مع حلول شهر رمضان المبارك يشع شارع «المعز لدين الله» بوسط العاصمة المصرية القاهرة، نشاطاً وحيوية وازدحاماً من الزوار والأجانب الذين يرونه كنزاً يحكي ما يزيد عن ألف عام من تاريخ مصر، ويربطهم بالأجواء الرمضانية التي كانت تحدث في حقبات تاريخية قديمة، مدعومة بالزينة الرمضانية بألوانها البديعة، في ظل احتفالات فلكورية، ووجبات مصرية تراثية طوال ليالي رمضان، تتناغم مع عبقرية المكان، وأنماط معمارية وهندسية ظلت صامدة رغم تعاقب الأزمنة ويكتظ الشارع بالمصريين والزوار العرب ومن مختلف الجنسيات، الذين يحرصون على مشاهدة العادات الرمضانية المرحة، والفوانيس الشهيرة بمختلف أنواعها القديمة والجديدة، والأزياء التراثية التي تميزت بها العصور الماضية، والمطاعم التي تقدم الأطباق المصرية بين أروقة العمارة الإسلامية التي قوامها الجمال والدقة والزخرفة، والتي تفيض بالروحانيات، ويرجع تاريخها إلى مجموعة من العصور المتوالية منذ إنشاء القاهرة، كما يتميز الشارع ومحيطه بانتشار محلات العطارة، والمشروبات الشعبية المصرية، حيث يحرص زورا الشارع من مختلف الأعمار وكذلك الأسر والعائلات على تناول وجبات السحور التي تضم أشهي الأكلات المصرية، وقضاء أوقات ممتعة، إلى جانب الاستماع إلى الموسيقى الشعبية الرمضانية والمزامير، إضافة إلى تفضيل البعض حضور الأمسيات الثقافية التي تقام في بعض المناطق من الشارع التاريخي. وحول الزينة الرمضانية التي تميز شارع المعز، يرى صانع الفوانيس أحمد مدبولي في حديثه ل»الرياض»، أن الفوانيس تعد من العادات الشعبية التي تتميز بها مصر في رمضان، حيث يتلهف الأطفال على شرائها، كما أنه هدية مثالية للمخطوبين والأزواج، يمنحهوها لبعضهم البعض في الشهر الفضيل تعبيرًا عن الألفة والمودة، وذكر مدبولي أن صناعة الفوانيس تتنوع بين الأنواع التاريخية التي تتخذ أشكالاً تراثية، كانت تضاء بالشمع، ثم أتى عصر اللمبات الكهربائية، والأنواع المعاصرة التي تتم صناعتها من مادة البلاستيك وتؤدي حركات بهلوانية، وتصدر موسيقى خاصة بشهر رمضان، مشيراً إلى أن العام الحالي يتميز بوجود فانوس «محمد صلاح»، الذي يأتي في شكل اللاعب المصري المحترف في إنجلترا وقال صاحب محل العطارة القديمة أحمد المصري: إن لرمضان في الشارع أجواء تمزج بين العادات الرمضانية القديمة والحديثة؛ مما يجعل الزوار في حالة فرحة، مضيفاً أن المصريين يقبلون على شراء مشروبات العرقسوس والخرشوف والسوبيا بكميات كبيرة لتناولها كعصائر أساسية على موائد الإفطار في رمضان. وعبّر العديد من زوار شارع المعز ل «الرياض» عن عشقهم لأجواء الشارع الرمضانية التاريخية، مؤكدين أن أكثر ما لفت انتباههم هو شخصية المسحراتي الذي يمسك بطبل في يده، ويسير خلفه بعض الأطفال يرتدون الأزياء التي تمزج بين الأبيض والأخضر؛ من أجل تنبيه الناس بوقت السحور، معبرين عن إعجابهم بالفوانيس والزينة الرمضانية التي تنتشر فوق البنيات والمحلات التجارية، واصفين الأجواء الرمضانية في شارع المعز بالمهرجان اليومي وأكد أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآداب في جامعة القاهرة، د. عطية القوصي ل»الرياض»، أن تهافت الزوار في رمضان على زيارة شارع المعز يأتي من الحفاظ على رونقه وتصاميمه التاريخية التي جعلته يقدم أجواء رمضانية تُشعر الزوار والصائمين أنهم يعيشون في نسق القاهرة القديمة، ويستمتعون بكل ما يطمحون له سواء من ناحية العمارة الإسلامية أو وجبات السحور أو الفنون الفلكولورية التراثية كوجبة رمضانية دسمة وأكدت أستاذة الآثار والعمارة الإسلامية بجامعة القاهرة د. آمال أحمد العمري، أن شارع المعز يعد من أفضل الوجهات الرمضانية في مصر، لما يشكله من متحف مفتوح لآثار من أزهي العصور التاريخية، تجمع الأسر ومختلف الأعمار، وتلبي طموحاتهم في التمتع بأجواء تتميز بنكهة تاريخية غير موجودة في العصر الحالي، تكتسب جمالاً فريداً وساحراً بما تم إمدادها به من إضاءات بتصاميم وألوان بديعة؛ مما يشبع لدى الزوار شغف الغوص في عادات الماضي. الفوانيس مطلوبة