ما دعاني لكتابة هذا المقال أنني سألت مجموعة من الطلاب من الصف السادس ابتدائي الى الصف الثالث متوسط و في مدارس متعددة عن تعريف أهل السنة و الجماعة و ذكر أمثلة لهم ، ما يفرح أنهم ذكروا التعريف و استطاعوا أن يذكروا أمثلة لمن يعرفوهم من الصحابة، المحزن أن الغالبية العظمى منهم سكتوا عندما سألتهم هل ما زال بيننا احد من أهل السنة و الجماعة!. و المفجع أن بعضهم أجاب بالنفي! والتساؤل :هل يستطيع المتعلم لدينا تطبيق ما تعلمه من معارف و مهارات في مواقف جديدة؟ العقل الحدسي هو ما يتشكل لدى الانسان منذ نعومة أظفاره من جمل و مفاهيم و رؤى حدسية عن العالم الطبيعي و العالم الاجتماعي من خلال ما يمر به من تجارب و خبرات و آراء من حوله ؛ و هذه الرؤية لا تتطابق بطبيعة الحال مع الرؤية العلمية الدقيقة و الرصينة التي شكلها المتعلمون عبر سنوات من الدراسة و التحصيل المعرفي داخل المدارس و هو ما نسميه ( العقل المدرسي). لو فرضنا أننا أخذنا مجموعة من خريجي المدارس الثانوية لدينا و مجموعة أخرى ممن لم ينالوا الا نزرا يسيرا من التعليم أو لم يدخلوا المدرسة أصلا و كانت الأعمار متقاربة ، و وضعنا أمام المجموعتين مشاكل حياتية أو تحديات اقتصادية او اجتماعية تحتاج لحلول منطقية ،و طلبنا من المجموعتين اقتراح حلول لها كل مجموعة على حدة و عملنا مقارنة للحلول ؛ فإذا كانت النتيجة أن الحلول المقترحة متقاربة أو لا فرق بينها فمعنى ذلك أن المدارس لم تقم بالعمل المنوط بها و لم تضف شيئا للعقل الحدسي نظرا لعدم امتلاكها لأساليب تعليمية فعالة ،و ما زالت تعتمد على أساليب تلقينية بعيدة كل البعد عن سياق الحياة الحقيقي و لا تخاطب اهتمامات التلاميذ الحقيقية . و لهذا أصبح الجو المدرسي مملا دون مغزى جاذب و الحياة فيها مصطنعة فاترة ؛ و التلاميذ فقط يحفظون المعلومات و لا يتعلمون مهارات تطبيقها في واقع الحياة اليومي مما ينم عن قصةر تعليمي في المناهج أو أساليب التدريس ،و النتيجة أن الخريجون لدينا ما زالوا يرتكنون في مواجهة المشكلات الحياتية على عقلهم الحدسي و بدلا أن يتلاشى هذا العقل و يتبدد عن دخول المدرسة فإنه يبقى في عقلهم الباطن و لم يستطع العقل المدرسي أن يزاحمه فضلا عن أن يتفوق عليه. إضاءة: تقول سوزان لافوليت: "ما سيكونه أطفالنا هو ما سيكونه مجتمعنا".