سيدتي المرأة هل حقيقة أن كل ما فيكِ غادرنا إلى غير رجعة؟ ولم يبقَ مِنكِ سوى تمثال منحوت لا يشبهك في شيء، اللهم إلا أن النقوش المحفورة على جسده تبقى شاهدةً على حكايا زمن انسكب بين ردهات ذاكرتنا، وكلما وقع نظري عليه أترحم عليكِ. سيدتي أنتِ امرأة مثل كل النساء، وليست كل النساء أنتِ، ومن العجيب أن يجتمع داخل كيانك كل تلك التناقضات.. الهدوء والصخب، الوضوح والغموض، الجمال والقبح، الوفاء والغدر، البرد والنار، الظل ولفح الهجير. يقولون إنكِ وراء كل رجل عظيم!، وهي مقولة اجتمع عند حقيقتها كل العظماء في تاريخنا، ومن المفارقات الغريبة الآن أننا كل يوم نفاجأ أنك أصبحت وراء كل نكبة عظيمة؟!، تلتهم الفَنَاءَ لتُفْني.. تملكتك السطوة وصرت أداة عذاب وعقاب تكيل السادية بمكيالين، اختلفت أسمائك والوجه واحد.. لكأنني لا أعرفك! من ضرب الخيال أن نضعكِ في مقارنة غير متكافئة الأطراف مع نسوة عاشوا النضال هنا قبل ألف عام أو يزيد، لا تربطك بهن إلا علاقة الدين وكونك امرأة مثلهن.. فمن المؤكد أنكِ لست خديجة بنت خويلد، ولا عائشة بنت أبي بكر، رضي الله عنهن، ولا الملكة المؤمنة آسيا بنت مزاحم ولست بلقيس ولا ولا، فهؤلاء العظيمات كن رمزًا لعالم الديمومة الآمن، أما أنتِ فكنتِ تغزلين على من بقي حيًا من البشر!! خيوط السطوة والجبروت، وأجهضت قسوتك أجمل ما فينا. لا تَلُمْنَنِي واعذرن حِدَة مشاعري على بعضكن.. فهي بعض من كل.. فأنا لست من كوكب آخر، وعالمي هو نفس عالمكنَّ، ولم تأتِ تلك القذائف التي سطرتها من فراغ، بل كانت حصيلة قصص مأسوية تروي معاناة أصحابها جبروت المرأة.. وأي امرأة.. إنها المرأة التي سبق واجتمعت فيها نفس التناقضات السابقة ولكن عشعش الجانب المظلم منها في مسام دهاليزها.. بعض تلك الحكايات سمعته ورأيت كله الآخر. [email protected]