بين فكرتي المهدي المنتظر الإيرانية ووطن من المحيط إلى الخليج الإسرائيلية سجن العقل العربي نفسه محروما من نعمة التفكير النقدي ،وكلا المشروعين الامزعومين يقومان على إفتراءات دينية ، والعقل العربي سرعان ما يفقد وعيه عند أي جرعة تخدير دينية . فمشروع الوطن المزعوم من المحيط الى الخليج كان مجرد فكرة صاغها متطرفي اليهود وروجت لها المؤسسات الدينية والمرجعيات المذهبية في إيران لأنها وجدت فيها مبررا كافيا لتسويق فكرة المهدي المنتظر ،وكأن ضرورة المهدي المنتظر انبثقت من حتمية الوطن الوهم من المحيط الى الخليج ومع مرور الزمن تحولت الأوهام الخدائعية الى احكام قدرية سلم بها غالبية العرب المسلمين في منطقة الشرق الأوسط وبموجبها صار العرب ملزمين بتمكين اسرائيل من وطنها المنشود وتحمل بغيها وجورها حتى يحين موعد خروج المخلص الشيعي من سرداب مخبئه في مدينة قم الايرانية . و تكمن كارثة الوعي الجمعي التي تحيلنا الى ضحايا ومتفرجين في نفس الوقت نعايش الظلم ولا نحاول دراه عن انفسنا بل علينا ان ننتظر الخلاص من شخص يحمل الجنسية الايرانية ويعتنق الأيدلوجية الشيعية وبمجرد التصديق بهذه الفكرة نكون قد استخبلنا عقولنا وصادرنا أدميتنا ومثلما وقعت عقولنا اسيرة وهمين فان منطقتي الجزيرة العربية والخليج وقعت بكل مقدراتها بين فكي ايران واسرائيل بالمعنى الانتهازي للسياسة النفعية ،وبطبيعتها العقول المدجنة بالأساطير لاتجيد فكاك اسرشعوبها وتحرير مصالحها ،إنها مهزلة عبثية قلما نجد لها نظيرا في تواريخ الامم وتجارب الشعوب . وعلى اساس هذه الافكار الايهامية تشكلت مواقفنا المتمثلة بالحب الالهي لايران والعداء التاريخي لاسرائيل هذان الموقفان امتازا بدرجة عالية من الثبوت ووضعا السياسة العربية في تابوت ضيق غير قادرة على الحركة والمناورة من اجل مصالح الشعوب ، فمثلا عندما اجبرت اسرائيل على البحث عن شروط حقيقة للسلام مع العرب بفعل الضغوطات الدولية والمحلية وجلست للمفاوظات وجدت ممانعة من قبل المفاوضين العرب المتمترسين بتاريخية الموقف العدائي . وفي الطرف الاخر بدات ايران تسعى لفرض هيمنه اقليمية في اغلب البلدان العربية وتراهن على استخدام العرب الشيعة كوقودا للحروب الاهلية في العراق ولبنان واليمن والسعودية والبحرين ، كل هذا لم يغير من واقع علاقتنا مع ايران شيا ومازل الكثيرون من العرب والمسلمين ينضرون لايران على انها حاملة لوا الاسلام في مواجهة اليهود والنصارى والذين ينضرون الينا من جانبهم بعيون الاشفاق والسخرية ، بل ويدركون جيدا اننا سجنا عقولنا ووعينا في تابوت الخرافات الدينية المحاكة خصيصا للعقل العربي خصوصا والعقل الاسلامي على وجه العموم مثل شراك الاصياد التي تحاك للكائنات غير العاقلة.