القناعة قيمة سلوكية سامية وإيمان يرتقي بالإنسان عن نزوات الطمع فيما لا يحق له ، والقنوط سلبية وانهزامية وتقاعس عن الحلم الممكن والسعي له ، وحمد الله وشكره قيمة سلوكية ترتبط بالمؤمن في السراء والضراء والحمد لله كما ينبغي له فنعمه لا تنقطع وفضله علينا لا يقدر ، الملفت أن هناك من يخلط القيم ببعضها ويظن أن القنوط قناعة والبحث عن الأفضل عدم شكر وطمع غير مشروع . تجد ثقافة البقاء في نفس الموضع تسيطر وتتعمق في وعي المجتمع وهي ليست طارئة فقد رافقت المجتمعات البشرية وممن يهتم لنشرها من ينتفع من بقاء الوضع على ما هو عليه ومن يخشى من التطور القانط من أي وضع أفضل ، بينما يسعى للتغيير طبقات لم تنل حقوقها أو تريد الوصول لانتفاع أكثر وكذلك من يرى أن هناك إمكانية للوصول لما هو أفضل من الوضع الحالي كثير منا حين يطلب أو يتحدث عن تطوير أو ارتقاء وتغيير وضع مقيم تجد من يعارضه بأن الوضع ممتاز ويقارن بمجتمعات اقل وليس لديها نفس الإمكانات ويقول( احمد ربك وضع طيب وخلك قنوع واعتبر من هؤلاء فقد فشلت تجارب تطورهم ) الحقيقة أن مثل هذا يطلب منه أن يكون قانطاً وليس قنوعاً ، يطلب منه أن يكون فرحاً بما لديه وليس شاكراً لنعم كثيرة بإمكانها أن تُسخَّر أكثر وفي هذا شكر لمن أكرمنا بها سبحانه المجتمعات الغير متفاعلة مع الزمن تندثر ، التطور يصقل القيم السامية ويجعل المجتمع يتقدم ويتطور ويأخذ بأسباب الحياة ويعمر الأرض ، فالوضع القائم وان كان مألوفاً لابد من تطويره وتطوير تعاطي المجتمع مع الحياة ، ( الناس أعداء ما جهلوا) والقادم والتطوير الجديد دائما يجابه برفض من المنتفعين ببقاء الوضع على ما هو عليه وبتوجس القانطين ، ولكن التطور والتغيير المستمر حيوي ومن سنن البقاء وعمار الأرض .