جعل الله سبحانه وتعالى نهاية العام الهجري مرتبطة بمناسبة دينية عظيمة تهوي إليها أفئدة البشرفي مشارق الأرض ومغاربها ، فيتسابقون ذكرا وانثى كبيرا وصغيرا غنيا وفقيرا لحضورها وتأدية مناسكها بعد أن توحد المكان والزمان والشكل والعمل وذابت كل الفروق حتى بين الحاكم والمحكوم انها إرادة الله سبحانه تعالى في إدارة الكون وتدبير شؤونه حسب علمه المحيط بكل شيء ، فهو خالقه وعالم أسراره وعجائبه مالك الملك يتصرف في ملكه بما شاء وكيف شاء ومتى شاء ،وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل بيته الحرام في هذه البقعة المباركة من الأرض وهي مكةالمكرمة قال تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين) ومن هنا نالت مكةالمكرمة شرف المكان وأصبحت مهوى الأفئدة وقبلة المسلمين ومهد الرسالة ومهبط الوحي يقصدها كل عام ملايين المسلمين لأداء فريضة الحج ويشهدوا منافع لهم . مؤتمر عالمي سنوي أمرالله به أبينا إبراهيم عليه السلام ، قال تعالى وأذن في الناس بالحج )ثم أصبح فريضة في عهد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى : "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" وجعل ذلك في زمن محدد فكان شرف المكان والزمان. منذ أذان سيدنا إبراهيم والناس تجتمع في هذا المكان ذي الطرق الوعرة والجبال الشاهقة قليل الماء و الأشجار وبقي المكان كذلك على مَر العصور عدا بعض الاعمال التي تقتصر على عمارة وتوسعة المسجد الحرام فقط ، وظل الحاج يواجه صعوبات كثيرة تصل إلى الهلاك حتى منّ الله على بلادنا الطاهرة بمؤسس كيانها وجامع شتاتها ومحقق أمنها واستقرارها إنه الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذي جعل خدمة بيت الله الحرام من أولويات أعماله التي تواصلت على يد ابنائه من بعده حتى شملت جميع المشاعر المقدسة بأعمال عملاقة وانجازات عظيمة تجاوزت الصعوبة وازالت الوعورة وواجهت التحديات المكانية والمشكلات المستقبلية ، أفعال عظيمة يعجز الانسان عن وصفها تمكن ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم بيسر وسهولة ومن أهمها منشأة الجمرات التي تًعد من عجائب الدنيا ، إضافة إلى توفير كل الخدمات لأعداد هائلة تجاوزت اثنين مليون في مساحات صغيرة حدا تصل إلى ثمانية كيلوات مربع مع إدارتهم ومتابعتهم بكل قوة واقتدار ، خدمات متكاملة يؤديها أكثر من مائتين وخمسين ألف تبدأ بالورد والاستقبال بالابتسامة في محطات الوصول وتنهي بالهدايا في محطات المغادرة، فان كانت هذه صور مشرقة واضحة للقاصي والداني فهناك صورة أعظم وأعمق وهي انسانية الشعب السعودي حكومة وشعبا المتمثلة في حبه العميق لضيوف الرحمن وإخلاصه الصادق في خدمتهم واتخاذه شعارا بفتخرون به وقد أعلن الملك فهد طيب الله ثراه للعالم أجمع في موقف تاريخي مشرف أنه سيتخذ لقبا يحبه ويشرفه وهو"خادم الحرمين الشريفين". هذه هي المملكة العربية السعودية قادة وشعبا تتفانى في خدمة الحرمين الشريفين وتعتز بخدمة ضيوف الرحمن وتعمل من أجل راحتهم من أول يوم لانتهاء الموسم حتى الموسم القادم فيستمر التطوير ويقوى التكامل وتتحسن الخطط ويتوالى النجاح ولا نهاية لطموح حكومتنا الرشيدة في خدمة الحرمين الشريفين رغم ما وصلت إليه من نجاح قوي لموسم هذا العام 1439 الذي ابهر العالم وكان رسالة قوية وردا بليغا لقادة الارهاب ودعاة الفتنة ويذكرهم بقوله تعالى : " الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون".وها هي أفواج الحجيج تغادر الأراضي المقدسة بمثل ما استقبلت به من حفاوة وتكريم سالمة غانمة وهي تردد شكرا للسعودية حكومة وشعبا .