تركت قريتي الصغيرة صغيرا وذهبت إلى المدينة مع اقتراب أيام الاختبارات حتى أكون قريبا من موقعها ولئلا يحول بعد المسافة وندرة السيارة من أدائها ؛ لم يكن هذا القرار صادرا مني فقط فقد أقنعني بعض بسطاء القرية أمثالي أن نذهب إلى المدينة لتغيير الجو من جهة وبسبب الاختبار من جهة ثانية. أخذت كتبي وأشياء البدوي البسيطة وقلب أمي التي كنت أؤنس وحدتها وغادرت على متن جيب شراع إلى الطلعة وكنا نسميها الطلعة لارتفاع مستواها عن الأرض ولأنها تجمع أشتات القرى لحملهم إلى المدينة ، وفي الطلعة كان موعدنا مع سيارة صغيرة لأن الإسفلت موجود ولاداعي للتعشيق وسيارات الدفع الرباعي وفي جازان سكنا في بيت للقاضي أحمد البسام يرحمه الله بمبلغ زهيد لا أتذكره . بدأ الاختبار وكل شيء على مايرام تعلمنا في العزوبية الطبخ والتسوق في المدينة الصغيرة وشراء الحلبة من بكيرة أشهر بائع حلبة مر على المنطقة . وذات ليلة قال لي الزملاء دعونا نذهب الليلة إلى قهوة المطلع المشهورة بقهوتها وبراريدها وشايها الأسود وجراك شيشة باعشن وكنت وصديقا آخر أكثر المغتربين وداعة وهدوءا وأجساما ولم نعتد كأقراننا الآخرين على الذهاب من أجل شيشة وبراد شاي فأقنعنا بالذهاب وعندما دخلنا القهوة كان الجو مشجعا ليلا على أصوات وسناريو البيع وتوزيع الشيش والبراريد ، وبكل كبرياء طلب زميلي حجرا من جراك "باعشن " وبدأنا الشفط بافواه صغيرة وأنفاس اعتادت على الذهاب إلى معامل "وادي ضمد " وبطحاء "وادي جازان " حيث رائحة السُكَب والأثل والمراعي الخضراء ، لم يدم شفطنا طويلا فمع أول نفس شعر زميلي بالدوار أما أنا فلم تكن مناعتي أفضل من صديقي فأصابني دوار وقيء شديد تقطعت منه أمعائي , وغادرنا القهوة إلى حيث نسكن وبت ليلتي أتألم وكأن سكاكينا تقطع أحشائي وذهبت أؤدي الاختبار دون مراجعة تلك الليلة بسبب الجراك الشهير . وكان عهدا علي أن أقاطع كل خبيث ونتن ولا ألقي له بالا وإن وسم بدعاية وإعلان نتن أيضا وفعل زميلي هذا أيضا . أسوق هذه الرواية الحقيقية لأتيح من خلال هذه التجربة ألا نتقبل نصيحة من رؤوس الشيشة التي تنضح بالنتن وإن كانت تحمل أسمى المسميات. 1