مما لاشك فيه أن الكوارث الطبيعية تخلف الكثير من القتلى كل عام في جميع أنحاء العالم دون استثناء سواء كانت تلك الحوادث فيضانات أو أعاصير أو سيول جارفة وبراكين وغيرها الكثير، لكن لم نسمع قبل عن أمطار موسمية تسبب خسائر في الأرواح والممتلكات الشخصية والعامة خاصة عندما تكون منطقة جافة ترتجي نزول الماء طوال العام وهذا بالضبط حال مدينة جدة التي تحولت فرحة أهلها بمياه المطر التي قل ما يرونها إلى فاجعة حزينة ورواية ذات فصول مؤلمة. الكثير من الأسئلة تطرح ما السبب الرئيسي في كارثة كهذه؟ ومن هو الملام الأول؟ وما المصير الذي ينتظر الضحايا؟ وهل كانت تغطية الإعلام للحدث كافية بحيث أبرزت حجم المشكلة واقترحت حلول سريعة وفعالة؟ ومن خلال الواقع الحالي وما يرويه الكثير من المتضررين هناك نجد أن الإعلام كان مقصرا جدا تجاه هذه المشكلة ومغيبا لكثير من الحقائق خاصة في بداية الحادثة وقبل أن يفقد الإعلام سيطرته على تقنين الحقائق حيث أظهرت الصحف والقنوات وتصريحات بعض المسئولين أن ما حصل مجرد كارثة طبيعية تحصل في جميع دول العالم دون استثناء ولكن كشفت عدسات المصورين على مواقع اليوتيوب المستور وما يحاول بعض المسئولين إخفائه أو تبريره ونسي أولئك أننا في عصر العولمة وثورة الاتصالات وتقنية المعلومات،حيث كان للإنترنت دور كبير في كشف حقائق الخسائر المادية والبشرية.. الكثير لا يعرف حجم هذه الكارثة لتقاعس وسائل الإعلام المرئية والمسموعة عن تغطية هذه الكارثة واكتفاء المسئولين بإشارات بسيطة وهامشية حولها . وقد كشفت قصص بعض الناجين حجم المعاناة والكارثة التي حاول الكثير تبريرها بمبررات سرعان ما سقطت أمام وهج الحقيقة. كما أن كثير من شهود العيان وأهالي الضحايا والناجين يقرون بان عدد الذين توفوا كبير جدا وأضعاف الرقم الذي ذكر في الصحف والقنوات وقولهم هذا صحيح إذا ما قورن عدد الضحايا بحجم الكارثة والدمار الذي حل بجدة وخاصة حي قويزة وغيره من الأحياء التي تضررت بسبب الإهمال وعدم المسؤولية من قبل بعض المسئولين إلا أن مبادرة الملك عبد الله حفظه الله ورعاه بوجوب وجود لجنة تقصي للحقائق وكشف المستور ومحاسبة المسئولين عن التصريف للسيول وكذلك الصرف الصحي وغيرها سواء أفراد أو مؤسسات أثلجت صدور الكثير من المتضررين وكذلك الشعب السعودي اجمع كما أن تعويضه لأسر الضحايا خفف المصاب عنهم بعض الشيء. والسؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الراهن هو جدة إلى أين؟ فبعد توقف الأمطار ومحاولات الإنقاذ وانتشال الجثث جدة مهددة بانتشار الأمراض والبعوض خصوصا مع التعفن وتحلل جثث ونفوق حيوانات كثيرة فماذا عمل الإعلام تجاه هذه القضية؟وهل طرح حلول مجدية بالتعاون مع وزارة الصحة والجهات المسئولة؟ الإعلام قصر كثيرا في هذا الجانب وحاول إبراز جهود الدفاع المدني والإنقاذ دون محاولة احتواء الكارثة وحجم الدمار الذي حل وما سينتج عنه لاحقا كانتشار الأمراض وتشريد العوائل التي دمرت منازلها بالكامل وكذلك بحيرة المسك والتي تعتبر الخطر القادم بالنسبة لمدينة جدة بأكملها. كثير من الذين وجهت لهم أصابع الاتهام بما حصل برروا بان سبب هذه الكارثة هي العشوائيات وعدم إتباع الناس للتعليمات والقانون،وهذا تبرير غير مقنع لأنه إذا كان كذلك فأين البلدية وأمانة منطقة جدة عن مخالفات صريحة كهذه،أيضا إذا كان كذلك فجامعة الملك عبد العزيز تضررت بشكل كبير فهل يعني هذا أنها عشوائية؟؟ّ!! وأخيرا.. أن الأخطاء كثيرا ما تقع في جميع دول العالم وحتى المتحضرة منها إلا أن الأهم هو الاستفادة من هذه الأخطاء وحلها بأسرع وقت بحلول فعالة ومجدية وكذلك محاسبة المسئولين عنها ليكونوا عبرة لكل مقصر في أداء الأمانة المنوطة به. قال تعالىإنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها فحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا). أبرار الجديد