رمتني برشقة من بنانها الهارب فاستقبلتها بالبسمات , لم تعِ أنني لست هاوياً بل لست محترفاً , بل أنا إنسان يقدر للإنسان كينونته ويحفظ له مقامه , يجله ويمد يد العون له , يقتبس من إبداعاته ما فات عليه كنهه , وغاب عنه مثيله لديه , تسرعتِ إذ ظننتِ أنه يهرول لتقفي دلالك , جمالك , أدبياتك ؛ عزاؤه ألا جسارة لديك أن تفصحي عن عناوينك , فلن يكشفها سواك ولكنه اكتشف بعضا منها بمهارته وخبرته الموغلة بحب الجمال , يصونه من العبث , يهذبه إن تطاول دعيٌّ أو اقترب مأفون ليلوثه. عدمتُ التماس أعذار لها فلم أعد أثق بفؤاد ثُلِمَ , وبنفس تعكرت أن يقودها عقل مفتون بحسن ظن , عشقتُ صفات التقطتها بسرعة البرق عبر حروف نُسِجَت بخيوط حريرية , وكلمات حسبتها صادقة لامنمقة , صريحة لا ممنطقة بفلسفة تضاحك الدقون لا أقول تضحك عليها - نَسِيَت أم تناست أن نزراً من تصرف عفوي يقود إلى دليل بيِّن , أنني كنت أحلم لم يكن عن بلاهة بل عن استباق حسن الظن لانقيضه , عممتُ خصالي التي لن تبلى أنها نسخة لدى بعض البشر , أيقنت حينها أن ماضٍ صدمها فلم تَعُد تثق ببشر. شمرت عن ساعدَيَّ فهممتُ بمصافحة بعضاً من إبداعاتها لعل ذلك يجعلها تنزع لمراجعة قناعاتها ,فتدوس ماضٍ لتّغيِّر اتجاه بوصلتها فلن تخذلها ؛ ستجد أنني حاضر, وسأمحُ ماعلَقَ وعشعش بذاكرتها أن زيداً كعمرو. تيقنتُ أن ظلماً حاق بها أمست ترى معه ألا فرق ولا اختلاف بين قادم ودود , وناكر بماضِ سحيق تفنن بلؤمه بعذاباتها , عزمتُ أن أخاطبها لأجلي ما ترسَّخ بذاكرتها , أُنقي ما عشعش بقلبها ؛ أن شواهدَ متاحة ستؤكد لها أن خيِّراً يصدُق و لايصدِم , يوضِّح فلا يغش , يرنو إليها من بُعد ولايتملق إليها عن قرب . أنت سيدة المكان وجوهرة قمة الإبداع , وكاذية تعبق بامتياز , لاتبتئسي بحروف سطرها عنك ومنك وإليك من صدح بشدوه باعتزاز. غلبي قناعاتك لاهواجسك , ألقك لا قلقك , أنفتك لا نفورك , فالقادم نحوك ضمانة لغدك . لواعج قد تتبادر لقارئ بعثراتي تلك أنها محض تزلف , ترويض, شد انتباه أو استجرار شفقة , بل تبيين لامجرد بيان فارغ المضمون. نثر صادق لاتخمين , وقناعات لا أمانٍ سقام . احزمي أمرك , انهري وساوسك , ازجري ارتجاعات الماضي المؤرقة واستبدليها ببشائر إشراقة تمحو مرارات سادت وبالتأكيد ستُباد. يامن لك بالقلب ساحة فُرِّغَت من أجلك , وجوانح تستحث الخطى لكسر رموز ألغازك , وتجول بعالمك الممهور بسمات آن لها أن تخلد لحضن دافئ يبلسم حذَرَكِ ووجلك. خلصت لقناعة أنني لست بجازم أن تلك وساس رَشَحَت من انزوائك من فرط جفولِكِ عن مقارعة حرف وكلمة , بل فتنة كي ترين أنه من الأولى اللهاث خلفك لتتيقني أن قلبه يختزن مابقلبك من اشتياق إليه , فذلك هو عنوان جميل لطبائع حوا أن تُرهِقَه ولا تُظهرَ شغفها بآدم , تلك هي مسحة الحياء اختصصن بها , فلاضير من اللهاث نحو من عشق وأخفى ممن أبان ولم يُخفِ بل خَفَّ إليها. رُبَّما يجمعنا يوما نبكي بدموع فرح , فلانتباكى إن فقدنا ذلك اليوم المؤمل.