أكْثَرْنا من منشورات الدَّّم والذَّم ، الخيانة ، و العمالة ؛ وسُطِّرَت مقالات ، ونُشِرَت روابط أخبار ، وتحليلات .. بغالبيتها لإظهار تعاطف بحسب ما نخمّن ، فمن الطبيعي أن نقف مع المظلوم و الضعيف بعتاده ، القويَّ بإيمانه ، مع الأبرياء العُزَّل في كل مكان تِعُجَّ في الصراعات ، والحروب ، والعدوان ، لكن لا أحد يستطيع الجزم بحقيقة ما يجري وما دوافعه سوى من بيدهم الأمر والنَّهي ،وآخرها عمَّا يجري الآن في غزَّة . وفي حين نتعاطف وبقلوب صادقة ونوايا حسنة إن شاء الله ، إلا أننا للأسف وجدنا من يصرّح ومن يلمّح ويغمز من قناة خبيثة لقادتنا بالرغم ما قدموه ويقدموه ، ولا نلوم بطبيعة الحال من ليسوا من مواطنينا ، مع أنهم إخوةٌ لنا في الدين ، وتربطنا بهم علاقة الدم واللغة ، وليسوا ملزمين بالثناء على مواقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود ، نحو قضايا الأُمَّة العربية والاسلامية ، و الكثير منهم منصف ، لكن ما يحز في النَّفس أن من مواطنينا وهم شرذمة تتماهى مع الاتجاه المعاكس ، وتقيس كل شيء على موقف دولة وقيادة مع أكبر وأعرق دولة عربية ، مع أنها لم تبخل ولم تتخلى عن أي دولة عربيَّة في ملماتها ، لكن تبقة خصوصية ( الكبار ) لها ثقل لمصلحة الأمة العربية . ومن يشككون ويلمحون بمؤامرة وخيانة لدول عربية بما يجري في غزة من عدوان ، لو تم إحصاء تقريعهم وشتمهم لإسرائيل المعتديّة لم تكن لتأتي النتيجة 1% من تحميلهم المسؤولية لحاضنة العرب وكنانة الله في أرضه (مصر) ورئيسها الرئيس عبد الفتاح السيسي ومن يدعمه بالخليج طبعا نعرف من يقصدون ، - السعودية والامارات، و من الغباء استشهادهم بمظاهرة اسرائيلية ما كان لها أن تذم نتنياهو وتمجد السيسي ، إلا ليقينها بأنها تتناغم مع ما يردده المأزومون الذين تقمصوا بالتدين وتدثروا بزعمهم بقول الحق ، وهم والغون بالباطل ، حين يقولون السيسي عدوٌ لأهل غزة ومبادرته لا يمكن قبولها ، يقولون ذلك قياسا منهم على تلبيته لمطالبة غالبية الشعب المصري وفقا لما يمتلكه من معلومات عما يُرسم لمصر من خطط خبيثة ، فأجهضها في الوقت المناسب ومن خلفه 30 مليونا على ما لمسوه من تخبط وسوء إدارة وقد شهد أحد كتابهم بجريدة " الحرية والعدالة " أن الاخوان اساؤوا إدارة الحكم والدولة ". نلفت هنا أن الأعرف الديبلوماسية والتقاليد كانت منذ الأزل أن علاقات الدول لا تتأثر بذهاب نظام أو رئيس فالعلاقات تصب أولا وأخيرا بمصلحة الشعوب ، فالدعم ينال خيره الشعوب لأمورهم الحياتية ، من تأمين الخدمات واستمرار سير أجهزة الدولة لحفظ الأمن والاستقرار وتوفير متطلبات المعيشة ولو بالحد الأدنى ، بينما أولئك يريدون أن تقطع أواصر العلاقات بين الشعوب مع ذهاب نظام الاخوان . وألوم شرذمة ممن ينتسبون إلى "وطني" يمتدحون من يسيء لوطنهم ، ومثالا ، يمتدحون قطر ، وتركيا كونهما قاطعا أكبر دولة عربية حزنا على ذهاب نظام كان لقادتهما دور العراب مع أميركا وإسرائيل وإيران لاختطاف مصر أثناء حكم الاخوان عن ضمير أمتها العربية ، فضُرب المخطط في مقتل . أما من أدمنوا الاصطياد في المياه العكرة ،والنفح في نار الفتنة فهم كمن ينفخ في قربة مخرومة ، فإنما يتاجرون بدماء أطفال ونساء وعُزَّل بغزة "هاشم" كي يتباهوا بأن من يعتقدون أنهم هم غزة وهم فلسطين والبقية عملاء وخونة ،فطفقوا يشنُّن حملة هوجاء ضد رموز فلسطينية ورئيس دولة فلسطين ، وشككوا بالمبادرة المصرية فور إعلانها مع أنها تدعو لوقف اطلاق النار وتوقف نزيف الدم في وقت بلغ فيه عدد الشهداء أقل من 100 على الأكثر ؛ وكنت كتبت مقالا بعد دخول قطر وتركيا على الخط ، بأنه لا وقف للقتال ولا هدنة مؤقتة أو دائمة إلا بتدخل مصر ، وفتح المعابر . وها هي حماس أرسلت وفدها اليوم لتسليم مقترحاتها وموافقتها المبدئية على المبادرة المصرية وبدل أن تكون حماس هي الجهة المفاوضة غير المباشرة مع إسرائيل ستتمثل ضمن وفد يمثل الحكومة التوافقية الفلسطينية واختار أعضاءها الرئيس محمود عباس من (حماس وفتح ) في حين برز المرجفون والمُخّونون لأمر ما ليس خافياً لينفثوا سموم غيظهم ؛ أن يكون الرئيس السيسي هو من يفد إليه أتباع جماعتهم ، وتغلي بطونهم ناراً أن فشلت قطر وتركيا للقيام بدور ليسا مؤهلين له ، وحانقون على السعودية لأنها من ساندت تلك المبادرة كي تحقن الدماء البريئة أولا ، وها هي حماس انتظرت حتى يستشهد أكثر من 1600 شهيد بنيران العدو الصهيوني مقابل 65 جنديا ، إذن ما دام وقف اطلاق النار هو ما يجب أن يتم ،فلم الرفض ومن وراءه ، وهل ستحقق حماس مطالبها التي رفضت على أساسها المبادرة المصرية التي عادت وقبلتها ؟ ومن الطبيعي أن تفتح المعابر وخاصة بين مصر وفلسطين ، وللأسف اختزلنا فلسطين في " غزة " وهل ستقبل حماس ما طالبت به مصر بأن من يدير المعابر مع مصر من الرئاسة الفلسطينية خاصة وأن فصيلي فتح وحماس وهما أكبر فصيلين فلسطينيين قبلوا بالحكومة التوافقية الحالية برئاسة الرئيس محمود عباس ( أبو مازن) والذي يعلم قبل غيره أن إسرائيل فشلت في التأثير على التوافق بين غزة والضفة الغربية بالرغم من أن الهدف من العدوان هو اسقاط حكومة التوافق ، وهذا برز من تصريح نتنياهو عشية إصدار أومره لدخول قواته لأطراف غزة حيث قال : لا نسعى لإسقاط حكم حماس ، وهذا ما تم رصده على الأرض أن العدد الأكبر من الشهداء وفقا للأمم المتحدة 20% من الأطفال و40% من النساء والبقية من الشهداء هم من المدنيين ، فيما قصفوا منزل هنية بعد علمهم أنه ليس متواجدا فيه . أعود لأؤكد ألاَّ غير مصر قادرة على استضافة المفاوضات لوقف إطلاق النار ، والعالم كله لا يجد سوى مصر؛ عدا بعض الشراذم الذين لهم قياساتهم وحساباتهم بحسبانهم أن تفشل المبادرة المصرية بالرغم من تماهيههم مع سعي قطر وتركيا الحثيث ومعهما أوباما من وراء الستار ، فيما يموّه بوزير خارجيته ليدعم المبادرة المصرية ويتواصل مع صفرين على الشمال لمعرفته بولعهما لخطف الدور المصري وهذا ما اعترف به خالد مشعل بأن جون كيري هو من اتصل بقطر وتركيا لتتوسط لدى حماس . فليعلم أولئك بأن الأصيلين لا يهمهم غوغائية الأوباش وضعاف النفوس ، ولا يفت في عضدهم من يرغي ويزبد متهما أكبر قائدين عربيين لأكبر دولتين موثَّرَيْن في العالم السعودية ومصر ، والذين أصبحوا يوم أول أمس في خيبة من أمرهم من كلمة خادم الحرمين الشريفين ، فما كان بوسعهم سوى كلمات ممجوجة معلبة سمجة لا طعم لها مستبعدين أن تتوقف الحرب على غزة ، يصرّحون ويلمّحون ويغمزون وقد جُن جنونهم حين فرض الرئيس السيسي ألا احد قلبه على فلسطين وأقرب إليها وخبير بأوضاعها كمصر ، وليعلوا أن فلسطين ليست غزة فقط ، وفي غزة ما يقارب ثلاثة ملايين ليسوا كلهم إخوان ، والمعابر تربط بين دولة مصر ودولة فلسطين وليس فقط غزَّة ، هذا هو منطق الحق . وما أتمناه ويتمناه كل عربي ومسلم شريف من حسني النيات وليسوا مأزمين بعقد أنانية أن تتوجه الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي برسالة للعالم على ضوء ما يقوله كبار القادة الفلسطينيون الوطنيون حيث قال اللواء جبريل الرجوب : " أنه من المستحيل ألا تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة ، وألا سبيل لإسرائيل إلا وقف القتال رفع الحصار وثالثا خطة مارشال لإعادة إعمار غزّة ، وانهاء الاختلال مع الاستيطان واستئصال الجرثومة التي تسمى إسرائيل وأن تقبل بالمبادرة العربية للسلام وإذا لم تقبل إسرائيل فهي وحدها تعلم أنه لم تستطع بأربعة فرق أن تنتصر في غزة , وأنهم ليسوا بوارد تهدئة فقط بل حل جذري للقضية الفلسطينية وبوحدة موقف عربي واسلامي وبصوت عالٍ ، وأن تفهم أميركا وهي الضامنة لأي اتفاق ألا حل ولا أمن ولا سلام بدون الدولة الفلسطينية , وللأسف فما يقوله المرجفون عن أبو مازن وكافة قيادات فلسطين بالضفة الغربية ، ها هو الرجوب قالها ، فماذا بعد الا تستحون .؟ 1