لا يخفى على المتابع والمراقب للأوضاع السياسية الحالية ما تقوم به إيران من تهديدات بإغلاق مضيق هرمز امام إمدادات الطاقة العالمية ولا يخفى ايضا على المتابعين بأن هذه ليست المرة الوحيدة التي تهدد فيها إيران بإغلاق هذا الشريان الهام في خارطة العالم ؛ إذ يحفل التاريخ المعاصر بتهديدات بإغلاق المضيق شبيهة بتلك التي تهدد فيها وتتوعد بمحو اسرائيل من على الخارطة ولست اعلم ماذا تنتظر لمحوها ان كانت قادرة ! إن تنفيذ طهران لتهديداتها سيعتبر عملاً استفزازياً واضحا لدول الخليج قاطبة وستقوم دول الخليج بتعويض الامدادات التي سوف تتوقف وبالتالي لن يتأثر حصة أسواق اوبك وستحافظ على ثبات الأسعار ، هذا الأمر أثار حفيظة مندوب ايران لدى أوبك الذي توعد دول الخليج ان قامت بتعويض الإمدادات ، وفي الحقيقة ان هذا ينبئ بشيء في غاية الأهمية وهو أن إيران تتعمد إثارة القضية لرفع أسعار النفط وكذلك إقفال المضيق لرفع الاسعار بشكل خيالي وبالتالي هي ستستفيد من خلال بيعها للنفط من تحت الطاولة بأسعار تقل عن تلك الخيالية وبالتالي تستطيع مساومة الدول العظمى في هذا الشأن ، رغم أن التقارير الواردة تقول ان ايران لن تستطيع إغلاق المضيق سوى لفترة محدودة. من ناحية اخرى ؛ فإن الإغلاق إن تم وكذلك التلويح بتلك الورقة هي بمثابة محاولة لتشتيت الضغوطات على نظام بشار الاسد وكذلك صرف الانظار وتحول قلق الدول العظمى إلى القلق على مصالحها قبل القلق على المدنيين في سورية ، إن هذه الورقة بمثابة مساومة رخيصة ومقايضة مكشوفة بين الدول العظمى وإيران من أجل تخفيف حدة الضغوطات على نظام بشار الاسد بعد ورود أنباء تفيد عن تشديد العقوبات الغربية على سورية ؛ تمهيدا لحل الأزمة السورية كما يريد الايرانيون لا كما تريد الدول العظمى المطالبة بتنحي بشار الأسد .! إن إغلاق المضيق إن تم سيشكل بمثابة قرع لطبول الحرب وستكون المنطقة على صفيح ساخن إثر تصريح أمير قطر باقتراحه تشكيل قوة عربية للتوجه إلى سورية ، هذا الأمر تهديد خطير وهو بمثابة ردة فعل على التصاريح الإيرانية المتوعدة لدول الخليج إن قامت بتعويض الإمدادات النفطية ، وستشهد المنطقة برمتها حراكا دبلوماسيا على أعلى المستويات خصوصا مع توقع وصول الرئيس الصيني إلى المملكة خلال الأيام القادمة خصوصا وان الصين هي أكثر الدول دعما لنظام بشار الاسد لدى مجلس الأمن نظرا للعلاقات الاقتصادية المتينة بعد خفوت الدور الروسي الذي انشغل في الشأن الداخلي بعد ازمة الانتخابات الروسية. إن هذه الأزمة تكشف من جهة اخرى أن إيران تعاني من ازمة اقتصادية داخلية وتحاول الخروج منها عبر رفع اسعار النفط للاستفادة منها وكذلك تعاني من ازمة داخلية بين المرشد الاعلى والرئيس نجاد حيث دأبت السياسة الإيرانية على تصدير المشاكل التي تخنقها إلى الخارج ومحاولة التنفيس عن الضغوطات التي تعانيها داخليها في ظل تهاوي حليفها الوثيق سورية وسقوط القناع عن وجه حزب الله حليفها الآخر ، وكذلك كما اسلفت محاولة تشتيت الضغوطات الاعلامية على نظام بشار الاسد الذي تتساقط آخر أوراقه مع حليفه الإيراني في خريفهم الجديد . 1