شكَّلت الزيارات الخارجية الأخيرة التي قام بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتي بدأها بمصر وتختم بالولاياتالمتحدةالأمريكية، شكلت خطوة جديدة على طريق صاعد من الفهم والتغير الاستراتيجي المذهل في طبيعة العلاقات الدولية بين المملكة العربية السعودية وبين دول العالم، حيث التصريحات والمواقف شديدة الذكاء التي انتهجها الأمير الشاب خلال لقاءاته الكثيرة أعطت إشارة بدء لما وصفه البعض بعصر جديد وثاب في تاريخ المملكة العربية السعودية. لم تتوقف ثمار تلك الزيارات على مجرد إعطاء رسائل ضمنية وإشارات، بل امتد الأمر ليشمل أفعالًا حقيقية ملؤها الحصافة والتدبير، حيث العديد من الاتفاقات الاقتصادية ومذكرات التفاهم، فضلا عن المواقف السياسية المشتركة مع الدول محل الزيارة من قضايا كثيرة أبرزها سوريا وطبيعة الدور الإيراني في المنطقة فضلًا عن الإرهاب Kوهو ما استلزم وقفة جادة من قبل الأمير محمد بن سلمان حيث كشفت زيارته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية النقاب عن صفقات سلاح نوعية أثقلت كفة المملكة في ميزان القوى الإقليمي ورسخت لعصر جديدة من الندية تقوم فيه المملكة بدور إقليمي أكثر فاعلية عن ذي قبل. العصر الجديد الذي يدشنه حاليًا سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سينقل المملكة من مجرد مستورد للأسلحة والتقنيات الحربية الحديثة إلى مُصنع لها، حيث نقلت مجلة "فورتشن" الأميركية، عن برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برنستون، الذي يتابع مسيرة ولي العهد السعودي منذ سنوات، والتقاه مرات عدة كان آخرها في 25 من ديسمبر الماضي بالرياض وسيلتقيه مرة أخرى بعد أيام "إن محمد بن سلمان يسعى خلال لقاءاته إلى دعم جهوده بتأسيس صناعة عسكرية محلية في بلاده، وخفض استيراد الأسلحة من الخارج بنسبة 50 بالمئة على الأقل". وهو الأمر الذي يدلل على الفهم العميق لطبيعة ارتقاء الأمم وتقدمها إلى الأمام. إن التحديات التي تغص بها منطقتنا العربية تفرض على المملكة العربية السعودية استدرار كافة مقومات القوة ودعم ترسانتها العسكرية وتنويعها والاعتماد على ذاتها بما يمكنها من الوقوف على أرض صلبة راسخة في مواجهة أي أخطار محيطة، وهو الأمر الذي تجلى في الصفقات العسكرية سابقة الذكر، وتجلى كذلك في العمل الدؤوب الذي يتم على كافة الأصعدة والمجالات طبقًا لخطة المملكة الطموحة 2030.