تعود بي الذاكرة قليلاً للوراء إلى حيث تلقينا تعليمنا المبكر في المرحلة الابتدائية فأتذكر كيف كنا نتعاطف كثيراً مع ذلك الحمار الذي سقط ليلاً من السفينة فنبكي لفراقه !! ثم نكمل أبيات القصيدة فنبكي أيضاً فرحاً بعودته سالماً على ظهر موجة أتت به مع نسائم الصباح حيث لم تبتلعه لأنه لا يُهضم حسب تبريرها !! . ارتبطنا في تعليمنا في تلك الفترة وإلى اليوم بالحيوانات من أجل التعلم . ولم أجد في تلك العلوم ما يدعو إلى احترام ثقافة المتعلم والمعلم سوى عبارة \" اسكت يا حمار ، اسكت يا حيوان \" وكأننا نتلقى تعليمنا داخل حديقة للحيوانات . في الفترة الأخيرة استبشرنا خيراً عندما عزمت وزارة التربية والتعليم على تحديث المنهج المدرسي . فلعلها أن تنتقل بنا إلى طائفة أخرى أفضل من مرحلة الديك والحمار لنجدها تكرر الخطأ ولكن بصورة تناسب تطورات القرن الحادي والعشرين لنصحو على صورة مضحكة تزين واجهة كتاب الرياضيات المطور للصف الثاني الابتدائي تظهر المتعلم في صورة حمار صغير والمعلم في صورة حمار كبير يُمكن تلطيف الموقف ليُصبح الحمار جملاً ولم تغفل هذه الوزارة إظهار تعاليم الشرع حيث توحي الصورة للرائي مستوى الاحترام والتقدير الذي يكنه الحمار الصغير للكبير بتقديمه كأساً من الحليب وفاءًا وعرفانا بدوره الفاعل في التعليم !! كم نحتاج إلى إحداث نقلة نوعية في كل مناهجنا فهي ليست كتباً مقدسة ولا نظريات لا تقبل التعديل ولكن يبدو أن لدى الوزارة حكماً عظيمة في التعلم من خلال صور الحيوانات فهي تسعى لتخليد اسم الحمار حتى لا ينقرض من قاموسنا كما انقرض الديناصور . كما يبدو أيضاً أن للوزارة نظرة إيجابية من خلال تلك الصورة فهي تؤمن بأهمية التعليم وأحقيته حتى للحمير فكيف ببني البشر ؟! المشكلة أن الحمار يحظى أيضاً بشعبية جارفة حتى في الفن ، فقد صدح المطرب سعد الصغير في أغنيته : ( بأحبك يا حمار ) فأطرب هذا اللحن آذان مسئولي المناهج وبين سعد والوزارة حمار ولا تهون بقية الحيوانات !! صالح بن إسماعيل القيسي الرياض [email protected]