جازان على مر الزمان , أعني جازان المدينة , اهاليها ومعهم أهالي فرسان , لهم كما لتربتهم نصيب قدري ألا يكونوا مزارعين , فعوضهم الله ببحر منه يسترزقون منذ الأزل , قبل أن تكون هنالك مهن متاحة لهم سوى مهنة الصيد , منه يشيدون بيوتا , ويطعمون أطفالا , ويوفرون لسائر المنطقة لحما طريا , بجهدهم وعرقهم , تعصف بهم الأنواء و ويصارعون أعتى الأمواج , ويستوصون باسرهم الحي الذي لا يموت , ويستقلون مركبهم يجدفون بايديهم , ويمخرون عباب بحر لجي ليصلوا حيث افخر أنواع الاسماك واحبه لاهالي المنطقة و يحققون اكتفاءً ذاتيا لإعالة اسرهم , ويكفون مواطنيهم مؤونة الظفر بما يعمر موائدهم وباسعار تناسب دخولهم .. كان ذلك ماضيا . ومع تفاقم نهم الموسرين , والنافذين , وفد أقوام لم يكفهم التهام أراضٍ ابتاعوها "برخص التراب" من أناس "غلابى " بإيعاز من مسؤولين من "جماعتهم " , فانقضوا كالجراد من عوائد مجزية وتعويضات صبت في محافظهم من مناطق سعر المتر من الأراضي فيها اضعاف سعره في جازان , فجازوا الكثير منها , وعوضوا عن اراض منها شقت فيها طرق أو شيدت فيه مشاريع حكومية , كان هذا خارج مدينة جيزان . جاء الدور على الصيادين , فمنحت التراخيص بسرعة البرق ليصبح كثيرٌ من القادمين من خارج المنطقة , وتنهال التصاريح بيسر وسهولة , وبامكانياتهم المادية , اصبحوا اسياد البحر , ينافسون شركة الاسماك التي غاب وهجها واضمحل شأنها مع أولئك الأباطرة , يدكون الشعب المرجانية ويستنزفون بشباك ضخمة ومراكب مجهزة للإبحار بساعات , فيما يقضي اصحاب المراكب البدائية من صيادي جيزان أياما وليال , وبالأخير يعودون بالفتات , مما اضطرهم لجلب أسماك من الشقيقة اليمن , فما يستنزفه أولئك الذين اضحوا بين عشية وضحاها أسياد البحر يصدرونه لحارج المنقة في برادات ضخمة . يقول أحد المسؤولين أن صيادي جيزان اشتكوا على مدير عام مديرية الزراعة بمنطقة جيزان - الممدد له بعد تقاعده , مع العلم أن من ابناء المنطقة كفاءات متخصصة - لكن دون جدوى , اشتكوا على وزارة الزراعة , فلم يجدوا آذانا صاغية , على الرغم من تضررهم البيّن من منافسة غير متكافئة مع أولئك النافذين , والذين لهم من يسندهم . ومن المحير أن وجهاء مدينة جيزان صامتون عن الدفاع عن أولئك الصيادين , الذين أضحوا يقاسون الأمرين بين أباطرة بحر يبعون ما جمعوة بشباكهم العملاقة للوافدين من الجنسية البنغالية والهندية , وبين مسؤولين بالزراعة لا يلقون لهم بالا , ومع هذا اسعار الأسماك تتضاعف يوما بعد يوم دون هوادة , فلم يقدموا شيئا سوى تضخم جيوبهم المتخمة , والافتئات على مصدر رزق شريجة كبيرة من الصيادين البسطاء من صيادي جيزانالمدينة , وفرسان , الجزر , الذين اضحوا يضربون كفا بكف , وكثيرون منهم انسحب بصمت , بعد أن يئسوا من الانصاف . لذلك أتمنى على وزارة لزراعة حصر تراخيص الصيد على أهل مدينة جيزان وممن توارثوا مهنة الصيد أبا عن جد , فهم الأحق ليس تعصبا ولكنه واقع ومستحق , أما أن يأتي أحد من مناطق أخرى مليئون لا لهم بالصيد ولا بشؤونه , فأمامهم فرصا استثمارية واعدة ليس من بينها استنزاف بحر وحرمان من لا رزق لهم إلا منه . نظرة حانية إلى حال صيادي جيزان كما عهدناك ياسمو أمير جازان . ..