مع تمتعها بالحيوية والالتزام والحسم فازت فرنسا بكأس العالم لكرة القدم بعد تغلبها 4-2 على كرواتيا. وحتى في ظل لحظة الإنجاز الحالية، ما زال هناك شعور أن فريق المدرب ديدييه ديشان الشاب يستطيع تقديم المزيد. ومع بلوغ الموهوب كيليان مبابي 19 عاماً وكون الفريق صاحب ثاني أصغر معدل للأعمار في البطولة، فإن هذا الانتصار يمكن أن يكون بداية لحقبة خالدة لكرة القدم الفرنسية. وتعرض ديشان لانتقادات واسعة بسبب أسلوبه شديدة الواقعية والذي يتسم بالممل وذلك قبل عامين عندما خسرت فرنسا أمام البرتغال في نهائي بطولة أوروبا في باريس لكن المنتقدين سيهدؤون الآن. وبينما استمر كمدرب يحافظ على تركيزه لبناء هيكل تنظيمي قوي، كان هناك مصدر تهديد إضافي تمثل هذه المرة في وجود سرعة ومهارة مبابي بالإضافة لمهارة انطوان جريزمان والحضور البدني والوعي الخططي لاوليفييه جيرو. وهذه ليست فرنسا 1984 بطلة اوروبا بقيادة العبقري ميشيل بلاتيني وجان تيجانا كما أن التشكيلة الحالية أقل تأثيراً من الفريق الفائز في 1998 بقيادة الساحر زين الدين زيدان. لكنها تشكيلة حديثة بها العديد من اللاعبين الشبان أصحاب الكفاءة الفنية والشخصية البارزة ودون أي نقاط ضعف واضحة. وقال ديشان في حديث يصعب الدخول في جدل بشأنه "لم نقدم مباراة رائعة لكننا أظهرنا قدراتنا الذهنية القوية. سجلنا أيضاً أربعة أهداف. نستحق ذلك". وبلا شك، فإن حصد اللقب كان مستحقاً لأنه لم يكن هناك أي فريق أفضل في جميع النواحي من فرنسا في البطولة الحالية وبكل بساطة. وتصدرت فرنسا مجموعتها وكشفت عن أسلوبها السلس في الهجمات المرتدة وخطورة مبابي في الفوز 4-3 على الأرجنتين لكن المباريات التي أظهرت حقيقة شخصيتها كانت مواجهتا دور الثمانية ضد أوروجواي والدور قبل النهائي ضد بلجيكا عندما سيطرت تماماً على مجريات اللقاء. فترات طويلة ولم تكن فرنسا في أفضل حالاتها في النهائي فيما استحوذت كرواتيا على الكرة لفترات طويلة وعانى دفاع بطلة العالم في مواجهة الأسلوب المباشر وسرعة الجناح ايفان بريشيتش. ومنح الهدف العكسي وركلة الجزاء القاسية، التي احتسبت بعد مراجعة حكم الفيديو، فريق المدرب ديشان التقدم لكن بمجرد أن أحرز بول بوجبا الهدف الثالث وأضاف مبابي الهدف الرابع كان اللقب في حوزتها بالفعل. وفازت فرنسا في النهائي بشكل مثير دون الحاجة لأي إسهام كبير من نجولو كانتي قائد الدفاع وأفضل صمام أمان لرباعي خط الدفاع والذي شكل مع بوجبا شراكة ممتازة في خط الوسط. وحصل كانتي على إنذار في الدقيقة 27 ولم يكن في حالته بعد ذلك لكن قوة البدلاء المتاحين أمام ديشان كانت واضحة عندما أشرك ستيفن نزونزي صاحب المستوى الثابت في الدقيقة 55. ومع سيطرة نزونزي على خط الوسط كانت فرنسا أكثر قوة، وجاء الهدفان الأخيران بعد هذا التغيير. وكما فعل طيلة البطولة، قدم بوجبا أداء ملتزماً ورائعاً على الصعيد الخططي مع قيامه بدور يغلب عليه الطابع الدفاعي، ونجح بوجبا في الظهور بتسجيل هدف حاسم ليتقدم الفريق 3-1. لكن اللاعب الذي تسلطت عليه الأضواء في فرنسا كان بلا شك هو مبابي الذي تطغى سرعته المرعبة على لمسته الممتازة ومهاراته. ومع اكتسابه الخبرة، ستتحسن لديه القدرة على اتخاذ القرارات وسيشكل مصدر خطورة أكبر في بطولة أوروبا 2020. لكن صغر سن منتخب فرنسا ليس ضماناً للتطور وسيحتاج الفريق لإظهار الرغبة التي لعبت بها كرواتيا طيلة البطولة. وليس من الصعب الشعور أن فريق المدرب ديشان ما زال يملك المزيد ويستطيع القيام بأمر استثنائي لو كان بحاجة إلى ذلك. وضغطت الأرجنتينوكرواتيا بشدة على فرنسا لكن في النهاية اهتزت شباك كل منهما أربع مرات، وهذا هو الوجه الحقيقي للأبطال.