منما يحيّر اللبيب أن يقول وزير التربية أن مستوى التعليم في انحدار , ومديرو التعليم ومشرفون تربويون ممن قابلتهم ,ومديرو مدارس ومعلمون التقيهم صباح مساء , ونقرأ كثيرا عن احباطات متتالية , واصبح الجميع مجمعين على أن وضع التعليم العام لايسر , ومع كل هذا لايزال الاصرار إبل الافتتان بالرتوش و أهملوا الطالب واكتفوا بالفلاشات والحفلات , فأيّ مدخل تعليمي أو برنامج تربوي أو إحياء مناسبة , أو تدشين مرفق , أو أي حفلة من الاحتفالات التي أصبحت أكثر من الحصص اليومية المنفذة تلقائيا بأي مدرسة لا يؤدي إلى مخرج يضاهي فيه الطالب السعودي نظيره الذي يتحدث ويعبر عن رأيه بتلقائية لا أقول حصر بضعة طلاب من كل إدارة تعليمية بما يسمى موهوبين , أو عُشر من مائة % متفوقين , فتلك البرامج والدورات واللقاءات وما يسمى بالجودة , والتقويم التحصيلي والدراسي , ومشرف منسق , كلها مجرد تحميل قطاع كبير من المعلمين بجدول يومي مرهق من الحصص وتحويل نماذج من المعلمين موهوبين بالفطرة وليسوا نتاج مدخلات في كليات التربية أو كليات المعلمين , بعضهم لم يمضٍ عليه بالتعليم خمس سنوات , وأنيطت بهم مهام لم تحدث أي نقلة نوعية لطلاب المدارس بل طالت من هم ليسوا بحاجة لمن لم يكتسبوا بعد أي خبرات طويلة ليمارسوا مهنا لا ترتبط بمهنة التعليم الرئيسية , فهذا منسق جودة , وهذا مرشد طلابي , وهذا منسق فصول أولية وهذا اختير مشرفا تربويا لعلاقته بمشرف أو زميلا له كان بسني دراسته , كونه مميزا بمادته فحرموا منه طلابه ومدرسته , طبعا سيقبل لعدة عوامل أولها الانعتاق من ‘إشكالية سلبية مردها استقواء كثير الطلاب على غالبية المعلمين من حيث لا أمان وظيفيا بظل لائحة قزّمت معلم , وفرعنت طالب . ويحضرني موقف أستشهد به للتاريخ , اصطحبنا مدير تعليم صبيا الأسبق الأستاذ كرامة الأحمر , التربوي اللامع , والإداري الناجح , والانسان الانسان , لمدير مجمع مدارس - بقطاع صبيا , تضم المدرسة على " فصول لذوي الاحتياجات الخاصة , ابتدائية , متوسطة, وثانوية , كانت الزيارة بغرض الإستفادة من برنامج حاسوبي صممه مدير المدرسة يحصي كل شاردة وواردة عن المعلم وكل ما يتعلق به بدءا من توقيعه للحضور الصباحي إلى توقيع الانصراف ,مرورا بزيارات المدير للمعلمين , ومتابعته لسير اليوم الدراسي , وجزء خاص بالطلاب , والعمال , والمستخدمين , والمبنى , وكل محاور المنهج المدرسي , وبعد أن أنهى عرض البرنامج وشرح جزئياته , اختتم أن المدرسة كرمت 60 طالبا من جميع المراحل لتفوقهم الدراسي , ثم فتح المجال للنقاش , فالتقطت آخر ما ورد بحديثه وعقبت قائلاً: " البرنامج جميل ومريح وتشكر على حهودك , لكن أنت ذكرت أن بالمدرسة ما يفوق 600 طالب , والمتميزين 60 طالب , وسألته بالعام الماضي , قال : تقريبا نفس النسبة مع زيادة طفيفة عن العام الحالي , فعقبت عليه إذن لم ينجم عن البرنامج تحقيق الهدف الأساس وهو رفع مستوى الطلاب , وما دام لم يحقق ذلك فبرأيي أن جهدا ووقتا بذلا في تصميم البرنامج واستخدامه لم يواكبه مخرجات جيّدة , إذن أعتقد أن عليك أن تعيد النظر , وقبلها لو قيّمته من هذا المنظور لا أعتقد أن تعود لاستخدامه . وفي غياب لتحديث وسائل تعلم تواكب العصر وتحقق مخرجات أفضل مما هو عليه , كأن يجد الطالب على مكتبه لا مقعدة العتيق وطاولته الكئيبة , جهاز كومبيوتر مرتبط بخادم رئيس لدى معلمه . ويجد ب مسرحا , ومسبحا, لا كما هو جار حاليا قاعة مصادر تعلم بجهاز د اتشوب واحد وقارئ واحد , والمتغير الوحيد البارز منذ أسس التعليم النظامي , استخدام قلم السبورة عوضا عن الطباشير , المبنى المدرسي الذي قال عنه خبير نرويجي just houses ( مجرد منزل فحسب ) ويعني بهذا بان زار مدارس المملكة " مدارس الرياض , كأنموذج , بوزارة الدكتور الرشيد , النشط الذي خسره التعليم , كان استقدمه ليقيم تجربة المملكة في التعليم العام ن ,فكان أول ما زار أفضل مدرسة مبنى وموقع وبرامج باعتباره أحد محاور المنهج المدرسي , ثم عن المعلم " ؛ زار حين ذاك كلية المعلمين بالرياض , وركز على برنامج التدريب العملي للمعلمين , واطلع على المحتوى التعليمي (المقررات ) التي تدرس في كليات المعلمين وكليات التربية. أثنى الخبير على الجانب النظري وأن المقررات لا غبار عليها , ولكنه سأل عن التدريب العملي " التطبيقي" متى يباشر الطالب التطبيق , فقيل له بالمستوى الثامن فتبسم وقال : من الطبيعي أن يكون هذا روتينيا سواء أجاد , أو لم يجد فليس من المعقول أن يرسب وقد اصبح على مشارف التخرج , وأشار بأن يكون التطبيق العملي من المستوى الثاني حتى يمكن معها اكتشاف مدى ملاءمة الطالب لأن يصبح معلماً , بل أن الطالب نفسه سيكتشف بنفسه ألاَّ ميل لديه , أو أنه لا يمتلك مقومات معلم من حيث الصفات الشخصية والمهارات اللغوية والجوانب الصحية والنفسية للطالب يمكن معها تحويله لأي كلية أخرى , أما أن يدلف للتطبيق العملي بالمستوى الثامن فمن الظلم أن يقال له لم تجتز التدريب ! , وتندر الخبير بقوله : وأجزم ألا متدرب يقيَّم تقييما حقيقيا , بل مجرد مرحلة لا بد أن تحتسب له ساعاتها ونجاحه مضمون , ولا ذنب له في ذلك ومن الظلم رسوبه , لكن من سيُظلَم بالمستقبل هم أجيال قادمة . إذن من الظلم أن يُلام المعلمون تعميما , بل هم نتاج برامج تطبيقية عشوائية , بل وبإصرار من القائمين على التخطيط التربوي أن تجاهلوا تلك التوصيات للخبير النرويجي الذي تجاوز عمره ثمانية عقود , وبالفعل بعد سنوات جاءت الصاعقة بأن جاء ترتيب تعليمنا بذيل القائمة , أعلم أن أحدهم سينبري ويقول طلابنا فازوا على طلاب من دول متقدمة بمنافسات في الكيمياء والرياضيات والفيزياء والابتكارات والأنشطة الطلابية , اقول لهم : هؤلاء بعدد أصابع اليد الواحدة أو لنقل ألفا من الطلاب على مدى عشر سنوات , فهؤلاء مهاراتهم فطرية أو لديهم ملكات خارقة لا يمكن أن نقيس بهم مستوى تعليمنا بل هم يمثلون فئة , كما نقطة حبر في بحر, وتذبل الصرخات , في وادٍ لا صدى يوصل.