إعلان اتفاقية سلام بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل من العاصمة واشنطن عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يعطي دلالة على جهود أمريكية بذلت سابقًا ونجحت بالإعلان الذي لم يكن مفاجئًا ، والذي يعد إنجازًا للإدارة الامريكية قد يصب في رفع أسهم ترمب في الانتخابات الرئاسية مع العلم أن الناخب الأمريكي لا يهمه سوى الوضع الداخلي ، بوش الأب حقق نصرًا بتحرير الكويت ، خاض انتخابات لولاية ثانية وهزم ، ،والمحفز في البيان أن مفاوضات ستتم بين الجانبين في واشنطن لتوقيع الاتفاقية ، بأن تمتنع اسرائيل وبضمانة أميركية عن ضم المستوطنات بل وتنسحب منها ، وكما أوضح د. أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في الامارات أن ذلك لا يعني فقط عن الغاء ضم أراضي من الضفة الغربية بل اخلاء كل المستوطنات ، وكما رشح من أنباء أن تعويضات ستدفع للمستوطنين، وكذلك أن تبادل السفراء وفتح السفارات لم يحن يعد . المعيار الذي يحدد نجاعة الاتفاقية، ليس السماح للعرب والمسلمين زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، ولكن ماذا عن بقاء سفارة أمريكية في القدس ، ولمن تكون السيطرة على القدسالشرقية وهل سيتم خلال مفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل تتمحور أساسًا على انسحاب إسرائيل من القدسالشرقية وتعلن عاصمة للدولة الفلسطينية خاصة أن الاتفاقية الاماراتية الاسرائيلية كما رشحت من تصريحات متواترة تنص على تفعيل أوسلو، وحل الدولتين ، أم ستخضع لما تقبله إسرائيل خلال المفاوضات ،أم بضرورة تطبيق القرارات الدولية باعتبار الأراضي التي استولت عليها إسرائيل في الرابع من حزيران 1967من الاراضي المحتلة وعليها اتخاذ قرار بأن تنسحب منها وفقًا لاتفاقية سلام مع الفلسطينيين ، وهذا يقود لطرح تساؤلات عن مصير خطة السلام الأمريكية ن والتي أطلق عليها "خطة أو صفقة القرن"والتي أعلنها الرئيس ترمب منذ ما يقارب عشرة أشهر والتي لم تجد ترحيبًا بها فلسطينيًا سلطة وشعبًا وعربيًا ، وكذلك صعوبة قبولها وتطبيقها وفق ما يكتنفها من غموض ، وباعتقادي أن الخطة الأمريكية أصبحت غير صالحة، لأنها مناقضة لاتفاقية السلام التي أعلنت بين أبوظبي وتل أبيب من الراعي والضامن الرئيس الأميركي وبحضور كوشنر مهندس خطة السلام الأمريكية التي ولدت ميتة وهل لاتزال المبادرة العربية ستجابه برفض اسرائيلي . وما رشح من حديث د. أنور قرقاش أن الاتفاقية تخدم القضية الفلسطينية وستضاف الامارات الى مصر والاردن وستشكل الدول الثلاث ضغوطات على الجانب الاسرائيلي ، بيد أنه اشار الى أن تقرير الحل النهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين سيكون عبر مفاوضات مباشرة بين الجانبين وسيحظى الفلسطينيون بدعم الدول الثلاث ،ومن المؤكد أن اسرائيل في رأيي لن تقبل الا بما يحقق مصالحها وقد يتطلب ذلك أن تؤسس لمصالح اقتصادية اسرائيلية اما عبر استثمارات في الامارات ، مقابل قيام دولتين ، ولا أعتقد أن حلًا سحريًا سيجعل اسرائيل تقبل بالانسحاب من كافة الضفة الغربية وبقيام دولة فلسطينية مستقلة وبمؤسسات دولة ذات سيادة عاصمتها القدسالشرقية. ومن الطبيعي أن الوقت لم يحن لمعرفة ما المقابل الذي ستجنيه إسرائيل ، وما المزايا التي ستتحقق للفلسطينيين ، وكذلك لو أخذنا البعد الاقليمي والوضع العربي المتأزم الذي تتمدد فيه تركيا شمالا في سوريا، وتواجدها في ليبيا، وعبر تدخلات عسكرية في العراق وفق مذكرة تفاهم منذ عهد صدام حسين أن تتوغل بضع كيلومترات لضرب قواعد "حزب العمال الكردستاني" ، خاصة وقد وسعت تركيا رقعة توغلها في شمال العراق الى أكثر من 30 كيلومتر ، وحاليا العراق يعتزم تقديم شكوى لمجلس الأمن ،والتدخل العسكري المباشر غرب ليبيا ونقل مرتزقة من سوريا إلى غرب ليبيا ، فهل ستحقق المعادلة الاماراتية الإسرائيلية في كبح جماح تركيا وهل ستساهم أميركا بجدية في لجم التوغل التركي في ليبيا والعراق وسوريا ، وايضًا هل ستتواصل الضغوط على ايران لإخراجها من سوريا والعراقولبنان واليمن . وباعتقادي أن تأكيدات أميركية لإسرائيل، وربما بتوافق روسي على انهاء النفوذ الايراني في العراقولبنان وسوريا كي تضمن اسرائيل حسب زعمها الاطمئنان على حدودها الشمالية من تواجد قوات ايرانية على حدود الجولان وعبر حزب الله في الجنوب ، خاصة اسرائيل منذ تأزم الوضع السوري وما حصل فيه من تدمير ولجوء ونزوح وتدخل روسيا لم يكن فقط لإنقاذ نظام بشار فحسب بل لحماية أمن اسرائيل ولغض الطرف عن ضرباتها للقوات المليشياوية التابعة لإيران في سوريا ، ولمعادلة الوضع سمحت روسيا وأمريكا بأن تفرض أنقره منطقة نفوذ شمال سوريا، الأمر الذي يؤشر لاتفاقية شاملة بين القطبين الامريكي والروسي أن تجعل من سوريا خالية من أي قوات أجنبية وتقليم أظافر ايران وأعوانها في سوريا والعراق واليمن ، ومع تنفيذ ذلك سيقوم نظام في سوريا تحت مظلة موسكو وحمايتها من التوغل التركي . وحتى تنتفي حجج اسرائيل مع ممارسة الضغوط والعقوبات على ايران التي لا تبدو عابئة بأي عقوبات اقتصادية جراء دعمها المستمر للحوثيين وكتائب الحشد والمليشيات في سوريا ، وحزب الله في لبنان ، هكذا يمكن القول أنه بالفعل سيتم تبريد الصفيح الساخن في الشام والعراق والمباشرة في مفاوضات اسرائيلية سورية مع نظام جديد أو مع نظام بشار بعد انتشاله من المعسكر الايراني المعادي ظاهريًا لإسرائيل ، أو مقابل رفع العقوبات تدريجيا عن ايران والابقاء على عقوبات فيما يخص التسلح وتطوير أنشطة برامج منشآتها النوية مقابل اتفاقية معدلة تتم شريطة انهاء نفوذها وسحب السلاح من مليشيات تابعة لها في العراق وسوريا واليمن ولبنان ، مع معونات اقتصادية تمس حاجة الشعب الايراني كي يتم اقناع المعارضة الايرانية الواسعة في ايران ضد النظام بتخفيف ضغوطها على ايران لتبديد شكوك الملالي كما تزعم أن انتفاضات الشعب الإيراني بتأييد أميركي . اسئلة متشعبة تجعل من أن الأمل بحلول سحرية سريعة تخلص المنطقة العربية من حالة الاحتقان وتنعش معه أسعار النفط، وحرق المراحل بوتيرة متصاعدة لا يمكن الجزم بمداها، بالطبع لن يتم هذا الا بتحقيق مصالح القادرين على فرض حل شامل وعادل لإقرار الأمن والسلام في الشرق الأوسط، ،وحقيقة أن أي حل لن يصدد دونما تُحقِّق كل الدول المؤثرة في انهاء النزاع الفلسطيني والعربي الاسرائيلي ، ثم انهاء حلقات الموت والدمار في عدد من دول ما سمي ب (الربيع العربي) ، ومقياس أي نجاح يتم بتفكيك التآمر القطري الايراني التركي واتفاق دول المنطقة والعالم أن الاخوان منظمة ارهابية؛ تعامل كما عوملت داعش واقناع تركيا وقطر بالانضمام للجهود الدولية المفترضة وخاصة الأوروبية لرفع غطائها عن ايران ومواجهة تركيا بصرامة، وأن عليها أن تتخلى عن أحلامها لإعادة نفوذها عبر تكريس أنظمة في تونس وليبيا يتسنمها الإخوان ، وكذلك مع الضلع الثاني الايراني أن تتخلى عن نهجها الطائفي وتلتفت لمصالح شعبها وتنكفئ إلى داخل ايران وتبنى علاقات أخوة مع جوارها الاقليمي.؛ بدون ذلك لن يتحقق أمن وسلام شامل ولن تحقق مصالح اقتصادية للدول المؤثرة في العالم ، بوجود صراعات اثنية أو إقليمية تزايد على القضية الفلسطينية التي هي مفتاح الحل العادل والشامل ، ليوفر الغرب والشرق الأمن لإسرائيل الذي يتذرعون به؛ لكن بعد إعادة الحقوق لأصحابها واقامة دولة فلسطينية ،ومعها لن تجد إيران أي مدخل تعزف منه للمزايدة وتستمر تدير مليشيات لم تمس اسرائيل بشيء فقط لزرع الفتنة والقلاقل، لتبرر وجودها في حين خلال تسعة أعوام على تواجدها الطاغي في سوريا لم تطلق رصاصة على اسرائيل أو ضد جندي اسرائيلي على الحدود، وكذلك اسرائيل ايضًا لم تطلق رصاصة على جندي تابع للنظام السوري ، من جهة علاقة ايران متينة مع تركيا ومع المنظمات الارهابية في سوريا سواء التابعة لإيران أو التابعة لتركيا وقطر ولم تشكل تلك المليشيات التابعة لإيران وتركيا أي تهديد لإسرائيل .... إن الطريق لسلام شامل لا يزال بعيدًا ،ويحتاج لخطوات مدروسة ومتأنية تقوم على الأمن الشامل لجميع دول المنطقة ،و تطبيق القرارات الدولية بانسحاب اسرائيل بالتزامن مع انسحاب تركيا من شمال سوريا والعراق وليبيا وخروج ايران من سوريا والعراقولبنان ورفع يدها عن دعم مليشيات الحوثيين في اليمن ، وفك الحلف القائم بين تركيا وايران وقطر، وإلا سيظل الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي لا يتجاوز علاقات تجارية وسياحية و بالمقابل ستقابل أي جهود عالمية جادة لإنهاء النزيف بالمنطقة العربية عبر لوبي شركات توريد وتصنيع الأسلحة التي لن تنفك عن البحث عن مناطق ساخنة لتظل مصانعها متأهبة وبالتالي توفر لموازنات الدول المتواجدة فيها وهي أميركا وروسيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها ايرادات ضخمة، مالم يتم تمكين شركات الدول الفاعلة والمؤثرة ، أميركا، روسيا، الاتحاد الأوروبي والصين من اعادة الاعمار في الدول المنكوبة لتجني أموالا تعوض كساد تجارة الأسلحة ، إلى عقدين من الزمن، تستجد معها صراعات وتتواصل تدفقات الأسلحة على منظمات ارهابية من الدول الراعية لها المصنعة للأسلحة والممولة لها، إذا لم تتجه النوايا لعالم يسوده الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط تقوم حرمة تدخل أي دول اقليمية " اسرائيل ، تركيا ، وإيران في اللعب بمستقبل وحياة شعوب المنطقة العربية ... وتظل تلك أماني، فهل يثبت القائمون على أمن وسلام العالم في مجلس الأمن "الخمس الكبار " بتجسيد هدف إقامة هيئة دولية تحافظ على الأمن والسلم والاستقرار لجميع شعوب العالم أم تظل ألعوبة بأيدي من يفترض فيهم اثبات حسن نواياهم تجاه العرب والمسلمين، ونتمنى أن تؤسس اتفاقية السلام بين الامارات واسرائيل لسلام شامل وعادل ولمنطقة حق لها أن تلتقط أنفاسها وتنافس الدول المتقدمة في جودة تعليمها ونبذ الفساد وتحقيق العدل والمساواة والقدرة المنفردة على انهاء أحلام الثلاثي الشيطاني المجوسي التركي الإخواني وذيلهم القطري.. وهل يمكن أن يعّدُّ اعلان ترمب عن اتفاق إماراتي اسرائيلي وعن قرب توقيعه في واشنطن الاقرار بفشل الخطة الأمريكية للسلام الخاصة بالقضية الفلسطينية واسرائيل ، أم أن الاتفاقية المعلنة اليوم هي بداية منطقية لها أم اعلان موتها سريريًا .