يحكى ان اعرابياَ يدعى جعيدان كان يشكو معاندة الحظ له ويشكو الفقر المدقع الذي يتسرب الى كل منفذ يسلكه لكنه في المقابل كان يتمتع بالمكر والدهاء وهما صفتان لم يستطع توظيفهما للخروج من تلك الظروف الحياتيه المتعثرة لكن الحظ في يوم عابر أضاء له الطريق حينما قدر له ان يلتقي بالحاكم في منطقته وكان لهذا الحاكم سلطة مطلقة كانت تدفع بافرادها الى الانسياق خلف حركاته وسكناته دون تمحيص او تفحيص بل والسعي بكل السبل الممكنة لنيل وده ورضاه وإبداء الإعجاب بكل مايفعله صحيحا كان ام سقيما فالاهم لديهم هونيل جزءا بسيطا من ابتسامته الفارهه طمعا في نيل البعض من المال الذي يتكرم به على من يسلك ذلك المسلك من خلال التهليل والتبجيل والتطبيل الذي تعود على مشاهدته الحاكم وكان الفقير جعيدان يومها يقف كغيرة من اتباع الحاكم على قارعة الطريق وكأن الحظ في تلك اللحظه قد نسي تفاصيل وجهه المتلبد بالأحزان حينما توقف امامه الحاكم المبجل وساله عن حاله وأحواله فكانت الفرصة الوحيدة التي سنحت له ليمارس مامنحه الله سبحانه من المكر والدهاء فاجاب : أعمل حائكا للملابس سيدي لكنني لا احيك الا ملابس كبار القوم وخاصتهم . فقال له الحاكم المبجل وماذا تستطيع ان تحيك لي من الملابس الفارهه ؟ فقال جعيدان : استطيع ان اصنع لك ثوبا فارها لا تراه انت ولكن غيرك يراه لكنه يجلب لك السعد والتمكين ولفت الانظار باتجاهك اينما كنت . فقال له الحاكم : قد أمرتك بفعل ذلك ولك ماتشاء من بيت المال فكانت الفرصه لجعيدان ليهنو بحياة رغيدة بعد فتحت له خزينة بيت المال لياكل مالذ وطاب من الطعام ويلبس الديباج والحرير بعد ان انقلب الحال الى المحال . وفي يوم من الايام جاء الحاكم الى جعيدان ليطمئن على سير العمل في حياكة ذلك الثوب المنتظر وامتاع ناظريه برؤيته وعندما علم جعيدان بقدوم الحاكم المبجل اتخذ ركنا منزويا من الغرفه التي يجلس بها وبدا وكانه منهمك في العمل وفي بؤرة تركيزه واجتهاده سأله الحاكم : اين الثوب يا جعيدان ؟ فقال له مزهواَ : لن تراه سيدي كما ذكرت لك سلفاًى لكني الان على وشك الانتهاء من حياكته لذا اطلب منك سيدي ان تدعوا افراد القبيله لحضور حفل بهيج لترتدي فيه ذلك الثوب العجيب ولترى بنفسك حجم الحب والاعجاب الذي ستناله بعد لبس ذلك الثوب ، ولأن الحاكم يتوق دائما الى سماع عبارات التبجيل والتطبيل حتى ان كانت هلامية ودائماً ما ينساق خلف تلك العبارات . وعندما امر الشيخ المبجل أعوانه بالإعداد لذلك الحفل الكبير ودعوة كل أفراد الشعب ليلقي عليهم خطابامطولاً كعادته ليليق بقيمة ذلك الثوب وليتيح الفرصة للقوم للاستمتاع برؤيته . وفي اليوم المشهود حضر الجميع وجاء جعيدان الى الحاكم رافعا يدية فقال له الحاكم اين الثوب الذي صنعته يا جعيدان ؟ فقال له : الم اقل لك سيدي انك لن تراه هذا هو بين يديك وطلب منه ان يذهب ليخلع كل ملابسه ويلبس ذلك الثوب العجيب فقام الحاكم وهو في حيرة من أمره لكنه حبه للتهليل والتبجيل دفعه ان يخلع ملابسه ليلبس ذلك الثوب ويخرج امام افراد شعبة وهو في وضع لا يحسد عليه . وعندما رآه قومه هللوا كعادتهم وصفقوا وانشدوا مبدئين لحاكمهم كل الطاعة والولاء والاعجاب والحاكم مزهزاً يتجول بينهم بما يراه ولا يراه ثوبا يجلب له السعد والوجاههة الذي بدأ يلمسة على وجوه شعبه لكن الشيء المحزن الذي كدر ذلك الموقف هو ما اعتراض احد الأطفال الذين حضروا ذلك الاحتفال المهيب حينما صاح في وجه الحاكم بكل صدق وبراءة ان جسدك اياها الحاكم عارياً من الملابس فلماذا تسير بيننا وانت بهذه الصوره المخجلة ؟ وعندها انتبه الحاكم المبجبل وانتبه تبعاً لانتباهته كما هو الحال دائما افراد القبيلة وأيقن الحاكم ان جعيدان قد مارس مكره ودهائه للفوز بالمال باسلوب الاحتيال فامر أعوانة بالقبض على جعيدان حتى ينال عقابه الرادع لكن جعيدان قد شعر بعضم مافعلة حيال الحاكم فهرب بما استطاع ان يجمع من المال وترك لمن بعده الكثير من الدروس والعبر ولكن تبقى الاجابه على السؤال : هل مات جعيدان ؟؟؟ 1