الأرجنتين، أول منتخبات المجموعة الرابعة لمونديال كأس العالم صيف 2018، والأرجنتين اسم مشتق من كلمة أرجنتيوم في اللغة اللاتينية والتي يقصد بها الفضة، وعلى الرغم من هذه التسمية إلا أن الأرجنتين خالية من وجود الفضة على الإطلاق، لكن شائعات انتشرت قديماً تدعي أن جبالها تحتوي على الكثير من الفضة، كانت سبباً في قدوم الغزاة الإسبان إليها، هي السبب الرئيس في إطلاق هذه التسمية على أرض الأرجنتين، التي استخدمت لها هذه التسمية لأول مرة في العام 1826م وأضيف إليها كلمة جمهورية الأرجنتين وأمة الأرجنتين. كرة القدم ابتدأت في أزقة بوينس آيرس قديماً، وكان فضل البدايات الكروية يعود كذلك للبريطانيين، الذين عبروا البحار والمحيطات مرتحلين من أوطانهم في أوروبا، إلى حيث الأرجنتين ثامن أكبر دول العالم مساحةً، وفوق هذه المساحة الواسعة رموا بالساحرة المستديرة لتبصر النور، وتبدأ قصة جديدة وفصلاً آخر أضاف لكرة القدم الكثير من الجمالية والروعة، ونسج عدد من نجومه تاريخاً كبيراً بتحقيق الألقاب والإنجازات. تأسيس أول الأندية في العام 1867م، قرر الأخوين البريطانيين توماس وجيمس هوغ، أن يشكلا نادياً رياضياً لممارسة لعبة كرة القدم، فأعلنوا تأسيس ناد كروي في عاصمة الأرجنتين بوينس آيرس، وكان هو أول أندية أميركا تأسيساً وليس الأرجنتين فقط، واستعانوا بنادي العاصمة للكريكت للاستفادة من ملعبهم، وقرر الأخوان إطلاق مسمى نادي بوينس آيرس على ناديهم الجديد، اقتباساً من اسم العاصمة الأرجنتينية، وابتدأت الوفود تصل إلى هذا النادي الجديد لممارسة لعبة كرة القدم، وانضمت فيما بعد إلى باقة الاشتراك السنوية التي يدفعها المشترك لإدارة النادي كاملة، حتى يتمكن من الاستمتاع بعدد من الرياضات المتاحة في النادي كالغولف والكريكت وركوب الخيل وكرة القدم، وذلك مقابل اشتراك سنوي قيمته 30 دولاراً أميركياً. المباراة الأولى في ذات العام الذي شهد تأسيس نادي بوينس آيرس لكرة القدم، كان هو موعد المباراة الأولى فوق ملاعب الأرجنتين، حيث لعبت المباراة بين الفريق الذي تأسس على يد البريطانيين، وبين فريق ضم عدداً من التجار البريطانيين، ونُعت الفريقان باسم فريق القبعات السوداء وفريق القبعات الحمراء، وذلك لكون الفريقان ارتديا قبعات سوداء وحمراء على رؤوسهم، بهدف التمييز بينهما داخل أرضية الملعب، وتشكلت قائمة الفريقين من ثمانية لاعبين فقط، وانتهت المباراة بفوز ساحق لفريق بوينس آيرس بنتيجة 4/0، لتكون هذه المباراة هي أولى مباريات كرة القدم في الملاعب الأرجنتينية. بريطانيون يؤسسون الأندية كان شغف البريطانيين في كرة القدم، داخل الأراضي الأرجنتينية، هو الدافع في أن يتجه هؤلاء إلى تأسيس أندية رياضية رسمية، ويعتبر نادي روساريو سنترال أحد أقدم أندية الأرجنتين تأسساً، حيث تم إنشاؤه في العام 1889، ويعود الفضل بتأسيسه إلى عدد من العمالة البريطانيين الذين كانوا يشتغلون بالسكك الحديدية في الأرجنتين، وفي العام 1901م تأسس نادي ريفربليت بألوانه الحمراء والبيضاء في العاصمة بوينس آيرس، وتأسس نادي أتلتكو أتلانتا في العام 1904م وسمي بهذا الاسم نسبة إلى مدينة أتلانتا في ولاية جورجيا الأميركية والتي تعرضت لزلزال عنيف آنذاك، وفي العام 1905 أبصر نادي بوكاجونيورز العريق النور، وذلك على يد خمسة مهاجرين إيطاليين اجتمعوا لتأسيس هذا النادي العملاق. اتحاد رياضي كانت الحاجة داعية لأن يتأسس اتحاد رياضي، يجمع شمل الأندية الأرجنتينية التي بدأت تبصر النور في ملاعب الكرة، فجاء العام 1893م ليعلن أن كرة القدم الأرجنتينية باتت تخضع لاتحاد رياضي متكامل، وذلك على يد ألكسندر واتسون هوتون، وهو الأسكتلندي الذي رحل إلى بلاد الفضة قديماً بعد أن حصل على الشهادة الجامعية، وكان يمتلك إيماناً عميقاً في أن كرة القدم علم ودراسة ولا بد من تعليمه للشبان في المدارس، فأسس المدرسة الثانوية الإنجليزية في بوينس آيرس، لتعليم الطلاب أساسيات وأسرار هذه الساحرة المستديرة، وجاء بعد ذلك وأسس الاتحاد الأرجنتيني ليمنح الشعب المهوس بكرة القدم، حرية اللعب تحت مظلة رسمية، ويعتبر هوتون الأب الروحي لكرة القدم الأرجنتينية، وانتظر الأرجنتينيون حتى العام 1912م ليندرج اتحادهم تحت مظلة الاتحادات الرسمية للاتحاد الدولي لكرة القدم، فيما انضم إلى اتحاد أميركا الجنوبية العام 1916م. الدوري الأرجنتيني لم يكن من الضروري انتظار اكتمال عقد أندية الأرجنتين كاملة، ليقام أول دوري رسمي في الملاعب الأرجنتينية، فقد لجأ عدد من الأرجنتينيين في العام 1891م إلى تأسيس دوري كرة القدم، وذلك تحت مسمى "بريميرا" ليكون موطن تنافس بين الأندية الأرجنتينية، ولم يستمر الدوري طويلاً حيث اقتصر على عام واحد فقط، وبعد ذلك تم تأسيس دوري الرابطة الأرجنتينية لكرة القدم، والذي استمر حتى هذا اليوم قائماً في إثارة التنافس بين الأندية الأرجنتينية، ويعتمد نظام الدوري في الأرجنتين على بطلين في الموسم الواحد، بحيث يكون للدور الأول بطل منفصل، وللدور الثاني بطل آخر مختلف، فيما تكون حسابات الهبوط والمشاركة في البطولة القارية "ليبرتادوريس"، بشكل تراكمي على مدى 3 مواسم ماضية، قبل أن يتخذ الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم قراراً في إلغاء الحساب التراكمي، وتحويل المنافسة على المقاعد القارية والهبوط إلى تنافس موسمي فقط. نزاع ألوان "حضور سوبر كلاسيكو الأرجنتين هو من ضمن 10 أشياء يجب عليك فعلها قبل أن تموت"، هذه العبارة البليغة تصف مدى قوة التنافس في مباراة سوبر الأرجنتين، والتي تلعب بين فريقي بوكا جونيورز وريفربليت، في ملعبيهما لابومبنيرا ومونومنتال، لم تكن لتوجد أصلاً لولا نزاع وقع بين إدارة الناديين مما أجبرهما على الانفصال عن بعضهما، واتجهت كل إدارة لإنشاء نادٍ جديد، وظل ريفربليت متمسكاً بالألوان الحمراء المقلمة بالأبيض، فيما ظل عدد من أعضاء إدارة البوكا أمام ميناء بوينس آيرس في حيرة من أمرهم، وبمجرد أن شاهدوا سفينة تستقبل سواحل الأرجنتين، وفوقها علم دولة السويد والذي يمزج اللونين الأصفر والأزرق، حتى قرروا أن يضعوا قمصان ناديهم الجديد بألوان هذا العلم. بدايات المنتخب تأسس منتخب الأرجنتين في العام 1893م، والتحق بمظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم في العام 1912م، وخاض منتخب الأرجنتين أول مبارياته الدولية العام 1901م، وذلك أمام منتخب الأوروغواي وانتهت المباراة بفوز أرجنتيني ساحق نتيجته 6/2، ويعتبر أكبر فوز حققه منتخب الأرجنتين كان أمام الإكوادور في العام 1942م، حين انتصرت بنتيجة 12/0، ولم تغب شمس الكرة الأرجنتينية عن الشروق في محافل كأس العالم، منذ أن ابتدأت البطولة في نسختها الأولى، إلا في نسخ محددة أعوام 1938 و1950 و1954 و1970، وبقي منتخب الأرجنتين حاضراً على الدوام في المنافسات العالمية. بطل لأسوء نسخة قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم أن تحتضن ملاعب الأرجنتين، منافسات كأس العالم في العام 1978م وذلك لأول مرة، وفتحت الأرجنتين ستة ملاعب في خمسة مدن أرجنتينية أمام منافسات البطولة، لاستخدامها واللعب على أراضيها، البطولة تم تصنيفها واحدة من أسوء البطولات التي لعبت في تاريخ كؤوس العالم وفق تعبير الصحافي الأرجنتيني ريكاردو كوتا والذي سرد في كتابه "نحن الأبطال" أسباب كون هذه النسخة واحدة من أسوء نسخ كؤوس العالم وقال: "علينا الاعتراف أن تلك النسخة من كؤوس العالم هي الأسوء، بداية باختيار توقيت مباريات المنتخبات، حيث كانت تلعب المباريات في توقيت واحد، بينما منتخب الأرجنتين يلعب وحده ليلاً بعد أن يتعرف على نتائج خصومه، مما يتيح له فرصة اللعب دون ضغوط ومعرفة النتيجة التي تخدمه، كما شهدت النسخة غياب واحد من أبرز لاعبي ذلك العصر وهو الهولندي يوهان كرويف بسبب تلقيه تهديدات بالقتل إذا حضر مع بعثة بلاده للأرجنتين، كما شهدت البطولة حادثة غريبة والتي تمثلت في استبدال حكم المباراة النهائية قبل بدايتها بساعتين وذلك استجابة لضغوطات اتحاد الكرة الأرجنتيني ورئيس الدولة كذلك، ولا يجب أن ننسى كيف تأهلت الأرجنتين على حساب بيرو؟ فقد كانت بحاجة للفوز بأكثر من 4 أهداف لتضمن التأهل، وهزمت البيرو بستة أهداف ولم يكن ذلك بسبب ضعف المنتخب البيروفي وإنما استجابة للاتفاق السياسي الذي عقد بين الدولتين في أن تعطي البيرو المباراة للأرجنتين مقابل الافراج عن عدد من السجناء البيروفيين داخل سجون الأرجنتين". مارادونا يتوج بلاده من رحم هذا المنتخب، ولد دييغو ارماندو مارادونا، أسطورة كرة القدم، وأحد أعظم النجوم الذين عبروا في تاريخ الساحرة المستديرة، كان حضوره الأول مخيباً لآمال الكثير من أبناء شعبه في مونديال إسبانيا في العام 1982م، لكن الأمر اختلف في نهائيات كأس العالم 1986، حيث ظهر مارادونا أكثر نضوجاً من المونديال السابق، وتقدم لاعبي منتخب بلاده دخولاً لملاعب المونديال، متقلداً على يده اليسرى شارة قيادة الأرجنتين، واستطاع فعلياً أن يقود التانغو إلى تحقيق اللقب الثاني بتاريخ الكرة الأرجنتينية، وحقق بفضل أدائه المذهل طوال منافسات البطولة جائزة أفضل لاعب في هذه النسخة، كما سجل هدفاً أدخله التاريخ، وذلك أمام إنجلترا حين استغفل حكم المباراة واستخدم يده لتسجيل الهدف الثاني لمنتخب بلاده، وكان صعوده في مشهد ختام البطولة فوق المنصة واستلام لقب الكأس، هو صعود بجدارة واستحقاق بعد أن قدم كل شيء في ملاعب المكسيك ليمنح بلاده اللقب الثاني عالمياً. ثاني الأبطال لا شك أن الأرجنتين واحدة من أعرق منتخبات قارة أميركا الجنوبية، فقد استطاعت أن تصنع لنفسها اسماً كبيراً في منافسات البطولات العالمية والقارية كذلك، ففي بطولة كوبا أميركا التي تقام على مستوى القارة الأميركية الجنوبية، تعتبر الأرجنتين ثاني أكثر المنتخبات تحقيقاً للقب، حيث توجت نفسها بطلاً لكوبا أميركا 14 مرة، فيما تتصدر الأوروغواي قائمة الأكثر تتويجاً ب15 بطولة، ولم تحقق الأرجنتين اللقب منذ تتويجها في العام 1993م. ميسي واللقب يعتبر قائد الأرجنتين الحالي ليونيل ميسي، واحداً من أبرز النجوم الذين ولدوا من الكرة الأرجنتينية، كان قريباً من التتويج بلقب كأس العالم مع بلاده في نهائيات كاس العالم 2014، لكن هدفاً قاتلاً سجله الألماني ماريو غوتزه في شباك الأرجنتين، هدم كل أحلام ميسي في حصوله على لقب المونديال، وسيخوض نهائيات مونديال روسيا الصيف المقبل، وقد بلغ عامه ال30 مما يعني أن حظوظه بالوجود في نهائيات كأس العالم 2022 تبدو ضعيفة بعض الشيء، حيث سيكون حينها قد بلغ من العمر 34 عاماً، ولو شارك في تلك النسخة فمع تقدمه بالعمر لن يكون قادراً على حمل منتخب بلاده فوق عاتقه مثلما يفعل في قميص برشلونة، لذلك يعتبر مونديال روسيا هو الفرصة الأخيرة أمام ميسي ليتوج بلقب كأس العالم، ستدخل الأرجنتين هذه النهائيات بعد أن تأهلت بشق الأنفس من التصفيات التمهيدية، وتحت قيادة المدير الفني خورخي سامبولي لا يبدو موقف الأرجنتين واضح المعالم، في وقت مازال سامبولي يبحث عن طريقة لعب تتناسب مع إمكانات لاعبي منتخب بلاده، لذلك فإن الأرجنتين التي قدمت أداءً باهتاً مع سامبولي في التصفيات التمهيدية، قد تغادر روسيا مبكراً إلا إن كان لميسي كلمة أخرى، فإن مسيرة الأرجنتين ستختلف في البطولة المقبلة، وقد تعود للظهور في نهائي المونديال الروسي. لاعبو روساريو محتفلين بتحقيقهم أول بطولة في العام 1913 التانغو يبحث عن اللقب الثالث له بوكاجونيورز.. أعرق أندية الأرجنتين لابومبنيرا.. أكثر الملاعب صخباً حول العالم يد مارادونا تخدع العالم