن الوصول إلى معلومات عن المشروع من مسؤولين أمريكيين تحدثوا بشرط الحفاظ على سرية هوياتهم بسبب حساسية المخاوف الأمنية السعودية ، وجاءت تلك معلومات أخرى أيضا من مقابلات أجريت مع محللين مستقلين ومن تصريحات أدلى بها مسؤولون أمريكيون سابقون. قوة الحماية الخاصة من المتوقع أن تتألف من نحو 35 ألف رجل يتم تدريبهم وتسليحهم بمعرفة الولاياتالمتحدة كجزء من مشروع يضم عديدا من الوكالات المتخصصة في الدولتين، ومن بينها على الجانب الأمريكي وزارات العدل والطاقة والدفاع ، وسيكون المشروع خاضعا لإشراف القيادة المركزية العسكرية الأمريكية. المهمة الرئيسية لتلك القوة هي حماية منشآت النفط الرئيسية في المملكة، ولكن مدى عملها سيكون أوسع من ذلك. ففي برقية سرية سربها موقع ويكيليكس الشهير هناك وصف لتلك المهمة بأنها حماية "حماية منشآت الطاقة السعودية ومحطات تحلية المياه والمنشآت النووية التي ستقام في المستقبل للأغراض السلمية". البرقية يعود تاريخها إلى الثامن من أكتوبر عام 2008 ونشرها موقع ويكيليكس في ديسمبر من العام الماضي ، وفيها وافقت السعودية على اقتراح الولاياتالمتحدة بإنشاء تلك القوة بعد تحذيرات مصدرها وزارة الطاقة الأمريكية بوجود تهديدات لبعض منشآت البترول السعودية. ومن المرجح أن تنفيذ برنامج إنشاء قوة الحماية قد بدأ في عام 2009 أو 2010، ولكن من غير المعروف جحم الجزء الذي أصبح الآن قيد الخدمة الفعلية من تلك القوة. ولكن مسؤولا أمريكيا قال إن نطاق مهام تلك القوة قد يتسع ليشمل حماية السفارات وغيرها من المرافق الدبلوماسية والمنشآت البحثية والأكاديمية وغيرها من المنشآت ذات الطبيعة الحساسة والخاصة. وستعمل تلك القوة الأمنية المتخصصة بمعزل عن الجيش النظامي السعودي ولن تكون لها علاقة كذلك بالحرس الوطني السعودي المكلف بحماية الأماكن المقدسة في مكة والمدينة. المعروف أن الولاياتالمتحدة تضطلع بدور تدريبي واستشاري وتسليحي كبير في الجيش السعودي منذ عام 1953 ثم بدأت في تقديم المشورة للحرس الوطني اعتبارا من عام 1973. وقد وقع الاتفاق الخاص بإنشاء قوة الحماية السعودية المتخصصة في عام 2008 بين وزير الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت كوندوليزا رايس ووزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز. وفي توقيت متزامن تقريبا وقعت المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال إدخال الطاقة النووية المدنية للاستخدام في مجالات الطب والصناعة وتوليد الكهرباء في المملكة. وفي نفس العام قال فورد فراكر الذي كان سفيرا لواشنطن في الرياض إن "من المحتمل أن يكون برنامج إنشاء قوة حماية المنشآت السعودية هو أكبر مشروع على الإطلاق في مجال التعاون بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية"، وكشف عن أن حجم العقود المرتبطة بإنشاء تلك القوة قد يصل إلى عشرات المليارات من الدولارات. ولم يتوقف التعاون العسكري بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة في السنوات الأخيرة عند حد إنشاء قوة الحماية المتخصصة ، فعندما زار وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت جيتس الرياض في عام 2008 كان حريضا على أن يؤكد عزم الولاياتالمتحدة على إبرام صفقة قيمتها 60 مليار دولار لبيع أسلحة للمملكة العربية السعودية ، ومن بينها 48 طائرة حديثة من طراز أف 15 وكذلك تحديث 70 طائرة من نفس الطراز تمتلكها السعودية بالفعل. وقال مسؤولون عسكريون أمريكيون إن نطاق تلك الصفقة قد يتسع ليشمل قطعا بحرية وربما أنظمة دفاع جوي وصاروخي متطورة. 5