في الوقت الذي تكالبت فيه على شعبنا قوى كثيرة لكل منها أهدافها وأجندتها وأسلوبها الخاص بإدارة العلاقات أو الأزمة مع قضيتنا الفلسطينية ، وكان من أخطرها الصهيونية الإرهابية التي تعمل وبكل طاقاتها وأساليبها الشيطانية على إلغاء وجودنا وحقنا وحلمنا بالدولة وحتى مسعاها لشطب قضيتنا ونضالنا من ذاكرتنا وحاضرنا ومستقبلنا ، ومحاولتها الدءوبة لإخراج شعبنا وقضيته العادلة من الذاكرة الدولية وتاريخ الشعوب ، ومحاولتها الهستيرية لإلغاء مسمى دولة فلسطين من المعادلة والأسرة الدولية ومن الخارطة الجيوسياسية ، خرج من بين صفوف شعبنا قيادات وطنية آمنت بالفكر الفلسطيني المستقل وبالهوية الفلسطينية الوطنية الخالصة هدفا لتحقيق الاستقلال لفلسطين والحرية لشعبنا ، وبكل أساليب النضال والمقاومة المعروفة والمضمونة والمعترف بها وسيلة لتحقيق حقوقنا المسلوبة ، فعملت بصدق لإبراز الهوية الفلسطينية بعد أن كادت لتندثر بفعل التشابكات والإرهاصات والخلافات والمؤامرات الدولية ، دون أن يتعارض ذلك مع الخصوصيات الداخلية للدول المضيفة والنصيرة لشعبنا وقضيتنا العادلة ، خاصة العربية الشقيقة التي هي على تماس مباشر بفلسطين أرضا وتاريخا وشعبا ، وبتشابك إيجابي بالمصير والهوية . فمواقف الأصدقاء والأخوة والأشقاء وعلاقتهم بالقضية الفلسطينية إيجابا أم سلبا حددتها ونظمتها خصوصياتهم ومدى التصاقهم بالقضية والأرض الفلسطينية ، وحددتها مواقفهم الوطنية والقومية التي طبقوها ممارسات ومواقف لا شعارات وخطب ورنين ، فمن أهم وأرقى وأصدق المواقف المتميزة التي مبعثها الحس الوطني القومي والبعد الشرعي الإسلامي النصير لقضيتنا الفلسطينية العادلة ، هو موقف الأخوة والأهل والأحبة في الأردن الذي كان وما زال مبعث فخر واعتزاز وشكر عند كل أبناء شعبنا الوفي لأصدقائه ، وعند قيادتنا المؤمنة بالعمل والتنسيق العربي المشترك . حقا أن الرئيس أبو مازن هو رئيس دولة فلسطين العربية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس وهو الضمانة الحقيقية للقضية ووحدة شعبنا قد عبر بنجاح قل نظيره عن هموم وطموحات شعبه بنجاح باهر سجله له الأعداء قبل الأصدقاء ، فكان صوته الأعلى ، وقلبه النابض الأقوى ، وحسه الحي الذي لا يموت ، وضميره ووعيه القوي المطالب بوضوح ودون لبس من الأسرة الدولية بحتمية اعتراف المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة بدولة فلسطين الحرة المستقلة بعاصمتها الأبدية القدس الشريف ، والاعتراف الكامل والواضح بحقوقه كافة غير منقوصة توافقا مع القرارات الدولية ذات الصلة ، وأن تجبر إسرائيل على احترام العهود والمواثيق الدولية واتفاقيات السلام والتفاهمات ذات الصلة الموقعة بين الطرفين بشهادة العالم ، وهو المسعى والمطلب الشرعي والقانوني الذي تحاول إسرائيل إلغائه من أجل توسعها ومسعاها غير القانوني وغير الشرعي وغير الأخلاقي والمتمثل بيهودية الدولة ، فالرئيس القائد هو خير من مثل قضيتنا خير تمثيل سواء من خلال حراكه واتصالاته مع الدول المعنية أو المتعاطفة معنا أو القريبة من إسرائيل ، أو مع المجموعات والمنظمات الدولية ذات التأثير القوي على مجمل وخط الصراع الدولي . فمن خلاله خطابة الهام القومي الأخير حدد الرئيس مطالب وحقوق شعبه بنقاط لا تقبل التسويف أو التعديل أو التجريح ، وبأولوياتها حق شعبنا الفلسطيني بدولته الحرة المستقلة بحدودها الدائمة وعاصمتها القدس ، ورفضه المطلق للمشروع الذي يحاول البعض تمريره ( دولة هلامية دون عاصمة وذات حدود مؤقتة ) ، فالمقصد القانوني من خلال مطالبة فخامة الرئيس الجمعية العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول عضوية دولة فلسطين ، تثبت عبقريته ورشد إدارته وهو نقل الدولة الفلسطينية من أراض وحقوق متنازع عليها إلى أراضي دولة تحت الاحتلال معترف بها وبحقوق شعبنا وتحقيقها ، وهو المقصد والمغزى الذي علمته إسرائيل وتعمل بكل جهدها لمنع مسعاه ، وترجمه هجوم وزير خارجيتها غير المتزن والمتوازن إفيغدور ليبرمان على شخص ومواقف سيادة الرئيس وتهديده إياه ووعيده ، وهي المواقف والتهديدات والتخبطات الإسرائيلية التي ستسقط تحت إصرار شعبنا على حقوقه ووقوفه الثابت والقوي خلف قيادتنا المؤمنة الرشيدة . أما الذي أفرح وأسعد شعبنا وأثلج صدورهم وقوى من عزيمتهم وصلابتهم وتحديهم فهي مواقف جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم الوطنية والقومية الواضحة والتي لا لبس فيها ، والذي يصول ويجول بالعالم وهمه الهم الفلسطيني ، ومسعاه الصادق الصدوق تحقيق الحق الفلسطيني وبخاصة حق شعبنا بالدولة الحرة المستقلة وتقرير المصير ، فهو ولأنه ملك القلوب ورمز الشرعية العربية والإسلامية وشريف هذه الأمة هو خير من نقل هموم وتطلعات أبناء شعبنا ونقل قضيتنا بصدق وشفافية إلى المحافل والمنظمات الدولية ، فخطاب جلالته الأخير من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي عكس تطلعات ومواقف ورؤى جلالته وحبه وإخلاصه لشعبنا وقضيتنا ، خصص جله للقضية الفلسطينية التي هي قضية الأردن والأردنيين الأولى ، وللقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لمكانتها في قلوب الهاشميين الأطهار قادة الأمة الميامين ونبراسها المضيء ، حقا يا سيدي أنت مالك قلوبنا وملك القضية ، فبارك الله بمسعاك وسدد الله إلى الخير والنجاح خطاك ، ودمتم ذخرا وسندا لأبناء شعبكم وأمتكم. * سفير فلسطين في عمَّان