منذ زمنٍ بعيد وأرض الكنانة مسرحٌ للغزوات وهدفٌ تقتضي الضرورة تدميره من أي قوة تسيطر على العالم، ولا شك أن قراءة عابرة للتاريخ تُثبت هذا وتُثبت أن مصر كانت ولا زالت الهدف الأول لإضعاف منطقة الشرق الأوسط والسيطرة عليها، ومع ذلك فقد بقيت لمصر هوية تنفرد بها وعناية من الله سبحانه وتعالى بحفظها وصون امنها وإستقرارها، وتميّز المصريون على مر التاريخ بمناعة طبيعية ضد الأمراض الإجتماعية وضد المساس بهويتهم وثقافتهم الموحدة تجاه ترابطهم، فمصرهي البلد الوحيد في العالم الذي تَغلُب فيه اعتبارات المواطنة على الاعتبارات الجغرافية أوالعرقية اوالعقائدية، وفي مصر حصرياً تندمج الأعراق والعقائد والاصول والمنابت في الموناليزا المصرية لتُظهر زينةً وزُخرفاً يزيدها جمالاً وروعة. وإستكمالاً لمسلسل الاستهداف والمؤامرة ضد مصر وأهلها، الذي كانت آخر حلقاته محاولات إفشال الثورة والإنجاز الديمقراطي العظيم الذي حققه أبناؤها، وفي ظل مرحلة الإنعاش الذي تمر به مصر لتتعافى وتعود من جديد لقيادة المنطقة، يأبى أعداؤها الإستسلام، ليوجهوا سهامهم المسمومة لقلب مصر بمحاولة خلق ظروف لضرب الوحدة الوطنية وإثارة الفتنة الطائفية من خلال الفيلم السينمائي " براءة الإسلام" الذي أنتجته وأخرجته روحٌ صهيو-غربية بأياديٍ قبطية متطرفة تستهدف بشكل مباشر المجتمع المصري ومكوّناته من خلال إثارة مشاعر الكراهية بين المسلمين والأقباط، وخلق منظومة من الفعل ورد الفعل داخل مصر، تكون أدواتها قليلي الحكمة ومتطرفي الرأي من كلا الطرفين، مراهنين بذلك على إحراج القوى الإسلامية التي تحكم مصر في هذه المرحلة. ولكنني وإنطلاقاً من إيماني العميق بأن العناية الألهية قد كفلت أمن مصر وأمانها يقول تعالى "فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ " (99) سورة يوسف. وإستناداً الى ثقتي الكبيرة بحضارة ووعي أبناء مصر فإنني على قناعة بأن هذا العيار لم يصب ولم يدوش، بل انّه يرسخ الإيمان لدى كل المصريين بوحدتهم وعظمة إنتمائهم لوطنهم وترابهم، ويؤكد من جديد بشاعة المؤامرة وخُبث النوايا المبيتة لدى اسرائيل والغرب. 1