مُنذ البدءِ لم تكن عدن ملاذ أمناً للرئيس هادي من لحظة قدومهِ من صنعاء في نهاية فبراير عام 2015، بعد ان تمكن من النجاة باعجوبة من أسوء ملحمة غدر سياسي كانت قد حيكت له في صنعاء ، وعندما بدأ الرئيس هادي يمارس مهامه الرئاسية من عدن لم يجد قصر المعاشيق اكثر أماناً على حياته من قصر النهدين في صنعاء ؛ لإن وصوله عدن بصفته الرئاسية تسبب في إرباك قوى سياسية كانت على وشك تصدر المشهد الجنوبي في عدن.ولو كان هادي وصل اعلن إنضمامه لموكب المزايدين باسم الجتوب والمتاجرين بحقوق الجنوبيين حينها كانوا سيستقبلونه بالأحضان. لكن الرجل مثلما رفض القبول بانقلاب صنعاء رفض مساومة انقلابيي عدن ؛ لذلك توالت المواقف العدائية المعلنة عبر مصادر سياسية جنوبية مختلفة والتي تناقلتها وسائل النشر الاكتروني محلية واقليمية عديدة وفيها تصريحات مباشرة برفض وجود هادي في عدن بصفته الرئيسية مشيرين إلى ان بقاء الرئيس هادي في عدن ،سيفشل مشاريعهم وسينسف مشروعية قضاياهم . ويومها تبين لمن يريد ان يفهم بحياد إن الرئيس هادي غير مرغوباً فيه بعدن ليس لشخصه ولكن لمشروعه الذي نذر نفسه من اجله وقطع على نفسه عهد تنفيذه وهو المشروع المتمثل بإقامة دولة اليمن الاتحادي الذي سيشكل العتبة الحقيقية لامن واستقرار اليمن على المدى البعيد ، وسيسهم بترسيخ أمن وإستقرار أنظمة وشعوب دول الخليج العربي بشكل عام .ولعل إصرار الرئيس\هادي على انجاز هذا المشروع وعدم قبوله بالمساومة فيه والانحراف عنه جعل حياته عرضة للخطر من قبل القوى المتضررة في صنعاءوعدن على حدٍ سوء. فاذا كان المشروع الذي يحمله هادي ويسعى لتحقيقه سيؤدي لإسقاط هيمنة المذهب والقبيلة على السلطة في صنعاء ،فانه في نفس الوقت سيؤدي لإسقاط الهيمنة المناطقية والعربدة السياسية والامنية المهيمنة على السلطة في عدن منذ ما قبل الوحدة اليمنية ،وهي نفس القوى التي عادت اليوم تحتكر حق تمثيل الجنوب وتزايد بحق تقرير المصير . ولهذا يتبين لنا جميعاً إن قوى المشروع الإنقلابي موحدة في مواقفها من الرئيس عبدربه منصور هادي رغم إختلافهم الشكلي في الخطاب لكن موقفهم من رئاسة هادي ومشروعيته واحد.؛ و يجدر بنا التذكير أن الرئيس هادي خاض أول معاركه العسكرية ضد المشروع الانقلابي من مدينة عدن في شهر مارس 2015 في مواجهة المدعو عبد الحافظ السقاف قائد امن مركزي عدن الذي رفض توجيهات الرئيس هادي حينها معلنا إنه لا يتلقى توجيهاته إلا من علي عبدالله صالح بصفته قائداً للجناح العسكري في الانقلاب الحوثي . وبعد عام ونصف من تلك الحادثة ها هو الرئيس هادي يخوض معركة جديدة في عدن ومع مدير امن مطار عدن ؛ صالح العميري، و الذي استعان بتمرده على رئيس الدولة بتواطؤ قوات من حرس الرئاسة المنوط بهم الدفاع عن رئيس الدولة وتنفيذ توجيهاته ، ولن يكون العميري هو اخر المتمردين على هادي في عدن ؛ خصوصاً اذا استمر تراخي بعض الاطراف الخارجية وتلاعبها بمواقفها في اليمن ؛الامر الذي يدفعنا للقول بان النتواءت المناوئة للرئيس هادي في الجنوب والتي تظهر بين الحين والآخر هي قوى انقلابية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، فأي فعل مناهض لشرعية الرئيس هادي ومخرجات الحوار الوطني وقرارت مجلس الامن الدولي وخاصة القرار 2216 ، أوالمبادرة الخليجية هو عمل إنقلابي على المستوى المحلي والاقليمي حتى وان كان منفذيه من خصوم الحوثيين وصالح . ففي نظر القانون الدولي والإقليمي لا يوجد فرق بين إنقلابي شمالي أو إنقلابي جنوبي إلا أن إنقلابيي الجنوب ما زالوا يراوغون حتى يبحثوا عن حاضنة إقليمية أو دولية ، لأن أهدافهم الانقلابية ذات بعد إقليمي ليست اقل خطراً على الأمن الاقليمي من سلطة صنعاء الانقلابية ؛ وهذا ما يجعل الرئيس هادي اكثر قرباً من قيادة المملكة العربية السعودية ووفاءً لها ،كونه يدرك اكثر من غيره أنها أكثر الدول حرصاً على وحدة اليمن وإستقراره السياسي والإجتماعي مستقبلاً. ولهذا فان خصوم هادي وحكومته الشرعية في الداخل اليمني هم في الأساس خصوم للتحالف العربي بمشروعه الإقليمي الذي تتبناه قيادة الرياض على وجه الخصوص بقوة نضراً لأهمية دورها . *كاتب يمني