سيتجه منتخب كرواتيا إلى موسكو الصيف المقبل، ليشارك للمرة الخامسة في نهائيات كؤوس العالم، بعد أن سلك طريقه إلى نهائيات روسيا من خلال التصفيات الأوروبية، فقد لعبت كرواتيا في المجموعة التاسعة، وهو المنتخب الرسمي للجمهورية البرلمانية الواقعة في شرق أوروبا، وتنقسم كرواتيا لأكثر من 20 مقاطعة إضافة لمدينة زغرب والتي تعتبر هي عاصمة كرواتيا الرسمية، ولا يتجاوز عدد سكان كرواتيا نصف مليون نسمة، وتعتبر من الدول المتوسطة أوروبياً، واشتق اسم كرواتيا من اللغة السلافية وهي مجموعات لغات اشترك بها عدد من شعوب أوروبا الشرقية والبلقان، والكلمة تعود أصولها إلى اللغة القوطية وهي لغة جرمانية باتت اليوم منقرضة في العالم، وتمتاز كرواتيا التي لا يوجد معنى واضح لسبب تسميتها بهذا الاسم، بمناخها المعتدل وطبيعتها الآخذة التي باتت هدفاً يقصده الكثير من السياح حول العالم. بداية كرة القدم لا صوت يعلو فوق كرة القدم في كرواتيا، فهي اللعبة الشعبية والأقدم تاريخياً في الدولة، وقد ابتدأت الكرة حياتها في الملاعب الكرواتية مع أواخر القرن ال19، وذلك عن طريق الكاتب الصحافي كان فرانجو يوغار، والذي ولد لأم كرواتية وأب سلوفيني، ورغم أنه تلقى تعليمه في جانب الأدب واللغة، إلا أن كرة القدم استهوته كثيراً فاتجه للكتابة عنها كثيراً منتفعاً ببلاغة قلمه ووضوح مفردته، واختار فيما بعد أن ينشر هذه اللعبة في أرجاء بلاده، لتكون متنفس الشباب من أبناء جلدته، ومتسعاً لنشر مواهبهم وإمكاناتهم الخاصة، فجاءت كرة القدم في كرواتيا تسبق الكثير من الدول الأوروبية حول العالم كبداية ممارسة اللعبة، وقد ساعد يوغار على تحويل فكرته إلى واقع هو وجود عدد من البريطانيين الذين يعملون في مشروعات صناعية، وكانوا عوناً له في نشر ثقافة اللعبة الجديدة في البلاد، وذلك في العام 1873م حيث كانت بدايات الكرة في كرواتيا لكن دون وجود أندية رياضية ولا قوانين واضحة. يوغار المؤسس كان فرانجو يوغار مجتهداً في نشر اللعبة في وطنه كرواتيا، واختار أن يبدأ في تأسيس أندية رياضية، تكون هي المكان الرئيس لهؤلاء الشبان في ممارسة هواياتهم ورياضتهم بكرة القدم، وعند حلول العام 1907م تمت الحركة الرياضية تتسم بقالب الرسمية، فأصبحت هناك قوانين رياضية واضحة، وبدأت فكرة تأسيس الأندية تظهر على السطح، وفي العام 1911م تم تأسيس أول أندية كرواتيا، واختير له اسم نادي المواطنين وذلك لكونه قام على أكتاف مواطنين كرواتيين فقط، ولعب النادي دوراً بارزاً في نشر اللعبة في البلاد، وكان سبباً في استقدام الكثير من الشبان إلى ممارسة اللعبة، وفي العام 1945م تم حل النادي وإقفاله، وفي ذات العام شهدت كرة القدم الكرواتية تأسيس فريق دينامو زغرب، والذي أصبح فيما بعد هو سفير الكرة الكرواتية خارجياً، وأحد أبرز الأندية التي تحمل لواء كرواتيا في المحافل القارية والعالمية، لقد بات دينامو زغرب الأكثر تتويجاً بلقب الدوري المحلي، وذلك بعد أن حققه 11 مرة، فيما شارك كثيراً في بطولة دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي. الحركة الرياضية تتنامى من أوائل الأندية التي تأسست في كرة القدم الكرواتية، هو نادي زغرب الذي سمي نسبة إلى العاصمة الكرواتية، وتم تأسيسه في العام 1908م ويعتبر من أقدم أندية كرواتيا، كما يعتبر فريق هايدوك سبليت من أوائل الأندية الكرواتية حيث تم تأسيسه في العام 1911م ، وقد سبقهما في التأسيس فريق زرينجسكي موستار، حيث قامت أعمدة النادي وتأسست على يد شبان كرواتيين في العام 1905م، وذلك في مدينة موستار، وكان موطن النادي في دولة البوسنة والهرسك، وبعد بدايات الحرب العالمية الثانية التحق الفريق البوسني بالأندية الكرواتية، وانضم إلى الدوي الكرواتي بشكل رسمي. تأسيس الاتحاد في ظل ارتفاع الاهتمام بكرة القدم في كرواتيا، أصبح منتظراً أن يتم تأسيس اتحاد كرواتي لكرة القدم، وهو ما حدث بحلول العام 1909م، حيث أعلنت ولادة الاتحاد الكرواتي لكرة القدم، ليكون هو المرجع الرئيس لأندية الدوري الكرواتي، ويعتبر ميلوفان زوريتش أول رؤساء الاتحاد الكرواتي، ومن ضمن الأعضاء المؤسسين للاتحاد الذي التحق تحت مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم في العام 1992م وفي ذات العام التحق كذلك تحت مظلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ويعتبر تاريخ التحاق الاتحاد الكرواتي بالاتحادين الدولي والأوروبي متأخراً جداً، على خلاف سبقه في بدء مزاولة الرياضة، ويعود سبب ذلك في كون كرواتيا كانت جزءاً من اتحاد الجمهوريات الست، قبل أن يتم تفككها سياسياً ليتجه الكرواتيون إلى اعتماد اتحادهم المحلي لدى الفيفا كاتحاد مستقل. منتخب كرواتي تفكك الجمهوريات الست والذي نتج عنه استقلالية كرواتيا، كان سبباً رئيساً في إيجاد اتحاد رياضي مستقل، وسبباً في دخول المنتخب الكرواتي إلى البطولات العالمية والقارية، فلم يكن قبل هذا العام يشارك أو يوجد في كؤوس العالم أو بطولة الأمم الأوروبية، رغم أن المنتخب تأسس في وقت باكر، وذلك في حدود العام 1919م لكنه كان يلعب تحت مظلة جمهورية يوغسلافيا الاشتراكية، والتي تضم تحتها ست دول كانت كرواتيا واحدة منها، وظل المنتخب الكرواتي يلعب تحت اسم الجمهورية اليوغسلافية طوال هذه المدة الزمنية، وكان المنتخب اليوغسلافي يستعين بعدد من اللاعبين الكرواتيين في البطولات العالمية، مثل كؤوس العالم وكأس أمم أوروبا والتي شهدت حضور ووجد لاعبين كرواتيين لكن بقمصان المنتخب اليوغسلافي. منتخب جديد بعد أن استقلت كرواتيا عن يوغسلافيا في العام 1991م، لعب منتخب كرواتيا أول مبارياته الدولية الودية، وذلك حين استضاف منتخب الولاياتالمتحدة الأميركية في زغرب، وتم تمويل هذه المباراة من قبل رجل أعمال كرواتي يدعى جوري كلاري، قام بدفع مبلغ وقدره 90 ألف دولار أميركي، مقابل أن تحضر بعثة المنتخب الأميركي لملاقاة كرواتيا ودياً، واستطاع منتخب كرواتيا أن يهزم المنتخب الأميركي 2/1 ، وذلك أمام مشهد 30 ألف متفرج كرواتي حضروا المباراة، ويعتبر ستانكو بوكليبوفيتش أول مدرب يتسلم قيادة المنتخب الكرواتي بشكل رسمي بعد استقلاله، وتم تعين مدرب للمنتخب وأشرف على المنتخب في جولته في إستراليا وخوضه لثلاث مباريات هناك، وبعد ذلك تم تعين فلاتكو ماركوفيتش والذي فشل في أن يصل بمنتخب كرواتيا إلى نهائيات كأس العالم في أميركا 1994م. عصر ذهبي بعد أن فشلت كرواتيا في الوصول إلى نهائيات كأس العالم في العام 1994م، قرر الاتحاد الكرواتي تعين ميروسلاف بلازيفيتش مدرباً للمنتخب، لتبدأ حقبة جديدة من الإنجازات للكرة الكرواتية، فاستطاع في العام 1996 أن يقود منتخب بلاده إلى نهائيات أمم أوروبا لأول مرة، ولم يقتصر حضور كرواتيا على مجرد المشاركة في هذه البطولة، بل تحولت إلى الحصان الأسود واستطاعت أن تعبر دور المجموعات وتحقق مفاجأة البطولة، وفي دور ربع نهائي البطولة وقفت خصماً عنيفاً أمام ألمانيا، وخسرت بصعوبة 2/1 لتغلق مشوارها في البطولة الأوروبية، ولكن ذلك لم يحبط عزيمة المنتخب الكرواتي الذي تأهل للمرة الأولى كذلك إلى نهائيات كأس العالم 1998م بفرنسا، واستطاعت أن تنتصر في مباراتين وتخسر واحدة، لتتأهل إلى دور ال16 من البطولة والذي استطاعت من خلاله أن تهزم رومانيا 1/0، وتضرب موعداً جديداً مع ألمانيا في ربع النهائي، واستطاع المنتخب الكرواتي أن يسدد دين البطولة الأوروبية ويلحق بمنتخب ألمانيا هزيمة تاريخية 3/0 ويعبر إلى نصف النهائي، وأمام المنتخب المستضيف تقدمت كرواتيا لكنها خسرت في نهاية المطاف 2/1، واستطاعت في مواجهة هولندا لتحديد المركز الثالث والرابع، أن تنتصر على الطواحين 2/1 لتتوج نفسها بميداليات المركز الثالث في أول ظهور كرواتي. انتكاسة كرواتية بعد أن قدم منتخب كرواتيا مستويات مميزة في بطولتي كأس أمم أوروبا 1996، ونهائيات كأس العالم 1998م، قرر بلازيفيتش أن يترجل عن منصبه ويغادر مقعده كمدرب لمنتخب كرواتيا، وذلك في العام 2000م، لتبدأ الكرة الكرواتية في التراجع الفني، فرغم أن كرواتيا صعدت إلى نهائيات كأس العالم 2002، إلا أن مشاركتها توقفت عند دور المجموعات بعد أن خسرت في مباراتين، وفي بطولة أمم أوروبا 2004 قدمت كرواتيا مشاركة مخيبة للآمال، تشبه إلى حدٍ كبير حضورها في المونديال الآسيوي، فقد غادرت من دور المجموعات، بعد ذلك قرر الاتحاد الكرواتي أن يسند مهمة قيادة المنتخب إلى المدرب زلاتكو كرانجوار، والذي نجح في الوصول بمنتخب كرواتيا إلى نهائيات كأس العالم 2006 دون أي خسارة، لتعطي كثيراً من التفاؤل للكرواتيين في حضور مشرف في نهائيات كأس العالم، لكن الأمور جاءت مختلفة بشكل معاكس، وفشلت كرواتيا من تحقيق أي انتصار في هذه البطولة وغادرت من دور المجموعات. بيليتش يعبر بكرواتيا بعد الحضور المخيب في نهائيات كأس العالم 2006، قرر الاتحاد الكرواتي تنحية كرانجوار وتعين سلافين بيليتش مكانه، واستطاع أن يتأهل بمنتخب بلاده إلى بطولة أمم أوروبا 2008، متصدرة مجموعته ودون أي خسارة أو تعادل، وفي نهائيات البطولة الأوروبية عبرت كرواتيا دور المجموعات، لكن مسيرتها توقفت في ربع النهائي إذ خسرت أمام تركيا بركلات الترجيح، وفشلت كرواتيا من الوصول إلى نهائيات كأس العالم 2010م في أفريقيا، واحتلت المرتبة الثالثة في مجموعتها بالتصفيات التمهيدية، ورغم أنها وجدت في بطولة أمم أوروبا 2012 إلا أن وجودها اقتصر على دور المجموعات فقط، ليواصل منتخب كرواتيا حضوره المخجل، ليعلن بيليتش رحيله عن تدريب منتخب كرواتيا. انتكاسة جديدة لم ينجح إيجور ستيمانش الذي تولى الإدارة الفنية لمنتخب كرواتيا، في إقناع الشارع الرياضي الكرواتي فيما يقدمه من مستويات مع منتخب بلاده، واضطر بعد ذلك إلى إعلان استقالته والرحيل، وقرر اتحاد الكرة تعين مواطنه نيكو كوفاتش، والذي قاد منتخب بلاده إلى التأهل من خلال الملحق الأوروبي على حساب منتخب أيسلندا، وفي نهائيات كأس العالم بالبرازيل 2014، قدمت كرواتيا أداءً جيداً لكن النتائج جاءت سيئة، إذ غادر المنتخب الكرواتي من دور المجموعات، وفي بطولة أمم أوروبا 2016 تأهلت كرواتيا بصدارة مجموعتها إلى دور ال16، لكنها غادرت على يد البرتغال بعد أن خسرت 1/0. زلاتكو يقود لم يكن الأداء الذي يقدمه منتخب كرواتيا في تصفيات أوروبا المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2018 أداءً مقنعاً بالنسبة للكثير من الرياضيين في كرواتيا، مما جعل اتحاد الكرة يقرر إقالة المدير الفني أنتي شاشيتش وذلك قبل يومين من المباراة الأخيرة أمام أوكرانيا، وتعين الكرواتي زلاتكو داليتش، والذي استطاع أن يقود كرواتيا لهزيمة أوكرانيا والتأهل إلى الملحق الأوروبي، ومن خلال الملحق الأوروبي استطاعت كرواتيا تحت قيادة زلاتكو أن تسحق اليونان 4/1 لتتأهل رسمياً إلى نهائيات مونديال روسيا، والتي يأمل من خلالها جماهير كرواتيا أن يقدم منتخبهم الوطني بقيادة لاعب الوسط لوكا مودريتش أداءً مميزاً. زلاتكو قاد كرواتيا لنهائيات مونديال روسيا ستانكو بوكليبوفيتش أول مدربي منتخب كرواتيا كرواتيا لم تظهر بشكل جيد في مونديال البرازيل مودريتش.. موسيقار وسط كرواتيا