لم يكن يوما التطرف إلا نتاج عشق وغرام ارتبط بمن يبادله ذلك العشق ويحيه كلما مات , بعرض بطولات المتطرفين , وتحفيزه على البقاء بالتحريض أو توفير البيئة المناسبة له , أو اظهار المتطرف في صورة غير صورته الحقيقية التي يجب أن يعرفه الناس بها , فيتبدل الحذر إلى الإقتداء . فالإعلام الفردي أو المؤسساتي يلعب دورا كبيرا في ذلك , فالكثير من الإعلام اليوم أصبح يروج للأفكار المتطرفة على أنها هي الاعتدال . عندما جاء نفر من صغار الصحابة رضي الله عنهم إلحبيب صلى الله عليه وسلم يعرضون عليه اهتمامهم بالعبادة لدرجة تخرجهم من الإطار العام للبشرية , فقال أحدهم أنا لا أتزوج النساء وقال الأخر وأنا أصوم ولا أفطر وقال الثالث وأنا لا أكل اللحم ... رغم أن ظاهرها الزهد والصلاح إلا أن الحبيب صلى الله عليه وسلم أدرك خطورة ذلك الفكر , وبين منهج القدوة الصحيح والعقاب المترتب على المخالفة , ليكون رادعا لهم ولكل من سار على ذلك النهج فقال (لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) كذلك في الجانب الأخر عندما جاءه من يريد أن يبيح له الزنا , فبادر الحبيب صلى الله عليه وسلم بتوضيح الحق له بوضع تلك المقارنة التي تحرك جانب الإيمان الفطري لديه , وربطه بمجتمعه الذي يعيش فيه . في الحالتين نجد أن الحبيب صلى الله عليه وسلم لم يؤخر البيان عن وقت الحاجة , خوفا من انتشار الفكر المتطرف , بينما نجده في مواضع أخرى في العبادات أخرها مراعيا الظروف المحيطة به , والمصلحة العامة , كتأخيرة للحج بعد فرضه , وتأخيره لصلاة العصر بعد معركة الخندق , على اختلاف الأقوال فيها .... . فالتطرف عشق كلما تمكن من صاحبه أصبح علاجه أكثر صعوبة .