غالبا ما تكون قراءتي للكتب النقدية قراءة سريعة هدفها الإطلاع والمعرفة من باب العلم بالشيء دون التعمق في مفاهيم النقد وأساليبه ونظرياته، لكن قراءتي لكتاب (النص والنص الموازي) كانت مختلفة جداً للدرجة التي جعلتني -بكل حبّ- أعود لقراءة رواية (جاهلية) مرة أخرى، فالناقد الجيد هو من يجعل دراسته وتأويلاته وتحليلاته نوافذ مشرعة لقراءة النصوص الإبداعية بوعي القارئ وروح المبدع وشمولية الناقد المتمرس المتفرد في منهجه وتبويبه مستفيدا من تجاربه القرائية في مجال النقد، ومفيداً لقرائه بأسلوب أدبي سلس وشيق لم يمهلني في التقاط الأنفاس. هكذا كان الدكتور حسن بن حجاب الحازمي حين قدم لي وجبة ثقافية أدبية في كتابه الجميل الذي يحمل عنوان (النص والنص الموازي)، فقد تغلغلت من خلال العنوان إلى صفحات الكتاب الذي قرأ الرواية قراءة نقدية استثنائية، مستعرضا مفهوم النص الموازي والتعريف به وبعناصره التي تحيط بالنص المركزي (متن العمل الإبداعي) كالغلاف وألوانه و(عنوان العمل سواء أكان شعراً أو روايةً او قصةً أو مسرحيةً أو غير ذلك) واسم الكاتب ودار النشر وسنة النشر والتقديم والإهداء وجنس العمل والهوامش والفصول وعناوينها والعناوين الفرعية والعتبات وأرقام الصفحات والملحقات النصية وغيرها . الأمر؛ الذي عرف بالنص الموازي في مدارس النقد الحديث، وهو من المباحث النقدية المهمة لدى البنويين باعتباره بنية مجاورة للنص المركزي (المتن) ، وهو مجموعة من العلامات الدالة المؤثرة التي تسهم في قراءة المتن وفهمه وإغناء دلالته كما يراه أصحاب الدراسات السيميائية، وقد استطاع المؤلف برؤيته النقدية أن يستنطق رواية (جاهلية) من خلال النص الموازي ويحيط بجميع جوانبها وتمكن من الغوص في أعماقها ليخرج لنا كتابا ثمينا يستحق القراءة والاقتناء. وفي خاتمة المقال يجب أن أشير إلى التعريف بكتاب (النص والنص الموازي) فهو قراءة أدبية نقدية للدكتور حسن بن حجاب الحازمي في رواية (جاهلية) لليلى الجهني صادر في طبعته الأولى عام 2018 في طبعة فاخرة عن كرسي الأدب السعودي في 282 صفحة من القطع المتوسط.