انفجرت أمس الأوضاع الأمنية في عدن (كبرى مدن جنوب اليمن) بعد نحو أكثر من أسبوعين من التوتر بين أنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي والعناصر الأمنية الموالية للحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح. وتحولت المدينة ساحة لمعارك شرسة بين ميليشيا «اللجان الشعبية» وقوات من الجيش موالية لهادي من جهة وقوات الأمن الخاصة التي تدين بالولاء لعلي صالح وجماعة الحوثيين، في ظل مخاوف من دخول اليمن حرباً أهلية شاملة. وقصف الطيران الحربي الموالي للحوثيين القصر الرئاسي في عدن حيث يقيم هادي، فيما سيطر أنصاره الذين يقودهم وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة اللواء محمود الصبيحي، على مطار عدن واقتحموا معسكر قوات الأمن الخاصة، كما سيطروا على أجزاء واسعة من المدينة مستخدمين الدبابات والمدفعية الثقيلة. ووصف هادي قصف القصر الرئاسي بأنه محاولة انقلاب يدعمها النظام السابق. وقال في بيان إن «محاولة الانقلابيين المدعومين من أركان النظام السابق الذي كان أحد المتسبّبين في إبادة وقتل وتشريد وتهجير الآلاف من أبناء المحافظاتالجنوبية، باءت بالفشل». في غضون ذلك، أكدت مصادر رئاسية ل «الحياة»، نَقْل هادي ومعاونيه إلى «مكان آمن» في المدينة قبل استهداف قصر «المعاشيق» بالطيران الحربي، الذي أقلع من قاعدة الديلمي الجوية في صنعاء، على رغم دعوات اللجنة الأمنية العليا التي يديرها الحوثيون في صنعاء إلى التهدئة وعودة القوات إلى معسكراتها. وقاد الصبيحي قوات من الجيش تابعة للواء 119 مشاة ومعه قائد اللواء فيصل رجب، للسيطرة على مطار عدن صباحاً بدعم من ميليشيا «اللجان الشعبية» الموالية لهادي، وقصفت الدبابات البوابة الرئيسية لمقر قيادة قوات الأمن الخاصة. وأكد محافظ عدن عبدالعزيز بن حبتور، أن قائد هذه القوات العميد عبدالحافظ السقاف غادر عدن. وحصلت «الحياة» على معلومات تشير إلى أن السقاف سلّم نفسه إلى الوزير الصبيحي، ثم تولى محافظ لحج أحمد عبدالله المجيدي نقله الى هذه المحافظة. وذكرت معلومات أن المجيدي نجا من محاولة لاغتياله نفّذها مسلحون نصبوا مكمناً له على الطريق بين عدن ولحج. وأفادت مصادر أمنية بأن غارة جوية على الأقل استهدفت المقر الرئيسي لمعسكر قوات الأمن الخاصة بعد سيطرة أنصار هادي من الجيش و «اللجان الشعبية» عليه. وروى شهود أن طائرات تابعة لسلاح الجو اليمني حلّقت فوق القصر الرئاسي في عدن، وتصدت لها مضادات أرضية، قبل أن تشن غارات استهدفت القصر والمناطق المحيطة به. كما أفاد ناشطون بأن العميد ثابت جواس الذي عيّنه هادي بديلاً للسقاف على رأس قوات الأمن الخاصة أصيب بجروح أثناء المعارك التي أوقعت 13 قتيلاً و21 جريحاً وفق إحصاءات أولية. وتوقفت حركة الملاحة في مطار عدن منذ بدء المواجهات، وأُغلقت الطرق التي تربط المدينة بالمناطق الشمالية، فيما أكد مصدر أمني ل «الحياة»، أن خمسة جنود تصدّوا لهجوم شنّه مسلحون يُعتقد أنهم من تنظيم «القاعدة» على نقطة تفتيش في محافظة لحج المجاورة. وبالتزامن مع معركة كسر العظم بين هادي وخصومه في مدينة عدن، نشبت مواجهات بين مسلحين حوثيين ورجال القبائل في منطقة «قانية» على أطراف مأرب، إثر محاولة مسلحي جماعة الحوثيين التوغُّل صوب المحافظة النفطية من جهة محافظة البيضاء المجاورة. وأكدت مصادر قبلية ل «الحياة» مقتل 10 أشخاص خلال هذه المواجهات. ودعت اللجنة الأمنية العليا في صنعاء برئاسة وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة التي يسيطر عليها الحوثيون، إلى التهدئة. وكشف الرئيس اليمني خلال لقائه وفداً من حزب «الرشاد» السلفي أمس، أنه سبق أن تعرض لأربع محاولات اغتيال، وهو ماضٍ في جهوده ل «تحقيق الأمن والاستقرار والعدالة والتنمية». ودعا الأحزاب «إلى التنسيق في ما بينها وعدم السماح بشرعنة الانقلاب الحوثي، والخروج عن مخرجات الحوار الوطني المرتكزة إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرارات مجلس الأمن».