في ليلة طغى عليها شبح الامتحان وفي أروقة الجامعة وبعد نهاية فصل من معركة الاختبار في مادة من المواد أظن دكتورها يعاني من مرض نفسي عافاه الله لماظهر لنا من طرحه في أسئلة الاختبار المعقدة التي تنبئ عن نفس لا تحمل في طياتها الرفق بل عاشت على النكد وبعد نهاية الاختبار خرجنا ومجموعة من الطلاب نرثي حالنا بعد الاختبار الذي خضنا غماره بجدية واهتمام مهما كانت صعوبتة وعدم رأفة أو رحمة من وضع اسئلته وخرجنا إلى بهو الجامعة لنتناقش عن الاختبار الذي استغرق منا ما يزيد على ساعتين ونحن (نفحط فيه ) وطال النقاش وذهب الطلاب منهم من يحمل في نفسه الكره والحقد والدعاء على ذلك الدكتور الذي شق عليهم بالأسئلة وحملهم مالم يكونوا يحتسبونه سيكون، ولم يبق إلا أنا ومعي أحد الزملاء اطلنا المراجعة فقال يا أبا سليمان نحن نستاهل (ما عقب هذا العمر دراسة ) فقلت له يا أخي أنت ابن عمك الدكتور فلان دكتور في العمادة وصاحبي هذا من ((أهل تهامة)) وبالإمكان أن تستعين به بعد الله ولو في الملخصات أو في التجاوز عن ما يستحق التجاوز عنه شرعاً ونظاماً فقال لي عبارة استوقفتني كثيراً وفكرت فيها كثيراً ورجعتني للصف السادس الابتدائي قالبعض الناس إذا صعد إلى أعلى ((يزطم على من حوله تحت رجله )) ما حنا مثل بعض الناس وسمى أهل ((منطقة)) الواحد منهم يصعد و((يشل جماعته معه)) وهذي طريقة بعض الناس لا يحب أن يرى جماعته كلهم شبعانين او متعلمين بالعكس الواحد منا ((يجفّي)) على حاجته وقد يكون دافع ذلك الحسد ما يبغى أحد يكون مثله أو أنه نقص يحس به في شخصيته ويرى أنه لايستطيع اكماله إلا بهذا التفكير أو أنها (انانيية) تجعله يمارس مثل ذلك الأمر فتفرقنا بعدها . وبدأت افكر فيما قاله وتذكرت مدرساً درسنا ونحن صغاراً في الصف السادس الابتدائي وكانت مادته تمثل شخصيته حتى أصبحت شبحاً مخيفاً بل أصبحت مستحيلاً بعيداً مناله حتى أنه ذات مرة دخل الصف وكتب لنا مسألة على السبورة وقال اريد الثلاثة الأوائل يحلونها وكنت ثالث ثلاثة خرجنا على السبورة بين الخوف والرجاء فلم نعرفها فألتفت علينا ذلك الشبح المخيف وقال أوائل على ماذا ؟ إنكم أوائل على تيوس أنتم قرنتم بين أناس (دبع) ثم قال بهذه العبارة التي لا أزال أذكرها (علي لعنة فلسوف) ما ينجح منكم أحد وكنا فيما أظن والله أعلم حوالي عشرة طلاب بالصف السادس وبالفعل أكمل في مادته ثلاثة من الزملاء أنا ثالثهم وسقط أربعة ونجح ثلاثة إن لم تخني الذاكرة وهذا الكلام قبل أكثر من عشرين عاماً وأذكر يوم كنا ندرس في دروس الشيخ ناصر قحل في منزله بأبي عريش في السيرة ذكر لنا جزءأً من سيرة حياته فقال في أول تعلمه للقران كان يدرسهم في الحلقة مدرس من جنسية عربية وقد تعمد طرده من الحلقة مراراً لأن الشيخ ناصر كان نجيباً سريع الحفظ فخشي مدرس الحلقة أن يتفوق عليه ويأخذ منصبه في التدريس. وذات مرة في نفس درس الشيخ ناصر قحل حضر إلى منزله زائراً له الشيخ محمد بن أحمد الحكمي رحمه الله الأخ الأكبر للشيخ حافظ بن احمد الحكمي وقد شارف على الثمانين من عمره تقريباً يومها وذكر لنا عن الشيخ عبد الله القرعاوي رحمه الله عجباً وكيف كان يراعي نفسيات طلابه ويرفق بهم وقد قرب الشيخ حافظ منه كثيراً لنجابة الشيخ حافظ حيث قال الشيخ محمد رحمه الله كنا نحفظ القران سوياً فكنت أحفظ في اليوم جزءاً والشيخ حافظ رحمه الله يحفظ مثلي مرتين والشاهد من هذا أن الشيخ عبدالله القرعاوي لم يخشى أن يتفوق عليه الشيخ حافظ الحكمي بل قربه وأعانه ودفع لوالديه أجرة راعياً لغنمهما وزوجه بنته ونصبه للتدريس ووووو لم يقل لا هذا بكره يتعداني ((ويطيح كرتي)) لأن القرعاوي رحمه الله كان هدفه أسمى من الدنيا ومناصبها ورتبها وحطامها بل صعد بأعماله الخيرية وأحب أن يصعد الناس معه لم يتوطاهم ويطلع وحده ففي هذه الكلمات عبر وعظات أجعلها بين أيديكم لمن شاء منكم أن يستفيد مع أني خلطت فيها بين العربية الفصحى والعامية البحته وبهذا لايقل قائل أنني أدعوا إلى تمييع الجدية في التدريس والعمل والتي امتاز بها أهل جازان ولا كذلك أدعوا إلى الحط من قدر أهل بلدي ففيهم العلماء الربانيين والدكاترة الجادين والأساتذة المتميزين والطلاب النجباء إلا أن كل واحد منا يلاحظ مثل هذه الملاحظات في حياته والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما كان الرفق في شيئ إلازانه) ولا تتنافى الجدية مع الرفق ولا يتنافى الرقي مع التواضع والرحمة ولكني أقول للجميع رفقاً ايها الناس بالناس. 1