يُجمِع مختصون ومثقفون على أن للسهر في شهر رمضان المبارك أضرارا كثيرة، وأن قضاء النهار بأكمله نوماً فيه تضييع للعبادات، وتفويت لفضائل الشهر الكريم، محملين الفضائيات والتقنية وحرارة الأجواء وبقاء المحال التجارية حتى ساعات الفجر مسؤولية التأصيل لهذه العادة والإبقاء عليها كموروث لا ينفك عن الشهر الفضيل، وأشار محمود أحمد رفيق- مؤسس ديوانية آل رفيق الثقافية- إلى أنه ما زال محتفظاً ببرنامج يومي يخلو معه من السهر المطول، وقال إنني أخرج صباحاً لقضاء أعمالي وأعود ظهراً لأرتاح، وبعد صلاة العصر أتفرغ لقراءة القرآن الكريم، ثم أستعد للاجتماع الأسري على مائدة الإفطار، وأحياناً أستضيف بعض الأصدقاء لتناول الإفطار معي أو أذهب لمشاركتهم، وبعد العشاء أصلي التراويح ثم أواصل عملي المكتبي عقب ذلك، أستعد للسحور مع الأهل أو الأصدقاء، كما أحرص على أن أضمن برنامجي زيارة لذوي الرحم، وفي العشر الأواخر أتفرغ كلياً للصلاة في المسجد النبوي. وتحدثت السيدة أم محمد وقالت إنني حاولت مراراً تغيير النمط السائد وتعويد أبنائي على اقتطاع جزء من الليل للنوم دون جدوى، فبرامج القنوات الفضائية التي لا تهدأ حتى طلوع الفجر جعلتهم يتسمرون أمام التلفاز، إضافةً إلى مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج الهاتفية التي يزداد نشاطها مساء، مضيفةً أن ارتباط الشهر الكريم لدى البعض بالسهر المطول والنوم طوال ساعات النهار، يفوت الصلاة عن وقتها، ويضيع قراءة القرآن الكريم وتدبره، وهذا السهر زاد من البطالة لدى الشباب والفتيات، فكيف سيتحمل مسؤولية أو يسعى لمعيشته وهو لا يستيقظ إلاّ نهاية اليوم، مخالفاً قول الله عز وجل: "وجعلنا النهار معاشا"، ومفوتا بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لأمتي في بكورها"، ورأى الباحث شتيوي غيث أن تقييم فوائد أو مضار السهر يعود إلى الظرف الاجتماعي وتغير الفصول، ويصعب إعطاء حكم واحد عن ضرر السهر أو فائدته في ليالي رمضان، مشيرا إلى أنه مع اقتراب ليالي العشر من رمضان يصبح السهر ضرورة لقرب ساعات الصلاتين ما بين التراويح والقيام، لذلك أقول إنه يصعب الحكم بضرر الظاهرة ما لم نضعها في السياق الاجتماعي أو السياق المناخي، فلو كان رمضان في الشتاء لكان ضرر السهر ليلاً أكبر بكثير من السهر في ليالي رمضان في الصيف. وحذّر د. عاطف النجار- استشاري الصحة النفسية في مستشفى الدار في المدينةالمنورة- من خطورة السهر المتواصل، الذي يؤدي إلى الإصابة بالأمراض النفسية؛ بفعل نقص إفراز هرمون الميلاتونين، الذي يعمل على تنظيم الإيقاع داخل الانسان، مضيفاً أن الدراسات الطبية تؤكد أن عدم النوم ليلاً يزيد من فرص التعرض لجلطات القلب، ويتسبب في مضاعفة مخاطر التعرض للموت المفاجئ، وهو ما يمكن حدوثه مع ارتفاع ضغط الدم، الذي يرتبط وجوده أحياناً بعدم النوم في الأوقات الطبيعية، مبيناً أن هناك دراسات أخرى أثبتت أن عدم انتظام ساعات النوم للمرأة تحديداً قد يسبب أزمات مختلفة تصل إلى حد إجهاض الجنين أو ضعف النمو، وهناك مشكلات صحية أخرى كضعف جهاز المناعة، وأمراض العيون، وغيرهما من أمراض أثبتتها الأبحاث الطبية. د. عاطف النجار محمود رفيق