كنت قد قررت عمل جدول للحمية وإتباع نظام غذائي مقنن وعند أول مواجه بيني وبين رائحة الطعام الشعبي رفعت راية الاستسلام دون مقاومة تذكر وبدأت أتناول ما لذ وطاب ولما قاربت حد الشبع - إن لم أتجاوزه - تذكرت أنني أتبع طريقة عشوائية مخالفا النظام الغذائي الصحي . حينها تأملت العشوائية في حياتنا وكيف هدت نظام كنت قد قررت العمل به سلفاً فأحببت أن أتحدث قليلاً عن العشوائية .. العشوائية كلمة تتكرر كثيراً في يومياتنا في هذه الحياة , ونسمعها في أماكن عدة ! ولعل كلمة ( العشوائية ) تعرّف حسب الكثير من المراجع التي غاصت في تلك المفردة بأنها كلمة مشتقة من عشواء بمعنى انعدام الغرض والغاية .. فالعشوائي تعني فقدان كل أو بعض الأركان الأساسية لانتفاء العشوائية وهي ( الهدف – السبب – الترتيب ) بمعنى أدق فإن العشوائية هي فقدان التخطيط .! فلا يمكن عمل شيء دون مروره بالأركان الثلاثة سالفة الذكر حتى تكون المحصلة النهائية النجاح دون سلبيات أو شوائب تعكر نجاح ذلك الشيء .. فالشيء العشوائي له أضرار ملموسة وواضحة للجميع أيا كان هذا الشيء فمثلاً المشاريع العشوائية والفقيرة من التخطيط ستولد خللاً كبيراً في عملية التنمية و لن تحقق التوازن التنموي المرجو من هكذا مشاريع ! والمسؤول العشوائي في قراراته لا يقل ضرراً عن ذلك بل ربما هو نواة الضرر الناتج عن تلك الممارسات ولعل ذلك معروف عند الراسخون في علم الإدارة . فالمباني العشوائية والطرق العشوائية والغذاء العشوائي والدواء العشوائي والقرار العشوائي وغيرها الكثير كلها من السلبيات التي تُعيق كل إنجاز وتطور وتقدم يرجى في شتى المجالات ! حتى البشر أنفسهم قد تجد منهم من يمثل العشوائية في حياته وأهدافه وطريقة كلامه وتعامله مع الناس وسيكون ذلك ملموسا لمن يكتب له التعامل معه ذات يوم !! فهل جنبنا أنفسنا الخضوع للعشوائية في أعمالنا وأهدافنا وتخطيطنا أم مازلنا نسير بشعور أو بدون شعور على نهج عشوائي قاتل للحياة المنظمة !! فاصلة : العشوائية تمثل تهديداً حقيقياً للحياة , مثل ما يمثل نمو الخلايا في الجسم بطريقة عشوائية مرض خبيث يودي بحياة الإنسان المصاب به !! 1