عاش العرب في الجاهلية حياة بلا هدف مع كل صفاتهم الحميدة من كرم وفروسية وشجاعة وتجاره وذكاء بل ودهاء وفصاحة لسان ومع كل هذا كانوا يشربون الخمر ويزنون وبلا سبب يتقاتلون وأصنام يعبدون حتى جاء الإسلام مصححا لمسار حياتهم , موضحا لهم الهدف من الحياة فاهتم بالإنسان وتنميته قبل أن يهتم بتنمية المكان , فأخرجهم من عادتهم القبيحة , وتمم لهم مكارم الأخلاق , ووضع لهم أسس الحياة الصحيحة ليحيوا لهدف عظيم , ووعدهم على لسان خير الخلق بان تفتح لهم الأرض إن هم امنوا وطبقوا الإسلام الحقيقي , فارقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لجوار ربه , و المسلمون في المدينة لكن أرواحهم تعانق السماء سموا وعلو همم ,فاستمروا على نهجه ,فحقق الله لهم انتصارات عظيمه , ففتحوا بلدانا كانت قبل أن من علي أهلها بالاسلام تركز اهتمامها على تنمية المكان واستعبدت الانسان , فأعز الله ذلك الإنسان بالاسلام فآمن وجعل كل ما في الكون يعمل من اجل تحقيق هدفه العظيم , متمسكا بنظام راقٍ في التعامل مع الذات , ومع الآخرين وحتى مع الحيوان ففتح الله لهم الأرض ووصلت رسالتهم للقلوب والعقول قبل أن تصل لفتح البلاد. فما أن يصل المسلمون إلى بلاد إلا وقد سبقهم ذكرهم الحسن , المتمثل في منهج حياتهم والتزامهم بتنمية أنفسهم وحسن معاملتهم الآخرين , وإعطاء الفقير حقه من الغني , وإعطاء الضعيف حقه من القوي وحفظ الروح والعرض والمال , ووفق قيم تتمثل في إخراج العباد من ذل التبعية والهوان إلى عبادة الله الواحد الديّان .لأفضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ولأفضل لغني على فقير بل , للفقير حق في مال الغني يدفعه وإلا أخرجها عن غير رضاه وحورب من أجل أن يؤديها كما فرضها الله عليه , فشعائر وأحكام الإسلام رسخها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في حرب المرتدين . في هذا العصر لو تأملت حال بلاد المسلمين ستجدها تتفوق على غيرها من حيث الموارد الطبيعية ,أما من حيث العقول فمن يتهمونهم بالكسل والغباء في بلدانهم ويساهمون بصناعة المجد والحضارة في بلاد الغرب , الفرق أنهم آخذو تعاليم ديننا سلوكا والالتزام واحترام للوقت وإعطاء كل ذي حق حقه , والقيام بأدوارهم في الحياة واحترام الآخرين وتقدير المسؤولية وحقوق الأقليات وحقوق الإنسان والحيوان , وجعلوا من تنظيم الإسلام لحياة الفرد والمجتمع أساسا لحضارتهم حتى صرنا نحن أبناء الإسلام نعجب من عظيم صنيعهم ونبل أخلاقهم وإصرارهم على بلوغ أهدافهم , بل ونتعلم منهم أساليب ومهارات النجاح في الحياة , بينما يكتفي المسلمون بالقول للغرب هذه الحضارة لديكم واحترام العمل والوقت اتت إليكم ووصلتم إليها بعدنا وسبقناكم بها قبل 1400 سنة . نقول لهم نعم ولكن الفرق أنهم طبقوه منه ما يخص تنظيم أمور حياتهم , بينما ابتعدنا عن هذا الجانب , وليس ثمة حل إلى بالعودة لديننا الحق ليكون عبادة في المساجد ومنهج حياة نعيشه واقعا في مؤسساتنا ,ونعلمه بأسلوب جديد يتلاءم مع العصر دون المساس بثوابته , بل بترسيخ قيمه وتطبيقه بسلوكياتنا ؛ عبر مدارسنا , جامعتنا ومنابر الجمعه , ووسائل الإعلام ليكون منهج حياة نعيشه ونربي ألأجيال عليه بصدق لامجرد كلمات نرددها , أليست هذه هي البداية الحقيقية التي ينبغي أن نبدأها بها خاصة ونحن نتخبط في فساد يدمر البلاد , بينما نصر على تنمية المكان , ونتناسى الإنسان وهو الأساس الأول من أسس بناء المجتمع الإسلامي , وبرقيه سنرتقي في صناعتنا وحضارتنا وقوتنا ونتجاوز به من سبقنا .