كان الدوري الإنجليزي لكرة القدم فوضوياً من حيث الشغب الجماهيري "الهوليقانز" الذين تسببوا في حرمان الفرق الإنجليزية من المشاركات الأوربية لمدة خمسة أعوام في ثمانينات القرن الماضي، يصاحب هذه الفوضى رداءة في البنية التحتية للملاعب، وضعف في نظام المسابقات تحديداً الدوري الذي كانت منافساته تلعب بنظام التصفيات طوال الموسم بين فرق المقاطعات حتى يصل فريقان للمباراة النهائية والفائز منهما يكون هو بطل الدوري الإنجليزي لكرة القدم. وفي عام 1992 اجتمعت كبار الأندية الإنجليزية كمانشستر والأرسنال وليفربول وتناقشوا مع الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بأن الأندية الإنجليزية تستحق دورياً قوياً وجذاباً لينافس الدوريات الأوربية الكبيرة في ذلك الوقت كالايطالي والإسباني، وليتفوق عليهم ليصبح هو الأفضل على مستوى العالم. وانطلقوا لتحقيق هذا الهدف عبر خطة إستراتيجية توزعت مابين تطوير بيئة الملاعب وإنشاء رابطة للدوري الإنجليزي، يديرها مجلس إدارة يمثل الأندية، لتنظيم الدوري الإنجليزي ورفع مستواه الفني والتجاري ليصبح منتجاً عالي الجودة يسهل تسويقه للرعاة وللقنوات الفضائية. وانطلقت النسخة الأولى من الدوري الإنجليزي عام 1993 بعدد 22 فريقاً تقلص عددها بعد فترة ليست طويلة، ليصبح العدد النهائي 20 فريقاً. والمميز ان الرابطة كانت حازمة وحاسمة في تنفيذ جميع الأنظمة والقوانين على الجميع دون النظر لاسم الفريق وقيمته، وهذا أعطى الدوري هيبة ومنح مجلس إدارته الثقة وبالتالي زادت أهميته وارتفعت قيمته. ولأن الهدف كان واضحاً من البداية والإستراتيجية نفذت بشكل صحيح ومميز، أتت النتائج كما رسمها الإنجليز إذ وُقّع أول عقد رعاية للدوري بمبلغ ثلاثة ملايين باوند عام 1993، وتضاعفت القيمة مع مرور الزمن لتتجاوز 40 مليون باوند سنوياً. فيما النقل التلفزيون قفز من 300 مليون باوند في عقده الأول ليتجاوز خمسة مليارات باوند في العقد الذي سينتهي الموسم الرياضي المقبل، وهذا دليل على أن الدوري الإنجليزي هو الأغلى والأفضل عالمياً بفضل إستراتيجية رسمت بعناية ونفذت بإتقان، ومحركها الأساسي التسويق. وفي المملكة نحاول محاكاة الدوري الإنجليزي عبر جهود تقوم بها رابطة دوري المحترفين السعودي، التي أنشئت عام 2008 تحت مسمى هيئة دوري المحترفين، واستطاعت الرابطة أن تطور من الأمور التنظيمية والتجارية للدوري السعودي الذي ارتفعت قيمته السوقية بفضل الأنشطة التسويقية التي مارستها ومازالت تمارسها الرابطة، أدت لارتفاع قيمة عقود الرعاية والنقل التلفزيوني. وقد رأس الرابطة منذ نشأتها وحتى اليوم أشخاص أضافوا الكثير كمحمد النويصر وياسر المسحل قبل أن يصدر هذا الأسبوع قرار تعيين مسلي آل معمر كرئيس للرابطة بعد تزكيته من قبل مجلس الإدارة، وبعد أن أدعو له بالتوفيق والسداد أنصحه بالتركيز على التسويق إذ إنه عمود النجاح لأي منظمة، وكلي أمل ألا يقتصر دور الرابطة على الأمور التنظيمية بل يتجاوزها ليشتمل على الأمور التثقيفية والتطويرية للبيئة التسويقية في الأندية.