«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدنان عبدالقادر: فتاوى عن بيعة المتغلب تروج تمهيداً لقلب الحكم في الكويت والسعودية والخليج
نشر في صوت حائل يوم 26 - 08 - 2013

حذر الشيخ عدنان عبدالقادر من فتاوى يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي حول مبايعة المتغلب قال انها مطروحة للتداول لتمهد لاصحاب القلوب المريضة الانقضاض على حكم آل الصباح في الكويت وآل سعود في المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج، مشيرا الى تعمد نشر فتويين في هذا الصدد دون علم حقيقي بمعنى بيعة المتغلب وشروطها ولمن تكون.
واشار الشيخ عدنان عبدالقادر الى ان احدى الفتويين تفترض ان وقوف الكويتيين بوجه صدام حسين في غزوه الكويت هو ان فتاوى كانت قد كفرته واعتبرته غير مسلم متسائلا الشيخ عدنان عبدالقادر هنا «هل يعني هذا لو انه تم التعامل مع صدام على انه مسلم كان الكويتيون ملزمين شرعا بمبايعته؟».
بل واشار الشيخ عبدالقادر الى ان فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن الوضع من الغزو العراقي انذاك لم تتضمن اي تكفير لصدام حسين في الاشهر الاربعة الاولى ما يعني انه لو كان الامر صحيحا بوجوب مبايعة المتغلب فإنه كان على الكويتيين مبايعته لينقض بذاك حجة ان الكويتيين لم يبايعوا صدام لأنه لم يكن مسلما.
الى ذلك تناول الشيخ عدنان عبدالقادر الفتوى المتداولة الثانية والتي تزعم بأن رجلا من الشعب حزبيا كان او عسكريا لو انقض على الحكم وتغلب لوجبت مبايعته، مستنكرا مثل هذه الفتاوى التي يحذر من أن لها مآرب اخرى بنشرها بين الناس.
وبعد ان فند الشيخ عدنان عبدالقادر عدم صحة هاتين الفتويين وعدم اتساقهما مع المراد ببيعة المتغلب شرعا، فقد دعا الى ترك النوازل للعلماء وعدم الخوض فيها، وقال انه لا يجوز لطلبة العلم ان يطيروا بالالفاظ ويكيفوها كما شاؤوا دون الرجوع الى الضوابط التي ذكرها العلماء.
وقد جاء البحث الشرعي للشيخ عدنان عبدالقادر بهذا الخصوص على النحو التي من قوله:
انتشرت هذه الايام فتاوى غريبة تمهد – بغير قصد من اصحابها – تمهد لاصحاب القلوب المريضة الانقضاض على حكم آل الصباح في الكويت وآل سعود في المملكة وحكام الخليج ليحتج علينا بأنه متغلب فتجب بيعته ونكث بيعة آل الصباح.
الفتوى الاولى تتعلق بالغزو العراقي للكويت، حيث ذكر اصحابها ان السبب الذي جعل اهل الكويت لم يقبلوا صداما رئيسا لهم ولم يبايعوه انه كافر! وان المشايخ الكبار كفروه لذلك لم نبايعه وجاهدناه! ومعنى ذلك انه لو كان مسلما لبايعناه ونكثنا بيعة اميرنا!
اما الفتوى الثانية ففحواها: لو ان رجلا من الشعب حزبيا كان أم غير حزبي، عسكريا أم غير عسكري، لو انقض على الحكم في الكويت فاغتصبه وتغلب لوجب على اهل الكويت ان يبايعوه وينكثوا بيعتهم لآل الصباح ويغدروا بالامير ولا يفوا بعهدهم له، ولا يجوز لهم ان يمنعوا المغتصب من امارته بحجة انه متغلب!
هاتان الفتويان تمهدان للمتربصين بأميرنا وبحكام الخليج، وتهيئان لهم فتوى معلبة جاهزة، فما عليه الا ان ينقض على الحكم ليأتي بأصحاب هذه الفتاوى ليشرعوا له اغتصابه. بينما لو تفكر اصحابها في مآل هذه الفتاوى لما تداولوها ولما تفوهوا بها.
هاتان الفتويان باطلتان، وصدرتا من اصحابهما على عجلة، فهما مخالفتان للنصوص الشرعية والقواعد واجماع الامة والنظر والاخلاق واقوال الصحابة والعلماء.
اما الفتوى الاولى والتي تقول إن سبب جهادنا لصدام والغزو العراقي ان صداما كان كافرا.
فالجواب:
اولا:
قال الله تعالى في كتابه: {وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله} هذه الآية وردت في القتال بين المؤمنين وهي التي احتج العلماء على مقاتلة صدام ودفع ظلمه، سواء كان مؤمنا أم لم يكن كذلك وجب قتاله لأنه باغ.
ثانيا:
قال البهوتي والشربيني «انعقد الاجماع على وجوب قتال البغاة». فدل على وجوب قتال الباغي المسلم.
ثالثا:
قرأت للشيخ ابن باز رحمه الله في فتاواه ج6 وج18 لما حث على جهاد صدام والغزو العراقي فلم اجده كفر صداما في 4 الأشهر الاولى من 8/2 الى شهر 12. فهل كان يجب علينا مبايعة صدام خلالها لأنه متغلب حسب الفتاوى التي يتناقلها الشباب هذه الايام؟ هذه عبارات للشيخ ابن باز رحمه الله في صدام اول ايام الغزو 8/20 لما دعاه لأن يتصالح مع الكويت وتشير الى انه كان يرى اسلام صدام في ذاك الوقت ولم يتبين له كفره، اذ قال الشيخ: «الصلح جائز بين المسلمين». ومن عبارات الشيخ موجها كلامه للغزو العراقي بقيادة صدام: «قد اجمع العلماء على الرد الى كتاب الله.. هذا هو الخير (للمسلمين)». ومن عباراته 1990/8/20 فيه «الواجب على جميع المسلمين التوبة الى الله.. فيجب على رئيس دولة العراق ان يتوب».
ومن عباراته فيه شهر 9 «نسأل الله.. ان يعينهم على ابدال هذا الرئيس الفاجر الخبيث»، لم يقل حينئذ (الكافر الملحد). ومن عباراته فيه آخر شهر 8 «ان يستعين المسلم بكافر ليدفع شر كافر آخر أو (مسلم معتد) أو يخشى عدوانه لا بأس به» ومن اقواله فيه 90/8/30 «وهكذا من يعتدي علينا ولو كان مسلما أو ينتسب الى الاسلام. جاز ان يستعينوا..». فكل هذه العبارات تشير الى ان الشيخ ابن باز رحمه الله لما ايد مجاهدة صدام والجيش العراقي لاخراجه لا لكفره انما لظلمه واعتدائه على الكويت.
رابعا:
ثم بعد اربعة اشهر من الحث على مجاهدته لاخراجه أي في شهر 12 صرح بنفاقه وإلحاده وكفره. فهل كان يجب علينا ان نبايع صداما في 4 الاشهر الاولى قبل ان يصرح بكفره لأنه مسلم متغلب؟ مع العلم بأن الشيخ ابن باز رحمه الله ساوى بين قتال الباغي وقتال الكافر لردعهما عن ظلمهما في شهر 12 لما كفره، وبين الشيخ رحمه الله بعد بدء القصف الجوي 1991/1/31 في مسألة صدام انه يجوز قتال المسلم الباغي فكيف بالكافر؟!
خامسا:
لو كفّر الشيسخ ابن باز رحمه الله صداما من اول يوم للغزو ونحن في الكويت لا نعلم بذلك الى يوم التحرير، هل كان يجب علينا ان ننهض لمبايعة صدام لأنه متغلب والا فنحن خوارج؟
سادسا:
لو علمنا من اول يوم ان الشيخ ابن باز رحمه الله كفره، ولم يقتنع بعضنا بتكفيره اياه لعدم اقامة الحجة عليه، هل كان يجب ان ينهضوا لمبايعته لأنه مسلم متغلب؟ والا فهم خوارج؟.
سابعا: سئل الشيخ الألباني رحمه الله عن صدام: هل هو كافر؟ فقال «اضطربت فيه الأقوال» ولم يرجح. فمن حكم بأصل اسلامه هل كان يجب عليه ان يبايع صداما وينكث بيعة آل الصباح لأنه متغلب؟ ومن لم يبايعه يصبح من الخوارج؟
ثامنا: لما غزا صدام الكويت وتغلَّب واحتلها من أقصاها الى أقصاها قمنا بمجاهدته ولم نسأل عن كفره، وكنا ندعو عليه في خطب الجمعة، وكان يصلي خلفي «اللواء بارق» رئيس المخابرات العراقية ويؤمِّن خلفي، فهل كان يجب علينا ان نبايعه لأنه متغلب؟ وهل كنا خوارج لمَّا جاهدناه؟
تاسعا: هذا ملخص الأسئلة وانتظر اجابتها من أصحاب هذه الفتوى:
-1 فهل كان يجب علينا ان ننهض لمبايعة صدام خلال ال 4 أشهر الأولى حين لم يكفِّره الشيخ ابن باز رحمه الله فيها؟
-2 ماذا لو كفره من أول يوم ولم نعلم بذلك؟ هل وجبت مبايعته؟
-3 من لم يقتنع منا بكفره، هل كان يحب عليه ان يبايعه؟
-4 من أخذ بقول الشيخ الألباني حين لم يرجح شيئا في تكفيره، هل كان يجب عليه مبايعة صدام ونكث بيعة آل الصباح؟
عاشراً: ماذا لو كان عاكف أو بديع أو السيسي المسلم قائد العراق يومئذ وفعل فعل صدام تماما أكان يجب علينا ان نبايعه؟ أيجوز لنا ان ننكث بيعتنا لآل الصباح ونبايع ذاك القائد المسلم؟ هل كان جلوسنا في البيت واغلاقنا الأبواب علينا وجلوسنا في المساجد أفضل من جهاده؟
أيها الدعاة! أيها المشايخ! يا طلبة العلم! أفيقوا، لا تهدموا جبلاً من القواعد الشرعية لتبنوا تلّاً متناقضاً يهد بعضه بعضاً. دعوا النوازل للعلماء، دعوها لعلماء البلد المعني، لا تبنوا أنفسكم على حساب العلماء، دعوكم من التصفيق والهتافات لكم. لو أخذنا بمثل هذه الفتاوى يومئذ «أن صداما لو كان مسلما لما جاز جهادنا له. ولوجبت مبايعته» لضاعت الكويت يومئذ.
-2 أما الفتوى الثانية التي تناقلها بعض الشباب وهي أنه متى ما قفز أحد الحزبيين أو غيرهم على الحكم وتغلب وجب علينا نكث بيعتنا لآل الصباح ومبايعة هذا المغتصب لأنه تغلب!
أولا: هذه الفتوى وهذا القول مخالف للكتاب والسنة واجماع الأمة وأقوال الصحابة ومخالف للنظر «العقل» ومخالف لواقع أفعال العلماء، ويمهد للمتربصين لنكث بيعة آل الصباح وحكام الخليج ويمهد لمن يخطط لازالة حكمهم واغتصابه بحجة هذه الفتوى.هذه الفتوى تؤدي الى ضياع البلد ونشر الفوضى وتهيئة الأمر للانقلابيين بفتاوى شرعية معلبة.
-1 فهي مخالفة لقول الله تعالى {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله}، اذ يجب قتال الانقلابيين لأنهم بغوا.ومخالفة لقول الله تعالى {ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل} فالمسلم قد بايع الأمير، فعليه ان يؤدي أمانة هذه البيعة. فاذا أيد المنقلب وبايعه فقد خان الأمانة فيكون قد خالف قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}، وخالف قول الله تعالى {ولاتكن للخائنين خصيما} وخالف جميع الآيات التي تنهى عن الخيانة.والمنقلب ظالم، فمن أيده فقد خالف قول الله تعالى {ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء} وجميع الآيات التي تحرم اعانة الظالم.وتخالف جميع الآيات التي تأمر بالعدل {ان الله يأمر بالعدل والاحسان} اذ من العدل ان نؤدي أمانة بيعتنا.وهي مخالفة لجميع الآيات التي تنهى عن البغي {وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} اذ نكث بيعته ومبايعة آخر بغي.ان فتوى بيعة المغتصب المتغلب ونكث بيعة الأول أمر بمنكر ونهي عن المعروف {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف}. ففيها مخالفة لجميع الآيات التي تنهى عن المنكر {ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، وفيها غدر بالأمير. وهي مخالفة لقول الله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الاثم والعدوان} فمبايعة الباغي الظالم الخائن الناكث لبيعته الغادر اعانة على الاثم والعدوان.
-2 وهي مخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة تحت استه ]دبره[ يقال: هذه غدرة فلان بن فلان» رواه أحمد والبخاري. فالذي نكث بيعة امامه غادر. ومخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لاحجة له» رواه مسلم. ومخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من أراد ان يفرق هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان» رواه مسلم.ان الفتوى ببيعة المغتصب المتغلب مخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم أويفرق جماعتكم فاقتلوه» رواه مسلم.ومخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «اذا بويع للخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» رواه مسلم. ومخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من بايع اماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ان استطاع فان جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» رواه مسلم. ومخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» قيل: كيف أنصره ظالما؟ قال صلى الله عليه وسلم: «تحجزه عن الظلم». رواه أحمد والبخاري. بينما في مبايعته اعانة على الظلم. ومخالفة للحديث القدسي {ياعبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا} رواه مسلم، ومخالفة لجميع الأحاديث الناهية عن الظلم.
-3 ومخالفة للقواعد الشرعية والتي جميعها تقوم على: العدل والاحسان والتي تقوم على تحريم الظلم والاعانة عليه، ومخالفة للقواعد التي تقوم على تحريم الغدر والخيانة وعدم الامانة ونكث العهد والبغي.
-4 وتخالف قول الصحابة منهم عمر رضي الله عنه: «من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة ان يقتلا». قالها عمر رضي الله عنه وهو يومئذ امير المؤمنين فأقره الصحابة فكان اجماعا. وكذا ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنه لما اراد اهل المدينة ان ينكثوا بيعة يزيد فجمع ابناءه وحذرهم من نكث بيعته وذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة...» رواه البخاري.
-5 وتخالف فتوى الشيخ ابن باز «رحمه الله» وهيئة كبار العلماء بوجوب قتال صدام (ولم يكن يومئذ قد حكم بكفره) وقتال كل ظالم مغتصب متغلب.
-6 وتنافي الاخلاق والمروءة.
ثانيا: لم يصحح العلماء امارة المتغلب الا اذا توفرت فيه شروط شديدة قاسية وفي اضيق الاحوال وفي اشد حالات الضرورة التي ضرورتها اشد من الضرورة التي تبيح اكل لحم الخنزير واشد من الضرورة التي تبيح التعامل بالربا لما سبق من الادلة في حرمة بيعة المتغلب، ايقال بعدها بجواز بيعة المتغلب مطلقا؟
ثالثا: الشروط الشديدة التي ذكرها العلماء في صحة امامة المتغلب: الشرط الأول: إجماع الناس عليه.
قال الشافعي: «كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة (ويجمع الناس عليه) فهو خليفة». هذا تصريح من الامام الشافعي بشرطية هذا الشرط للمتغلب. وقد جلا ابن تيمية معنى «اجماع الناس عليه» اي باتفاق الجمهور الذين يقام بهم الامر فقال: «لا يشترط في الخلافة الا اتفاق اهل الشوكة والجمهور الذين يقام بهم الامر».
الشرط الثاني: اتفاق اهل الشوكة عليه.
قال ابن تيمية: «لا يشترط في الخلافة الا اتفاق اهل الشوكة والجمهور الذين يقام بهم الامر». واهل الشوكة هم اهل الحل والعقد كما قال البجيرمي: «أهل الشوكة هم اهل الحل والعقد». اي هم رؤوس الناس، فهم العلماء المطاعون، ورؤوس القبائل، ورؤوس الاحزاب، واعضاء مجلس الامة ومجلس الشعب، ورؤساء الجيوش، لذا قال ابن تيمية عن اهل الشوكة: «حتى اذا كان رؤوس الشوكة عددا قليلا (ومن سواهم موافق لهم) حصلت الامامة بمبايعتهم». ليس كل من خرج وله شوكة صار اماما فقد قال في منتهى الارادات: «البغاة: هم الخارجون على امام ولو غير عدل بتأويل سائغ ولهم شوكة». فهؤلاء بغاة ولهم شوكة فيجب قتالهم اذ «الاجماع منعقد على وجوب قتال البغاة». قاله البهوتي في كشاف القناع وفي مغني المحتاج للشربيني.
الشرط الثالث: يؤمر بطاعة الله.
قال ابن تيمية: «متى صار قادرا على سياستهم اما بطاعتهم او بقهره فهو ذو سلطان مطاع اذا امر بطاعة الله». فهذا تصريح منه بشرطيته للمتغلب بالقهر، فلا تصح امامة من تغلب وكان شعاره نبذ الاسلام.
الشرط الرابع: مفسدة بيعته اخف من مفسدة عدم بيعته.
قال ابن تيمية: «الحاكم اذا ولاه ذو الشوكة ولم يمكن عزله الا بفتنة مفسدتها اعظم من مفسدة بقائه لم يجز الاتيان باعظم الفسادين لدفع ادناهما». وهذا الشرط في صحة ولاية المتغلب باتفاق الائمة.
الشرط الخامس: ان يكون قادرا على سياستهم.
قال ابن تيمية «متى صار قادرا على سياستهم اما بطاعتهم او بقهره ذو سلطان مطاع اذا امر بطاعة الله». وهذا تصريح منه بشرطيته لولاية المتغلب.
الشرط السادس: استقرار تغلبه.
قال الشافعي: «كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة ويجمع الناس عليه فهو خليفة». وقال احمد: «من غلب بالسيف حتى صار خليفة وسمي امير المؤمنين». اي استقر تغلبه حتى صار خليفة. وسيأتي تفصيله بما يلي:
رابعا: من توفرت فيه الشروط السابقة اصبح سلطانا، فإن جاء بالتغلب والقهر اصبح سلطانا متغلبا، وان جاء بالاختيار اصبح سلطانا بالاختيار. هذا معنى قول العلماء: «قد اجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب»، اذ لم يقولوا (على وجوب طاعة المتغلب) انما قالوا: «السلطان المتغلب» اي الذي توفرت فيه شروط السلاطين والتي سبق بيانها.
هذا معنى قول الشافعي: «كل من غلب علي آلخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة ويجمع الناس عليه فهو خليفة» اي توفرت فيه الشروط التي يسمى فيها خليفة والتي بينها ابن تيمية وغيره. وهذا معنى قول احمد «من غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة (اي توفرت فيه شروط الخلافة وقد سبقت) وسمي امير المؤمنين فلا يحل لاحد ان يبيت ولا يراه اماما».
كما قال تعالى (وأحل الله البيع) فليس كل بيع حلالا، انما البيع الذي توفرت شروطه واركانه وانتفت موانعه. كذا السلطان المتغلب او الخليفة المتغلب: اي الذي توفرت فيه شروط الخلافة. لذا لم يطلق العلماء «المتغلب» انما كما قال الشافعي «الخليفة» وقال احمد «الخليفة»، وقال ابن تيمية وابن حجر «السلطان المتغلب» اي الذي توفرت فيه شروط الخلافة.
خامسا:
من الامثلة فيمن توفرت فيهم شروط الامامة بالتغلب وصحت امامتهم:
-1 الخلافة المروانية: بايع العالم الاسلامي ابن الزبير رضي الله عنه، فلما قتله عبدالملك بن مروان بويع بالخلافة «خلافة قهر» وتحققت فيه جميع شروط خلافة القهر واستمرت الدولة المروانية الاموية الى ان جاءت الدولة العباسية.
-2 الدولة العباسية: لما قتل السفاح العباسي آخر خليفة مرواني اموي ولم تبق بيعة لأحد بويع بالخلافة وتحققت فيه جميع الشروط، فقامت الدولة العباسية.
-3 لما قتل المأمون اخاه الخليفة الامين لم تبق بيعة لاحد غيره، فبويع بالخلافة «خلافة التغلب والقهر» فتحققت فيه جميع شروط خلافة التغلب واستمرت الدولة العباسية.
سادسا:
لعل التفصيل السابق يوضح لماذا صحت امامة الملك السلفي المجاهد (عبدالعزيز آل سعود رحمه الله) للحجاز لما تغلب عليها وضمها ووحد بها المملكة وكانت منقبة له، بينما لم تصح امامة صدام للكويت او (اي رئيس مسلم لو كان مكان صدام وغزا الكويت)، لما تغلب عليها وضمها للعراق، بل كانت سبة في جبينه؟ على الرغم من ان كلا منهما تغلب على الارض المذكورة بجيشه من اقصاها الى اقصاها.
لأن الملك عبدالعزيز رحمه الله توافرت فيه شروط الامامة بالتغلب والتي سبق ذكرها بينما لم تتوافر في الثاني، مما يدل على انه ليس كل من تغلب بالجيش على بلد ما من اقصاه الى اقصاه يصبح اميرا وسلطانا عليه ما لم تتوافر فيه شروط السلطان والخليفة المتغلب.
في الختام:
لا يجوز لطلبة العلم ان يطيروا بالالفاظ ويكيفوها كما شاؤوا دون الرجوع الى الضوابط التي ذكرها العلماء الكبار ففي ذلك افساد لدين العباد ودنياهم، فنفهم الدين كما فهمه سلفنا الصالح رضوان الله عليهم لاسيما في مسائل الامامة والخلافة.
فلابد ان تتوافر جميع الشروط التي ذكرها العلماء ليس شرطا واحدا او نصف شرط، ويجب على طلبة العلم ان ينظروا الى مآلات الفتاوى التي يتناقلونها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.