دعوا الأطفال يضحكون ويلعبون ، دعوهم يصنعون لأنفسهم ذكريات جميلة لزمن الطفولة . دعوهم يستنفذون كل طاقة المرح المخزونة في أرواحهم لتكون رصيداً لهم في زمن القسوة والكبد والعناء الذي ينتظر نضجهم وبلوغهم ، فالحياة تتربص بمستقبلهم لتذيقهم ما أذاقتكم . دعوهم يلعبون ويمرحون ويفرحون قبل أن يتحولوا إلى أشجار يابسة وأعمدة صامتة في مواجهة رياح الدنيا وأمواجها العاتية. إن ما نشاهده اليوم من بعض التصرفات من الآباء والأمهات أو المربين أو بعض من يتعاملون مع الأطفال من التنمر والمنع ومصادرة حقوقهم في التعبير عن مشاعرهم أو احتياجاتهم، لهو أمر محزن و تصرف مقيت سيكلف المجتمع الكثير والكثير وسيكون وباله على الوطن شر مستطير. أيها الآباء وأيتها الأمهات مهما أفسد أطفالكم من أثاثكم أو مستلزماتكم فهي رخيصة في سبيل بناء شخصياتهم المتزنة والمشبعة بالسعادة والطمأنينة والأمان، وستجدون أثر صبركم وتجاوزكم في مستقبل الأيام، حين تفرحون بشبابهم وتسعدون بثبات قلوبهم ، حين يعطفون على شيخوختكم ويخفضون جناح الذل لكبر سنكم ، حينها ستحضر في أذهانهم ساعة الأمان التي عاشوها في طفولتهم تحت أكنافكم وعلى أكتافكم . إن بناء الإنسان وإعداده يبدأ منذ نعومة أظفاره وفي صغر سنه وإنه كلما امتلأ قلبه فرحاً ومرحاً وسعادة كلما كان أكثر تماسكاً واتزاناً في مواجهة صعوبات الحياة ومشقاتها ومواقفها ، وكلما تعرض للكبت والمنع والتنمر كلما امتلأ غيظاً وحقداً وحنقاً على الحياة وعلى البشر وكان شره وخطره كبيراً على مجتمعه ، وربما زلت به قدمه وانحرف سلوكه للعداء والظلم والانتقام وكان شره على أهله ومجتمعه ، وحينها يصعب منعه وانقاذه وتفادي شره وسيكلف أسرته ومجتمعه ووطنه الشيء الكثير بل ربما كان معول هدم في يد أعداء الوطن والأمة . دعوهم يلعبون وأغدقوا عليهم بالحب والعاطفة ، اربطوهم بالأسرة واجعلوا المنزل جنة وارفة مليئة بالمشاعر الإيجابية وملاذاً آمناً من كل ما يحيط بهم من خطر .