أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن القاسم – في خطبة الاستسقاء – أن حسن الظن بالله ورجاء ما عنده أمن وطمأنينة ودين وقربة, وأن اليأس من روح الله والقنوط من رحمته سوء ظن به تعالى, ومعصية يصحبها الاضطراب, كما أن الدعاء والتعلّق بالله هو العبادة والمخرج من كل ضيق وكربة, وبه استنزال الخير ودفع كل سوء, والله سبحانه قريب من عباده الداعين لا يخيّب من رجاه, ولا يردّ من دعاه. وأضاف : التضرّع إلى الله مؤذن بكشف البلاء وحلول الرخاء, والإحسان إلى الخلق موجب بمحبة الله ودافع لغضبه وعقابه, والصدقة برهان على الإيمان وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار, وما استجلب قطر السماء وسعت الأرزاق بمثل استغفار الله والتوبة إليه, وبذلك أمر الأنبياء أقوامهم, وما دفعت الشدائد والمحن بأعظم من التوبة والاستغفار. وبيّن خطيب الحرم أن الذنوب أعظم دافع ورافع لهذه النعمة, قال تعالى: " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" وما نقصت أرزاق العباد إلا من شؤم المعاصي وشرها, والذي يفوت بارتكاب المعاصي من الخير أضعاف ما يحصل من الشرّ, ومن كمال لطف الله ورحمته بعباده تعدّد النذر بين يدي عذابه ليرجع العباد إلى ربهم ويتوبوا إلى بارئهم قال الله عز وجلّ "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ". وتابع : الله سبحانه لا راد لفضله ولا ممسك لعطائه, ونعمه سبحانه ظاهرة وباطنة لا تعد ولا تحصى, تأذن بالمزيد لمن شكر, وتوعّد بالعذاب الشديد. وقال : الماء نعمة عظيمة به حياة الأرض ومن عليها, قال تعالى " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ * أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" ماء مبارك يجتمع من قطرات ثم تحيا به زروع وأمم, وبالماء امتن الله على عباده, وجعل إنزاله من دلائل ربوبيته وألوهيته, واحتج به تعالى على تفرده بالإنعام وبطلان ما يدعى سواه, ومن أعظم أسباب الخير ونزول الغيث تقوى الله والإيمان به, وكمال النعم في الطاعة ولزوم الاستقامة, وبها الفرج ونزول القطر قال الله عز وجل : " وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا".