كأس العالم بنسخته العاشرة يتجه إلى ألمانيا الغربية، حيث قرر اتحاد كرة القدم الدولي، أن تكون "بون" هي عاصمة كرة القدم في نسخة العام 1974م، ألمانيا الغربية استندت على إسبانيا في إعانتها على استضافة المونديال، إذ عقدت الدولتان اتفاقاً ودياً في أن تكون إسبانيا عوناً لألمانيا على استضافة المونديال، على أن ترد ألمانيا لها الفضل في العام 1982، وتعينها على استضافة مونديال تلك النسخة، تأهبت ألمانيا لاستضافة الحدث الكروي، وأتاحت تسع مدن بملاعبها الكروية لتستضيف المنتخبات المشاركة في كأس العالم العاشرة. لن تكون كأس "جول ريميه" حاضرة في هذه النسخة، فالكأس الأصلية باتت في خزائن اتحاد كرة القدم البرازيلي، بعد أن توج المنتخب البرازيلي الأول بالبطولة للمرة الثالثة على التوالي، بات من حقه أن يحتفظ بالنسخة الأصلية من الكأس، لذلك اتجه اتحاد الكرة الدولي إلى تصميم كأس جديدة، نفذها النحات الإيطالي سيلفيو غازانيغا بطول يبلغ 36 سم، ووزن 4.97 كيلو جرام، مصنوع من ذهب عيار 18 قيراط، وأتاح فرصة كتابة اسم المنتخب المتوج باللقب في أسفله على قاعدته الذهبية، وأطلق على الكأس اسم (بطولة الفيفا). البطولة العالمية، استبقها حدثٌ فريد من نوعه، فقد انتزع البرازيلي جواو هافيلانج رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، من القارة الأوروبية بعد أن ترأستها مدة 13 عاماً، ممثلة برئاسة الإنجليزي ستانلي روس، وينسب بعض الرياضيين للبرازيلي المتوفى العام 2016، الكثير من الفضل في تطوير لعبة كرة القدم، حيث حولها إلى صناعة عالمية تدر الملايين على خزائن الاتحادات الرياضية والأندية المحلية، فيما يراه آخرون كان وجهاً من أوجه الفساد في كرة القدم، وجنى على اللعبة بالكثير من الشبهات والشكوك، وهو الأمر الذي تؤكده محكمة سويسرية وجهت إليه الاتهام في العام 2012 بحصوله على رشاوى وأموال مشبوهة من شركات تسويق رياضية، ويعتبر هافيلانج الرئيس الفخري لاتحاد اللعبة الدولي. البطولة التي وصل إليها 16 منتخباً، قرر اتحاد اللعبة الدولي أن يقسمهم إلى أربع مجموعات، على أن يتأهل الأول والثاني من كل مجموعة، ثم تلعب المنتخبات المتأهلة في مجموعتين، يتأهل صاحب المركز الأول عن كل مجموعة للمباراة النهائية، وهو النظام الجديد الذي يطبق للمرة الأولى في كؤوس العالم. المجموعة الأولى ضمت إلى جانب المستضيف ألمانيا الغربية، جارتها ألمانياالشرقيةوتشيلي وأستراليا، فيما جاءت المجموعة الثانية بمنتخبات البرازيل ويوغوسلافيا وأسكتلندا وزائير ( منتخب جمهورية الكونغو)، وفي المجموعة الثالثة جاءت الأوروغواي مع هولندا والسويد وبلغاريا، وجاءت الأرجنتين في المجموعة الرابعة مع بولندا وإيطاليا وهايتي. وفي دور المجموعات الأولية، تعتبر مباراة الألمانيتين الغربية والشرقية، واحدة من الأحداث النادرة على صعيد كرة القدم، ففي الجولة الثالثة كان موعد المواجهة التي غادر لأجلها نحو 1500 مشجع من برلين إلى هامبورغ، وظلت أفواج عسكرية ترافقهم طوال مسيرتهم خشية أن يحدث احتكاك فيما بينهم وبين جماهير ألمانيا الغربية، وعلى الرغم من أن الألمان الغربيين قد ضمنوا التأهل إلى الدور الثاني، إلا أن الفوز بهذه المباراة كان يعني لهم الكثير، لذلك حاول المنتخب الذي يقوده فنياً هيلموت شون أن يكون صاحب هدف السبق في المباراة، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل ودونما أي نتيجة تذكر. القيصر فرانز بيكنباور قدم واحدة من أفضل مبارياته التاريخية، وكان قائد كل الهجمات التي تشنها ألمانيا الغربية على جارتها الشرقية، لكن دونما أي نتيجة تذكر في ظل استمرار التعادل السلبي على شاشة الملعب، كرر المنتخب المستضيف سناريو الهجمات كثيراً على شباك الشرقيين، لكن دون أن يستطيعوا الوصول إليها، وقبل أن تلفظ المباراة أنفاسها الأخيرة بعشر دقائق، استطاع يورغن سبارفاسر أن يخطف هدف التقدم لبلاده على حساب المنتخب المستضيف، وهي النتيجة التي انتهت بها المباراة 1 – صفر لتحقق ألمانياالشرقية فوزاً تاريخياً على جارتها الغربية، وسط حضور 60 ألف متفرج. وبفضل هذا الانتصار التاريخي لألمانياالشرقية، خطفت صدارة المجموعة الأولى واتجهت إلى مجموعة صعبة للغاية، حيث وقعت إلى جانب البرازيلوالأرجنتينوهولندا، لتصبح حظوظها معقدة في الوصول إلى النهائي، فيما انتفعت ألمانيا الغربية من خسارتها، وانتقلت إلى مجموعة أقل صعوبة ضمت إلى جوارها بولندا والسويد ويوغسلافيا. ألمانيا الغربية لم تخسر أو تتعادل في أي مواجهة من مواجهات دور المجموعات النهائية، حيث جمعت النقاط كاملة التي أهلتها للوصول إلى نهائي المونديال، فيما اكتسحت هولندا المجموعة الثانية، وطارت لتضرب موعداً مع المنتخب المستضيف في نهائي البطولة، في وقت التقت البرازيل وبولندا على مباراة المركز الثالث والرابع، وانتصرت البرازيل 1 – صفر لتحتل المركز الثالث. النهائي الذي احتشد لحضوره نحو 80 ألف مشجع، جمع المنتخب المستضيف ألمانيا الغربية وهولندا، لم يترك فيه الحكم الإنجليزي جاك تايلور مجالاً للهدوء وامتصاص الحماس، فعند الدقيقة الثانية من زمن المباراة، احتسبت الصافرة الإنجليزية ركلة جزاء لهولندا وهي الأولى بتاريخ نهائيات كأس العالم، سجل منها يوهان نيسكنس هدف السبق لبلاده، ولم تمضِ نصف ساعة حتى أطلق تايلور صافرته، ويده تشير إلى نقطة جزاء مرمى هولندا، ركلة جزاء أخرى ولكنها من نصيب منتخب ألمانيا، بول بريتنز يتقدم لتنفيذها وينجح من إدراك التعادل لبلاده، وقبل أن ينتهي الشوط الأول، استطاع الهداف الألماني جيرد مولر أن يسجل الهدف الثاني لبلاده، لتنتهي المباراة على نتيجة الشوط الأول 2 – 1 لألمانيا التي توجت بطلاً لكأس العالم للمرة الثانية في تاريخها. البطولة التي ابتدأت في ألمانيا الغربية، كانت هي الأولى التي تلعب بعد أن أعلن نجم البرازيل بيليه اعتزاله قميص السامبا، لذلك اعتقد الكثير من الرياضيين أنها ستلعب دون أسماء أو مواهب تضفي لكرة القدم الكثير، لكن هذه الاعتقادات تبددت أمام الإمكانات الكبيرة التي أظهرها نجم هولندا يوهان كرويف، صاحب عقلية لعب كرة القدم الشاملة، واستطاع كرويف أن يشكل رقماً صعباً مع هولندا، ويقود الطواحين إلى نهائيات كأس المونديال، لكن دون أن يمنحهم فرصة التتويج باللقب. توهج كرويف وأداؤه المميز، اصطدم في المباراة النهائية بمنتخب قوي، ويملك لاعباً فذاً يعتبر من البارزين في هذه النسخة، قيصر الوسط فرانز بيكنباور قدم مستوى كبيراً مع ألمانيا، وأحدث نقلة هائلة في خانة (الليبرو)، واستطاع تشكيل قوة فنية لمنتخب بلاده، وكان سبباً مؤثراً في تتويح ألمانيا بلقب البطولة. شهدت البطولة تسجيل 97 هدفاً، لمنتخب بولندا نصيب الأسد منها بواقع 16 هدفاً، فيما سجلت هولندا 15 هدفاً، وسجل بطل النسخة 12 هدفاً فقط، فيما لم يستطع مهاجمو منتخب زائير وأستراليا تسجيل أي هدف، البولندي غجيغوج لاتو حصل على الحذاء الذهبي بسبعة أهداف، وحل مواطنه أندري زارماخ ثانياً بخمسة أهداف، وبذات الأهداف تساوى معه الهولندي يوهان نيسكنس. البرازيل التي غاب عنها بيليه، ظهرت مهزوزة في هذه النسخة، واستسلمت أمام كرة قدم هولندا الشاملة، فمايسترو وسط منتخب الطواحين الهولندية، لم يعوض غياب بيليه عن هذه النسخة وحسب، بل بفضله ألحقت هولندا هزيمة بالبرازيل 2 – صفر، حمل الهدف الثاني توقيع كرويف. البطولة التي توج بها المنتخب المستضيف، شهدت غياب منتخب إنجلترا لأول مرة بتاريخ المنتخب الإنجليزي، فيما تنازلت روسيا عن مواجهة تشيلي في سنتياغو لأسباب سياسية تمنعهم من السفر إلى القارة اللاتينية، ومع مشاركة منتخب زائير الأولى في كؤوس العالم، قدم مدافعه إلونغا ميوبي مشهداً طريفاً، حين ترك حائط الصد واتجه لإبعاد الكرة قبل أن يلمسها لاعب الخصم في المباراة التي جمعتهم بالبرازيل. البطاقات الحمراء التي تم إقرارها نسخة العام 1970، لم يتم استخدامها في تلك النسخة حيث لم تدعُ الحاجة إليها، لذلك سجل التشيلي كارلوس كازالي نفسه أول لاعب يحصل على البطاقة الحمراء في كؤوس العالم، في مباراة منتخب بلاده أمام ألمانيا الغربية. وعلى صعيد الأولويات لهذه البطولة، فقد شهدت النسخة تسجيل أول حالة سقوط بالمنشطات، حيث لم يتجاوز لاعب منتخب هايتي أرنست سان جوزيف اختبار المنشطات الذي خضع له بعد مباراة منتخب بلاده أمام إيطاليا، ليتم استبعاده من بقية مباريات البطولة وحرمانه من المشاركة في أنشطة رياضية لفترة زمنية. البطولة التي تؤرخ بأنها بداية حقبة الانتفاع بأموال الشركات الراعية، وينسب سبب إقامة دور مجموعات نهائي في البطولة لرغبة الفيفا بالحصول على أكبر قدر من المال بعد زيادة عدد مباريات البطولة، شهدت حادثة اتهام بالسرقة، إذ ادعى مويبو إيلانا أن اتحاد اللعبة في بلاده الكونغو الديموقراطية، سرق رواتب اللاعبين في هذه البطولة، وهو سبب الهزائم التاريخية التي مني بها المنتخب الإفريقي في المحفل العالمي. البولندي غجيغوج لاتو هداف البطولة لحظة تسجيل ألمانيا هدف التعادل من نقطة الجزاء كأس العالم الجديدة إلى جوار الكأس القديمة (كأس جول ريميه) يوهان كرويف النجم الذي قاد هولندا للنهائي منتخب هولندا قدم كرة ممتعة اصطدمت بصلابة ألمانيا