استطاعت فرنسا أن تظفر بشرف استضافة النسخة ال 16، من نهائيات كأس العالم عام 1998، بعدما احتدم الصراع بينها وبين المغرب، عقب انسحاب سويسرا من السباق على الاستضافة، ليعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم أن هذه النسخة ستنطلق من باريس بناء على تفوق فرنسا بعدد الأصوات على الملف المغربي ( 12 صوتا)، مقابل سبعة للمغرب. قرر "الفيفا" رفع عدد المنتخبات المشاركة في هذه النسخة، من 24 إلى 32 منتخباً في مونديال فرنسا، وعلى أثر ذلك منح قارتي آسيا وأفريقيا زيادة عددية في مقاعدهم المؤهلة لهم من التصفيات دونما أن تمس المقاعد السابقة للقارة الأوروبية، وبفضل هذه التغيرات شهدت البطولة مشاركة اليابان لأول مرة بتاريخ منتخب "الساموراي" وكذلك المنتخبين الأفريقيين جامايكا وجنوب أفريقيا فيما شارك من أوروبا للمرة الأولى كرواتيا. تأهلت فرنسا باعتبارها البلد المستضيف، وضمنت البرازيل مشاركتها لكونها آخر أبطال كأس العالم، وبقيت المقاعد ال30 متاحة أمام المنتخبات العالمية للتنافس عليها، وعن قارة آسيا واصل المنتخب السعودي للمرة الثانية على التوالي، إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية وإيران، ومن أفريقيا جاءت تونس والمغرب والكاميرون وجنوب أفريقيا ونيجيريا، ومثل قارة أمريكا الجنوبية الأرجنتين وتشيلي وباراغواي وكولومبيا، ومن جارتها الشمالية جاءت المكسيك والولايات المتحدة الأمريكيةوجامايكا، ومن أوروبا حضرت منتخبات النرويج واسكتلندا وإيطاليا والنمسا والدانمارك وإسبانيا وبلغاريا وهولندا وبلجيكا وألمانيا ويوغوسلافيا ورومانيا وإنجلترا وكرواتيا. حضور ضعيف ل"الأخضر" المنتخبات المتأهلة وزعت على ثماني مجموعات بواقع أربعة منتخبات لكل مجموعة، وجاء المنتخب السعودي في المجموعة الثالثة مع الدانماركوفرنسا وجنوب أفريقيا، وخسر مباراته الأولى أمام الدانمارك 1-صفر، وفي المباراة الثانية واجه المنتخب المستضيف الذي ألحق ب"الأخضر" هزيمة تاريخية 4-صفر في مباراة كانت فرنسية طوال مجريات المباراة، وقد شهدت طرد لاعب وسط فرنسا زين الدين زيدان بالبطاقة الحمراء بعد مخاشنة لاعب وسط المنتخب السعودي فؤاد أنور، كما طرد مدافع السعودية الراحل محمد الخليوي، وفي المباراة الثالثة كان قريباً من فوز تاريخي على جنوب أفريقيا، على الرغم من أنها مجرد مباراة تحصيل حاصل، ولكن حُرم "الأخضر" من تحقيق أول انتصاراته في نهائيات كأس العالم بسبب ركلة الجزاء التي احتسبت للمنتخب الأفريقي في دقائق المباراة الأخيرة ، كانت سبباً في التعادل 2-2. مشوار المنتخب السعودي انتهى من دور المجموعات، ولم يحقق فيه إلا نقطة وحيدة بعدما خسر مباراتين، وتأهلت فرنسا أولاً عن هذه المجموعة ورافقتها الدانمارك، وعن المجموعة الأولى تأهلت البرازيلوالنرويج، وانفردت إيطاليا بصدارة المجموعة الثانية ورافقها بالتأهل منتخب تشيلي، وفي رابع المجموعات حققت نيجيريا مفاجأة البطولة بعد أن تأهلت متصدرةً المجموعة ورافقتها باراغواي، وتأهلت هولنداوالمكسيك عن المجموعة الخامسة، ومن سادس المجموعات تأهلت ألمانيا ويوغوسلافيا، وتأهلت رومانيا بعد صدارتها لمجموعتها السابعة إضافة لإنجلترا، واستطاعت الأرجنتين أن تتأهل بصدارة ثامن المجموعات إضافة لمنتخب كرواتيا. تونس تغادر بنقطة المنتخبات العربية لم تكن أفضل حالاً من المنتخب السعودي، فتونس غادر المونديال من الأدوار التمهيدية برصيده نقطة وحيدة، فيما كان المغرب قريباً من العبور إلى دور ال16 ، وكان ينتظر من البرازيل هزيمة النرويج في الجولة الأخيرة ، وهي النتيجة المنتظرة والمتوقعة، إلا أن مفاجأة حققها منتخب النرويج غير من خلالها حسابات التأهل، إذ استطاع أن يقلب تأخره بالنتيجة إلى انتصار 2-1 في الدقائق العشر الأخيرة، وهي النتيجة التي فتحت باب الشبهة حول نزاهتها، وجعلت المنتخب المغربي يدعي تعرضه لمؤامرة ثنائية رمت به خارج المونديال الفرنسي. البرازيل التي سقطت أمام النرويج في آخر الجولات، حققت انتصاراً ساحقاً أمام تشيلي في دور ال16 بنتيجة 4-1 لتتأهل إلى ربع النهائي، وانتهت مغامرة نيجيريا عند هذا الدور بخسارتها أمام الدانمارك 4-1، واستطاعت هولندا أن تتجاوز يوغوسلافيا 2-1، وبعد مباراة ماراثونية شهدت ثلاثة أهداف في أول ربع ساعة، استطاعت الأرجنتين أن تسقط إنجلترا بركلات الترجيح وتتأهل إلى ربع النهائي، وتأهلت إيطاليا على حساب النرويج بعد فوزها 1-صفر ، وانتصرت كرواتيا على رومانيا 1-صفر. وحبست أنفاس الفرنسيين أمام منتخب باراغواي، واضطروا إلى اللجوء نحو الأشواط الإضافية، وبفضل النظام الجديد في هذه البطولة الذي استحدث نظام الهدف الذهبي، تنفست فرنسا الصعداء بعدما سجل لوران بلان هدف الفوز عند الدقيقة 113 من زمن المباراة ليعبر بمنتخب بلاده إلى الربع النهائي. فرنسا تواصل العبور في ربع النهائي واصلت فرنسا عروضها المتواضعة، وتأهلت بصعوبة أمام إيطاليا بفضل ركلات الترجيح، بخلاف منتخب كرواتيا الذي هزم ألمانيا 3-صفر، فيما سقطت الأرجنتين أمام هولندا 2-1 بعد أن خطف الهولندي دينس بيركامب هدف الفوز قبل دقيقة من نهاية المباراة، وبعد مباراة تنافسية استطاعت البرازيل أن تعبر إلى نصف النهائي بعد تغلبها على الدانمارك 3-2. قبل المباراة النهائية التقت البرازيلوهولندا وعلى الرغم من أن المواجهة كانت تسير باتجاه "السامبا"، إلا أن باتريك كلايفيرت أعاد الطواحين الهولندية للمباراة بعد تسجيله هدف التعادل في الدقائق الأخيرة من المباراة، لتنجح البرازيل بعد من التأهل للمباراة النهائية من خلال ركلات الترجيح، إذ أضاعت هولندا آخر ركلتي لها، فيما قاد قلب دفاع فرنسا ليليان تورام بلاده للمباراة النهائية، إذ تحول إلى هداف استطاع أن يصل شباك منتخب كرواتيا مرتين في المباراة التي انتهت 2-1 للديوك الفرنسية. هزيمة مذلة للبرازيل في الضاحية الشمالية من العاصمة الفرنسية باريس، أقيم النهائي الكروي فوق عشب ملعب فرنسا، المعروف باسم "ستاد دو فرانس"، انطلقت البرازيل التي تخوض المونديال بجيل يغلب عليه الشباب، أمام المنتخب المستضيف الذي يبحث عن إنجازه الأول، وبعد نصف ساعة من بداية المباراة سجل زين الدين زيدان لفرنسا الهدف الأول، وقبل أن ينتهي الشوط الأول أضاف الهدف الثاني، واستمر تقدم المنتخب الفرنسي 2-صفر حتى الدقائق الأخيرة فقد استطاع إيمانويل بوتي أن يعزز التقدم بهدف ثالث، كان هو تأكيد على أن فرنسا هي بطل النسخة ال16 من كؤوس العالم. بانتصار فرنسا وتحقيقها لقب المونديال فوق أراضيها، احتفظت بكونها آخر منتخب يستضيف البطولة ويحقق اللقب حتى الآن، فقد فشلت بعدها كوريا واليابان وألمانيا وجنوب أفريقيا والبرازيل من تكرار ما حققتها، وقد كانت الأوروغواي أول المنتخبات تحقق هذا الانجاز حين استضافت النسخة الأولى من كؤوس العالم وحققتها وتبعتها في ذلك إيطاليا وإنجلترا وألمانيا الغربية والأرجنتين. رقم تهديفي كبير شهدت البطولة تسجيل 171 هدفاً، وهو الرقم الأعلى في تاريخ مسابقات كؤوس العالم آنذاك، وتعود غزارة الأهداف بسبب زيادة أعداد المنتخبات المشاركة، واستطاع الكرواتي دافور شوكر أن يحقق لقب هداف البطولة بستة أهداف، فيما جاء الأرجنتيني غابرييل باتستوتا والإيطالي كريستيان فيري ثانياً بخمسة أهداف لكل منهما، وحل البرازيلي رونالدو والتشيلي مارتشيلو سالاس بالمرتبة الثالثة بأربعة أهداف بالتساوي مع المكسيكي لويس هيرنانديز، وجاء السعوديان سامي الجابر ويوسف الثنيان مع قائمة الهدافين الإجمالية للبطولة بتسجيلهما هدفاً لكل منهما. لقد كان ظهور الإنجليزي ديفيد بيكهام مخيباً للآمال في هذه البطولة، ففي الوقت الذي كانت الجماهير البريطانية تعول عليه الكثير، إلا أنه خيب آمالهم ولم يكن لاعب حسم في البطولة، وأمام الأرجنتين في ثمن النهائي حصل على بطاقة حمراء، كانت واحدة من الأسباب التي أخرجت إنجلترا من البطولة، وعلى النقيض تماماً كان الفرنسي زين الدين زيدان، حاضراً بكل إمكانياته الفنية الفردية، واستطاع أن يؤثر في مسيرة منتخب بلاده أثناء البطولة، وظهر في الكثير من لحظات الحسم، كان أهمها المباراة النهائية بتسجيله هدفين وتحقيق أول لقب عالمي لبلاده. الصافرة العربية كانت حاضرة في هذه البطولة ، فكان الحكم السعودي عبدالرحمن الزيد حاضراً في هذه النسخة، وسجل لنفسه حضوراً في المباراة النهائية كحكم رابع، فيما قاد النهائي كحكم ساحة المغربي سعيد بلقولة الذي دخل التاريخ كأول حكم عربي يقود نهائي كأس العالم، إضافة لوجود الإماراتي علي بوجسيم لقيادة مباراة نصف النهائي بين البرازيلوهولندا وكان الزيد حكماً رابعاً له في هذه المباراة. زيدان يسدد كرة رأسية في شباك منتخب «السامبا» الحكم يشهر الكارت الأحمر بوجه بيكهام مدافع فرنسا تورام تحول إلى هداف حسرة على نجوم منتخب البرازيل بعد خسارة اللقب